دول الساحل الأفريقي

عبرت دول الساحل الأفريقي الخمس عن قلقها البالغ إزاء تنامي النشاطات الإرهابية في المنطقة، والتي أوقعت أكثر من 500 قتيل خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من العام الحالي (2019)، لكنها أكدت مضيها قدماً في محاربة الإرهاب رغم ضعف الإمكانات.

جاء ذلك في ختام الدورة العادية التاسعة للجنة الدفاع والأمن التابعة لمجموعة دول الساحل الخمس، التي تضم موريتانيا، ومالي، والنيجر، وتشاد، وبوركينا فاسو، وهو الاجتماع الذي احتضنته العاصمة الموريتانية نواكشوط أول من أمس (الخميس) وشارك فيه قادة جيوش الدول الخمس، بالإضافة إلى الجنرال الفرنسي فرنسوا لوكوانتر، قائد الجيوش الفرنسية وقائد قوة «برخان» الفرنسية الموجودة في منطقة الساحل الأفريقي والبالغ قوامها 4500 جندي.

وقرر قادة جيوش دول الساحل المضي قدماً في مواجهة خطر الجماعات الإرهابية، وذلك من خلال «تفعيل وتنسيق الأدوار الدفاعية والأمنية للقوة العسكرية المشتركة للمجموعة»، وقال القائد العام لأركان الجيوش الموريتانية، الفريق محمد الشيخ ولد محمد الأمين، في خطاب ألقاه خلال الاجتماع، إن جيوش دول الساحل «لن تبقى مكتوفة الأيدي» أمام تصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية.

وشدد ولد محمد الأمين على ضرورة الإسراع في جمع تمويلات تعهدت بها المجموعة الدولية لصالح خطة أمنية وتنموية أعلنت عنها دول الساحل الخمس، إلا أنه أكد أنه في انتظار هذه التمويلات يجب اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة للحد من خطر الإرهاب، معتبراً أن المنطقة «تمر بظرفية تشهد تدهوراً مقلقاً للأمن».

وقال القائد العام لأركان الجيوش الموريتانية، إن «اتساع الرقعة الجغرافية لأنشطة المجموعات الإرهابية، والتطور المستمر لأساليب عملها، أمور تدعونا لتوحيد الجهود حتى نتمكن من التعامل بطريقة فعالة مع ظاهرة التطرف العنيف»، ودعا المسؤول العسكري الموريتاني إلى ضرورة «وضع خطة استباقية لمنع وقوع الهجمات الإرهابية، والخروج من منطق ردة الفعل»، على حد تعبيره.

وأشاد القائد العام لأركان الجيوش الموريتانية بالدور الذي تلعبه المجموعة الدولية، وقال: «إن الدور الذي يلعبه شركاؤنا مهم جداً، لا شك في ذلك، لكن في انتظاره لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي؛ كل يوم نتلقى فيه خسائر على الأرض تزيد قوة هذه الجماعات الإرهابية؛ لذا فإننا في سباق مع الوقت».

من جهة أخرى، أثنى قائد الجيوش الفرنسية، الجنرال فرنسوا لوكوانتر، بالتقدم الحاصل، وبالنتائج «المهمة» التي حققتها القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل في حربها على الإرهاب، رغم ضعف الإمكانات المتاحة، وأكد أن فرنسا مستمرة في دعم الجهود المبذولة في المنطقة، خصوصاً على مستوى القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل.

وقال المسؤول العسكري الفرنسي، إن دعم الشركاء الدوليين والممولين لمجموعة دول الساحل سيتواصل بالاعتمادات المالية والسلاح «حتى تتمكن من دحر الإرهاب في المنطقة، وتمكين شعوبها من تحقيق آمالها وتطلعاتها المشروعة في النماء والتقدم»، وفق تعبيره.

أما قائد الأركان العامة للجيوش البوركينية، الرئيس الدوري للجنة الدفاع والأمن في الساحل، اللواء موازي مينينغو، فقد أكد صعوبة الوضع الأمني في المنطقة بالنظر لما تشهده من أعمال عنف على يد الجماعات الإرهابية التي تهدد الأمن والسلم وتعيق جهود النماء والتقدم في دول المجموعة، وفق تعبيره.

وتعد بوركينا فاسو هي الدولة الأكثر تضرراً من الهجمات الإرهابية خلال الأشهر الأخيرة، إلا أن قائد الأركان العامة لجيوش هذا البلد الضعيف والفقير، أكد في خطابه أمام نظرائه في دول الساحل، أن «خطورة الوضع في المنطقة، وضعف إمكانات الدول الأعضاء في المجموعة، لن تحول دون مضاعفة الجهود وتوسيع دائرة عمليات القوة المشتركة، ومواصلة الجهود الإنمائية حتى تتمكن شعوب المنطقة من العيش في أمن».

يذكر أن مجموعة الدول الخمس بالساحل، التي تأسست في نواكشوط شهر فبراير (شباط) 2014 تهدف إلى تنسيق سياسات البلدان الأعضاء من أجل تعزيز الأمن والسلم والتنمية في منطقة الساحل الأفريقي، ووضع قادة دول الساحل في يوليو (تموز) 2017، اللمسات الأخيرة على قوة عسكرية مشتركة يصل قوامها إلى 5 آلاف عسكري تتولى محاربة الإرهاب في المنطقة، لكن نشر القوة يعاني من صعوبات ناتجة من نقص التمويل والتدريب والتجهيز.

وخلال اجتماع نواكشوط الأخير اطلع قادة جيوش دول الساحل على حصيلة عمل اللجنة في مجالي الدفاع والأمن وهيئات التدريس والتدريب العسكري لدول المجموعة، ودراسة الوسائل الكفيلة بتبادل الخبرات والمعلومات الأمنية والتنسيق المشترك وتسيير هيئات التكوين والتدريب ذات الصلة بالعمل الأمني في دول المجموعة، ووضع تصور لعملها المستقبلي