الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي

 أفاد المكتب الصحفي للكرملين السبت 11 يونيو/حزيران بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ناقشا خلال اتصال هاتفي مسائل التعاون بين البلدين.

وذكر المكتب الصحفي في بيان له أن "الزعيمين تطرقا إلى المسائل العملية للتعاون الثنائي، ومن بينها التحضير للقاءات على أعلى المستوى في القريب العاجل".

وأضاف البيان أن بوتين ومودي أكدا نيتهما على مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية ذان طابع الشراكة الاستراتيجية المتميزة على كافة الأصعدة.

واستغل رئيس الوزراء الهندي المناسبة وهنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالعيد الوطني للبلاد - يوم روسيا الذي يصادف الاثنين 12 يونيو/ حزيران.

يأتي هذا الاتصال الهاتفي بعد موجة من رود الفعل في وسائل الإعلام الغربية عن تقارب كبير بين الهند والولايات المتحدة.

وركزت الصحافة العالمية على أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ينظر بعينيه غربا، في إشارة إلى الابتعاد عن روسيا.

وخلال زيارة رئيس الوزراء الهندي أواخر العام الماضي إلى موسكو، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن أن الهند تعتبر من أكثر المرشحين جدارة بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي.

وفي أعقاب محادثات جدية قال بوتين إن الهند وروسيا تدعمان إقامة تحالف واسع ضد الإرهاب لمحاربة "داعش" على أساس القانون الدولي وتحت إشراف الأمم المتحدة، مؤكدا أن ذلك يصب في مصلحة المجتمع الدولي كله.

وأكد بوتين آنذاك على تقارب مواقف موسكو ودلهي حيال أكثر القضايا الدولية حدة، لافتا فيما يخص العلاقات الثنائية بين البلدين إلى الاتفاق مع مودي "على بناء 12 مفاعلات نووية في الهند خلال 20 عاما".

كما يربط البلدان تعاون في المجال الفضائي وفي حقل بناء الصواريخ والمحركات، فضلا عن إجراء الأبحاث الفضائية وتصميم الأجهزة الفضائية، بما فيها الأقمار الأصطناعية الصغيرة وغيرها.

هذا ووقعت روسيا والهند حزمة من الاتفاقيات الثنائية تخص تسهيل الحصول على التأشيرة (الفيزا) لرجال الأعمال في البلدين، وتعزيز التعاون في قطاعات الطاقة النووية والمواصلات والنفط واقترح الرئيس بوتين تنظيم لقاءات لأوساط رجال الأعمال في البلدين مرتين في السنة، معربا عن رغبته بالمشاركة فيها، ومؤكدا أن موسكو مهتمة بزيادة منتوجات الشركات الهندية في روسيا، وبتنشيط تطوير التعاون الثنائي.

وكان رئيس الوزراء الهندي قام بزيارة إلى الولايات المتحدة، ليصبح أحد آخر قادة العالم الذين استقبلهم الرئيس باراك أوباما قبل تركه لمنصبه.

وانتهت المحادثات في واشنطن كما قالت وسائل الإعلام بانعطاف حاد في السياسة الخارجية الهندية تجاه الولايات المتحدة ووضعت حدا لأزمة بين الدولتين ترافقت بفضائح دبلوماسية وبفعاليات مناهضة للولايات المتحدة في دلهي.

وعلى مدى العامين الماضيين، زار مودي الولايات المتحدة أربع مرات، وتطورت علاقته الشخصية بشكل وثيق مع باراك أوباما.

ولا شك في ان التقارب مع الولايات المتحدة سيسمح للهند بالحصول على التكنولوجيا العالية واستثمارات ذات أهمية رئيسية لتحديث الاقتصاد، فضلا عن تنويع مصادر إمدادات الأسلحة.

في المقابل، فإن الولايات المتحدة في سياستها الآسيوية بدأت في الاعتماد على الهند باعتبارها المحرك المستقبلي للاقتصاد العالمي، وباعتبارها سبقت الصين في وتيرة النمو.

وجدير بالذكر أن رئيس الوزراء الهندي أنجز لتوه زيارة للولايات المتحدة دامت 3 أيام ضمن جولة خارجية كبيرة شملت أفغانستان وقطر وسويسرا والمكسيك.

وهذه هي الجولة الخارجية الـ41 لرئيس وزراء الهند الحالي بعد استلامه السلطة في مايو/ أيار 2014.

وكان المذكور قد أعلن أن المهمة الرئيسية في مجال السياسة الخارجية هي تحويل الهند إلى قوة رائدة (ولتحديد هذه الصفة تم في دلهي ابتداع مصطلح جديد –  leading power) وتم التركيز بشكل كبير على الانفتاح على العالم الخارجي، ويأمل مودي أن يتمكن من تنفيذ بنجاح استراتيجيته الطموحة " صنع في الهند" التي تتطلب اجتذاب تريليونات من الاستثمارات الأجنبية. وترى دلهي أن القسم الاكبر من الاستثمارات والتكنولوجيات العالية في إطار برنامج "صنع في الهند" يجب أن يأتي من أمريكا.

من جانبها تنظر واشنطن إلى الهند التي تعيش وتمر بطفرة استهلاكية، تفوقت الهند الصين من حيث النمو الاقتصادي، ليس فقط على اعتبارها واحدة من أكثر الأسواق الواعدة ضخامة ، ولكن أيضا كحليف محتمل من اجل كبح واحتواء النفوذ الصيني المتنامي في آسيا. ويلفت الانتباه في هذه القصة أن مودي وقبل وصوله الى السلطة كان ضمن قائمة "سوداء" أمريكية وضعتها إدارة الرئيس جورج بوش في حينها بعد وقوع أعمال عدائية ضد المسلمين في الولاية الهندية التي كان يرأسها وهو ما تسبب في منع دخوله الى الولايات المتحدة. ولكن المصلحة قبل كل شيء ولذلك تم تناسي كل ذلك بعد وصول مودي إلى هرم السلطة في الهند.

ووضعت الزيارة الحالية ونتائجها نقطة النهاية في الأزمة غير المسبوقة في العلاقات بين نيودلهي وواشنطن، التي وقعت في المرحلة النهائية لحكم الإدارة السابقة لرئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ في الهند.

وخلال زيارته، عقد الزعيم الهندي محادثات لمدة ساعتين مع باراك أوباما، ومنح فرصة التحدث أمام مجلسي النواب والشيوخ وهي فرصة قلما تعطى لزعيم أجنبي وتحدث مع كبار ممثلي البزنس الأمريكي.

وتجدر الإشارة الى ان الاتفاقات التي تم التوصل لها في واشنطن تمس المسائل الحساسة جدا بالنسبة للهند التي كانت روسيا وحتى الفترة الأخيرة، تلعب الدور الرئيسي فيها.

لقد اعترفت الولايات المتحدة لأول بعد هذه المباحثات بأن الهند شريك رئيسي في مجال الدفاع (major defence partner) وهذا الوضع الجديد يفتح أمام مؤسسات الصناعات الحربية الهندية امكانية الحصول وبدون ترخيص على مجموعة واسعة من التكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج وهو أمر لم يكن من الممكن تصوره قبل فترة قصيرة (في الكونغرس الأمريكي لا يزال لديه الكثير من المعارضين لهذا التقارب).

وتم كذلك الاتفاق على ان تقوم الولايات المتحدة بتشييد 6 مفاعلات نووية لتوليد الطاقة في الهند وستنفذ العمل شركة Westinghouse الأمريكية.