تونس ـ حياة الغانمي
كشف الخبير المتخصص في المخاطر المالية مراد الحطاب، أنه على الحكومة أن تدرك أنه لا يمكن تحويل تونس الى "دولة جبائية"، وأن التعامل على المسألة الجبائية لا يمكن أن تتم فقط على أسس "زجرية"، وبخاصة وأن الضغط الجبائي بشكل عام، في حدود 22 بالمائة، والضغط الجبائي على الإجراء في حدود 21 بالمائة".
وأكد الحطاب في حديث إلى "فلسطين اليوم" أن العمل على فرض المزيد من الجباية، لا يشجع على الاستثمار، مشيرا الى وجود 3 أنظمة جبائية في تونس، الى جانب 11 مجلة، تتضمن مقتضيات جبائية.
ولمح الخبير الى أن المنظومة الجبائية في تونس "معقدة جدا"، ولا توفر في بعض الأحيان ضمانات على مستويات عدة، وهو ما يجعل المنظومة الزجرية "غير كافية"، لضمان فاعلية المنظومة.
كما اعتبر أن قانون المال 2017 هو قانون استثنائي، باعتبار أن الضغط الجبائي بلغ الى حدود 22.2 بالمائة، مؤكدًا أنه رغم اللقاءات المتعددة التي تمت بين رؤساء وخبراء اقتصاديين وجبائيين، مع رئيس الحكومة، للتباحث حول قانون المال الجديد، إلا أن القانون الذي صدر جاء مثيرا للجدل. فالإجراءات التي جاء بها تبيّن مدى توسيع ميدان الضرائب، التي وحسب الإحصائيات، فإنها سترتفع بنسبة 15 بالمائة، وقال إنه حسب الوضعية الاقتصادية الحالية، فإن الأمر غير قابل للتحمل، موضحا أن استشراف ما قد يحدث بات شبه مستحيل.
كما شدد الحطاب على أن الإجراءات التي تضمنها قانون المال، والتي خصصت لبعض الأسلاك مجحفة، باعتبار أن جلّ طبقات المجتمع، تعاني من ضغط جبائي بطبعها، معتبرًا أن هذا القانون غير قابل للتحقيق، بل أن تطبيقه سيكون افتراضيا. ولو طبق فستكون عواقبه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وخيمة جًدا وكارثية.
فالدولة التونسية ستتخلى عن دورها كدولة رحيمة واجتماعية، الى دولة ربحية، وهو ما سيضر بالطبقات الفقيرة حيث، وحسب الاحصائيات، ستفوق نسبة الفقر المدقع 13 بالمائة، بينما يعاني 80 بالمائة من التونسيين، من تدهور المقدرة الشرائية. وأشار الى أن المشكل ليس في تجميد الاجور، بل في الاسعار. فلو كان تجميد الاجور لمدة سنيتن يقابله تجميد في الاسعار، لما احتار التونسيون ولما تساءلوا عن مصيرهم.
ولكن المشكل أن تجميد الاجور سيقابله ارتفاع في الاسعار، مما سيعمق نسبة الفقر والاحتياج.
وأوضح الخبير المتخصص أن الإشكال الأعمق هو أن الحكومة لا تبحث عن حلول لتشغيل مليوني عاطل عن العمل، بل أنها توفر لهم صدقات لتسكتهم، والحال أن حل أزمة البطالة لا يكون عبر الصدقات، وإنما عبر التمويل والاستثمار والادخار، وبخاصة وأننا نعاني من عجز في الميزان التجاري بالاضافة الى ارتفاع المديونية.
وفي تعليقه على ارتفاع المديونية، قال مراد الحطاب إنها انحرفت عن مجالها، وباتت غير واضحة المعالم، مؤكدًا أن 67 بالمائة من القروض لا نعلم أين تنفق.
ولهذا يرى أن المديونية في تونس بحاجة الى مراجعة معمقة والى تدقيق، وخصوصًا وأن نسبة كبيرة من هذه القروض، توجه في الخمس سنوات الاخيرة نحو التوريد من تركيا ومن جنوب شرق آسيا، بقيمة 40 الف مليار في السنة.
وأضاف الحطاب أن الغريب في الأمر أن 60 بالمائة من المواد الموردة خطرة على الصحة، ومجهولة المصدر، وتورد بغير الطرق القانونية زيادة، على أننا نصنع منها في تونس. وقد اقترح أن يتم التخفيض في الميزانية المخصصة للتنمية، لا سيما وأنه لا وجود لها وأن الحديث عن التنمية والاستثمار بات يبعث على الريبة.
إذ كثر الحديث عن الصناديق الاستثمارية، وعن ندوة دولية للاستثمار وغيرها من المسائل غير الواضحة، من دون أن يتم تحديد الجهات المنظمة، وتحديد دور تونس فيها، وما ستجنيه من وراء تنظيمها من مشاريع استثمارية ومن عائدات وغيرها.
كما اقترح التخفيض في التدخلات الاجتماعية، الخاصة بالسكن وبالصناديق الاجتماعية. إما فيما يتعلق بالتهريب، فقال إن المسألة معقدة، وتحتاج إلى ما لا يقل عن خمس سنوات، لاحتوائها ولإدماج المهربيين في المنظومة الاقتصادية، والانتفاع منهم عوض محاصرتهم ومعاقبتهم وحرمانهم من موارد رزقهم.