مصطفى فارس الرئيس المنتدب لدى المجلس الأعلى للسلطة القضائية

عبر مصطفى فارس الرئيس المنتدب لدى المجلس الأعلى للسلطة القضائية عن اعتزازه وتقديره بالمشاركة في أشغال الندوة الوطنية حول موضوع ”الإعلام والقضاء …مقتضيات دستورية وانتظارات مجتمعية“، إلى جانب كل من وزير الثقافة الأسبق محمد الأعرجو يونس مجاهد رئيس المجلس الوطني للصحافة وعبد المنعم الدلمي الرئيس المدير العام لمجموعة إيكومديا .

واستهل فارس كلمته بالتذكير على أن بيت الصحافة بمدينة طنجة الذي يحتضن هذه الندوة، تشرف بتدشينه من طرف الملك محمد السادس في ”التفاتة مولوية سامية تعبر عن عناية جلالته الموصولة بأسرة الإعلام وبقيم الحرية والمواطنة والمسؤولية“

وقال مصطفى فارس :” لقد اختار المغرب التوجه نحو المستقبل بمشروع مجتمعي حداثي قوامه الحرية والمساواة والكرامة والمواطنة والمسؤولية، مشروع مجتمعي بدت ملامح خياراته جلية من خلال دستور 2011 الذي يعد من الجيل الجديد للدساتير الحقوقية حيث ضم أكثر من 150 حق دستوري ونص على تأسيس سلطة قضائية مستقلة بروح إصلاحيةجديدة مهمتها حماية هذه الحقوق والحريات وتكريس الأمن للأفراد والجماعات من خلال محاكمات عادلة داخل آجال معقولة“.

واسترسل فارس على أن الاستقلال أحاطه بالعديد من الضمانات الدستورية والقانونية ضمانا لأداء هذه السلطة للمهام الجسيمة المنوطة بها ، بكل حياد ونزاهة وتجرد وصونا لها من كل التأثيرات التي تزايدت بفعل عولمة متسارعة غيرت الكثير من القيم والمفاهيم وتنوعت معها العلاقات وتعقدت وأفرزتممارسات جديدة على كثير من المستويات ومنها الممارسة الإعلامية حيث عرفت طفرة كبرى على مستوى آلياتهاوأشكال اشتغالها وتزايد تأثيرها في تشكيل الرأي العام جعلت منها سلطة حقيقية فاعلة إلى جانب باقي السلط ومنها السلطة القضائية.

وأكد فارس على أن الإعلام والقضاءسلطتان تعتبران ركيزتان أساسيتان لقيام دولة القانون وملزمتان بمد الجسور لبناء علاقة تكاملية تستند على الضمانات الدستورية والقانونية والأخلاقية من أجل تعزيز الشفافية وتكريس الثقة .

حيث زاد موضحاً بأنه هناك قضاء يحمي الحقوق والحريات وإعلام يوجه إلى الإصلاح ويرصد التجاوزات والاختلالات هدفهما جعل تكريس ثنائية الحقوق والحريات والواجب والالتزام كثقافة مجتمعية راسخة.

وواصل فارس حديثه بالقول :”وهو ما يلزمنا بأن نحيي عاليا الدور الوطني الكبير الذي تقوم به نساء ورجال الإعلام ببلادنا من مختلف مواقعهم ومسؤولياتهم من أجل مشروع مجتمعي يؤمن بأنه لا ديموقراطية دون قضاء قوي مستقل وإعلام حر نزيه“.

وأكد ذات المتحدث أنه لا يمكن اليوم أن نكسب رهان ثقة المواطن في العدالة إذا لم يلمس عن قرب الصورة الحقيقية للمجهودات الكبرى التي يتم بذلها والإكراهات المتعددة التي يتم تذليل عقباتهل بكل تفان وإخلاص.

وفي هذا الإطار يبرز الدور الهام الذي يؤديه الإعلام المهني الجاد في إيصال هذه الصورة من خلال تنوير الرأي العام وإبراز الحقائق ودحض التوجهات التبخيسية وتوجيه النقد البناء الذي نطور من خلاله آليات العمل ونقوم به الاختلال.

واعتبر فارس على أن الأوراش الإصلاحية الكبرى التي تعرفها السلطة القضائية ببلادنا أفرزت دينامية إيجابية واضحة سواء في مجال الهيكلة أو التنظيم والحكامة لكن بكل تأكيد يبقى المسار طويل وشاق من أجل تحقيق كافة الانتظارات وعلى رأسها تغيير العقليات والممارسات .

وأشار فارس إلى أنتغيير يبقى من الأدوار الأساسية الهامة التي يجب أن يقوم بها الإعلام من أجل مواكبة هذه المرحلة بكل مهنية ومسؤولية وهنا أركز على ما جاء في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى أسرة الصحافة والإعلام سنة 2002 التي جاء فيها :” وبوصفكم إعلاميين مهنيين فإنكم تتحملون مسؤولية تاريخية لتحقيق هذا المشروع وهي مسؤولية تتقاسمونها مع الدولة ومع كافة الفاعلين في الحياة العامة” .

وزاد قائلا :”إنه لم يعد مستساغا ولا ممكنا اليوم أن تشتغل العدالة في أجواء محاطة بالتكتم، حيث يبرز هنا دور الإعلام في دعم وتحصين العمل القضائي وبالمقابل يبقى القضاء هو الضامن لحرية الإعلام تجاه مجمل التحديات والمخاطر التي تهدده. الحرية المسؤولة المنظبطة لقواعد القانون وأخلاقيات المهنة البعيدة عن الانزلاقات والتجاوزات التي يلاحظ الجميع انتشارها في الفترة الأخيرة بشكل يهدد الكثير من الحقوق والحريات الأخرى الأساسية في البناء الديموقراطي. وهنا لا بد أن أحيي عاليا الجهود الكبرى التي تبذلها العديد من المؤسسات والأطر المهنية الإعلامية من أجل مواجهة هذه الظواهر المسيئة للثقة الواجبة في رسالة ومهنة الصحافة و التي تمس بشكل كبير بقيمها وأدوارها المجتمعية وتجعلها في تماس مباشر مع نصوص القانون وتحت طائلة جزاءاتها المدنية والجنائية“.

وأضاف بالقول :”وإن قناعتنا اليقينية بضرورة المبادرة الجادة والتعاون المثمر، المستمدة من نصوص دستور 2011 عبرنا عنها من خلال تنظيمنا ثلاث دورات سنوية تواصلية تكوينية جمعت أسرتي العدالة والإعلام، كانت إحداها هنا ببيت الصحافة حضرها أكثر من 80 منبرا ومؤسسة إعلامية من أجل مناقشة أهم المواضيع التي تؤطرها هذه العلاقة سواء من الناحية الدستورية والقانونية والقضائية والحقوقية والتنظيمية، شارك فيها ثلة من المتخصصين وعدد كبير من الإعلاميين والصحفيين، وكان من ثمرتهاميلاد جمعية إعلاميي العدالة كنواة لإعلام محترف متخصص في تغطية الشؤون القضائية“.

واستسرل :” كما حرصنا على إحداث ولأول مرة مؤسسة قاض مكلف بالتواصل لدى محكمة النقض وتم إنشاء قناة خاصة بها على اليوتيوب منذ 2013 هدفها تقديم وصلات ذات مضمون قانوني قضائي تثقيفي وإخباري موجه خاصة للفئة الشابة التي تشكل نسبة هامة من مستعملي الانترنيت إيمانا منا بالدور الأساسي الذي يؤديه التواصل والإعلام والحوار في رفع منسوب الشفافية والثقة“.

وزاد :”مبادرات كان الهدف منها أيضا المساهمة في المسار الذي دشنته المملكة من أجل صحافة مهنية مسؤولة وصادقة. وهنا لابد أن أنوه بالدور الهام للمجلس الوطني للصحافة كمؤسسة موكول لها الضبط الذاتي لهذا القطاع وتؤشر على استقلال هذه المهنة الذي يعد إضافة نوعية للمشهد الإعلامي بالمغرب. مجلس وطني يضم في تركيبته قاض يمثل السلطة القضائية وذلك في بعد ذي رمزية كبيرة يؤكد على الارتباط ويحث على التعاون بين المؤسستين“ .

وأوضح فارس أن إذا كان البعض اليوم ينتقد أي محاكمة أو إجراء تضمن شبهة الخروج عن الضوابط القانونية الواجبة، ”فإننا اليوم أصبحنا نشهد أيضا كثيرا من المحاكمات الإعلامية تتفوق فيها المشاعر على الوقائع ويبحث أصحابها عن السبق بعيدا عن الحياد والمهنية والاستقلالية والموضوعية في انفلات واضح وخروج سافر عن الضوابط القانونية والأخلاقية. محاكمات إعلامية توجه اتهامات وتصدر أحكاما وتنفذ عقوبات في حق الأفراد والمؤسسات حتى قبل تقديم شكاية من المتضرر الحقيقي أحيانا،في مس صارخ بقواعد المحاكمة العادلة ومبادئ استقلال القضاء“.

واسترسل :”وهي تجاوزات لا بد أن نتصدى لها جميعا بكل جدية ووفق برامج عمل محددة الأهداف والأولويات.ومن تم فقد وضعنا ضمن المخطط الاستراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية برامج تكوينية وتحسيسية وتواصلية لفائدة المسؤولين القضائيين والإعلاميين الهدف منها خلق مؤسسة قاض مكلف بالتواصل بالمحاكم وبتأهيل قضاة متخصصين في قضايا وملفات الإعلام من خلال توفير تكوينات ملائمة في مجال حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية وغيرها“.

وختم فارس حديثه معتبرا أن المقتضيات الدستورية والانتظارات المجتمعية :”تلزمنا اليوم كسلطة قضائية بتعزيز حرية الصحافة والإعلام لكن وفق مقاربة شمولية داخل منظومة الحقوق والحريات وهي ليست بالمهمة السهلة أو اليسيرة، بل تطالبنا جميعا بأن نهتم أكثر بمجالات التكوين والتخليق والهيكلة بعيدا عن المقاربة الفكرية التجزيئية المترددة وغير الموضوعية“.

وقد يهمك أيضًا:

ملاحظات مبدئية على منتدى الإعلام السعودى

واشنطن تدين التضييق على حرية الإعلام في العراق