القدس-فلسطين اليوم
تعد اتهامات التجسّس من قبل العديد من الصحف لرئيس حزب العمل البريطاني جيريمي كوربين، مضحكة، فهي تذكرنا بالأدعاءات الكاذبة التي قدمتها صحيفة صنداي تايمز في عام 1995 بأن مايكل فوت كان عميلا للمخابرات الروسية، اللعب بالبطاقة الحمراء منذ فترة طويلة هو تكتيك يستخدمه محرري قسم الصحافة الكارهين لحزب العمل، ورفض كوربين الصفحات الصفراء في صحيفة ديلي ميل، وذي صن، وديلي اكسبريس، و ديلي تلغراف كونها سخيفة، مدعيًا أنّ تفاصيل مثل هذه الأوهام تظهر مدى قلق زعماء وسائل الإعلام من احتمال تشكيل حكومة من حزب العمل.
ويشعر هؤلاء الزعماء بالقلق من كوربين بقوله إن "التغيير آتٍ"، وهو تلميح محجوب إلى حد ما، بشأن تشكيله للحكومة البريطانية، حيث إن قيادته ربما تضع القطار الثاني للتحقيق وتفعيل المادة الثانية لقانون الجرائم وقانون المحكمة، ويجبر القانونان وسائل الإعلام التي لا تنضم إلى هيئة تنظيمية معتمدة رسميا على دفع تكاليف لكلا الجانبين في دعاوى التشهير أو الخصوصية، وإذا كان هذا الاحتمال غير مرعب بما فيه الكفاية للمحريين والصحافيين البريطانيين، فإن استجواب كوربين لوجود حرية الصحافة أكثر أهمية، حيث قال إن الصحافة ليست حرة لأن المليارديرات يتحكمون بها، وربما يخلف عدد قليل جدا من الأكاديميين الإعلاميين معه، وهم يقتبسون قول أحد الصحافيين الأميركيين "حرية الصحافة مكفولة فقط لأولئك الذين يمتلكون صحيفة"، ولكن المليارديرات الذين يعتبرون أنفسهم الدعاة الوحيدين لحرية الصحافة يريدون أن يصدق الناس عكس ذلك، وهم يقلبون الحقيقة على رأسها، ويلقيون على أولئك الذين يتساءلون عن حقهم بأنهم أعداء للديمقراطية.
ويمكن القول إن بيان كوربين هو أكبر هجوم صريح من قبل سياسي بارز في العصر الحديث على الأساس الفلسفي لملكية الصحافة، وبهذه الطريقة، ينضم إلى القوى المتزايدة في عدد النقاد على الإنترنت الذين يتصدون للمخرجات التحريرية الرئيسية، ويعترف أيضا بأن هذه العاصفة انفجرت عند نقطة تحول في تاريخ الصحافة من خلال ملاحظة أن نتيجة الانتخابات العامة، التي كان يشوهها باستمرار أوراق مؤيدة لأعضاء حزب المحافظين، أدت إلى زيادة الأصوات في حزب العمل بأكبر نسبة منذ عام 1945، ويشير ذلك إلى أن بارونات الإعلام "يفقدون نفوذهم" و "عاداتهم السيئة القديمة أصبحت أقل أهمية"، وإذا كان الأمر كذلك، هل من الأفضل التحوّل إلى الجانب الآخر، والسماح لهم القيام بالأسوأ، والقيام بعمليات التشويه؟، ولكن يبدو أن الناخبين غير متحمسين للدعاية والأخبار الوهمية، وهذه فكرة جيدة من الناحية النظرية، ولكن تعد الحقيقة الجزء الباقي من وسائل الإعلام، بما في ذلك المذيعين الإخباريين، والذين يشعرون بضرورة اتباع زمام المبادرة الرباعية للجريدة الحمراء، ولا يمكن إنكار أن صحيفة ديلي ميل، وضعت أجندة لتبعها وربما مثل هذه الظروف وضعت مصداقية أعلى لهذه الاتهامات.
وعلى الرغم من التراجع في التداولات ونتائج الانتخابات العامة، فإن هذه الصحف تحتفظ بقدر من التأثير، ولم يخلق كوربين هذا النوع من وحدة الطعن الفورية التي كانت سمة مميزة لقيادات توني بلير، لكنه لا يستطيع تحمل الكذب، وما يجب على كوربين تجنبه هو فعل الكثير في المركز الأجنبي لمالكي الصحف، فالمليارديرات لا يختلفون في ممارستهم على سلطة الصحافة أو التدخل في الشؤون التحريرية لألقابهم، أي عليه تجنب تحدي حق المالك الحصري في الكلام نيابة عن الشعب، هذه الأسطورة التي التي يحاولن جعلها دائمة، وهذا هو سبب تحذير كوربين واستخدامه شعار أن "التغيير آت".