القاهرة ـ شيماء مكاوي
كشفت خبيرة التنمية البشرية والمعالجة النفسية الدكتورة زينب مهدي، أن غياب الآباء سبب في انحراف الأبناء، خصوصًا في فترة المراهقة.وأفادت مهدي في حديث لـ "فلسطين اليوم"، حول دور الآباء في حياة أبنائهم: "يوجد العديد من الأسر العربية التي تفقد الأب لأسباب كثيرة منها العمل في الخارج، ومن هنا يذهب الأب إلى أي دولة سواء عربية أو غربية ويبدأ في العمل الجاد حتى يجمع العديد من المال ليكون هذا المال سبب في تأمين حياة أطفاله فيما بعد، ولكن الأب هنا دوره يقتصر على الدور المادي بمعنى أن الابن يرى أن الأب هو عبارة عن آله يأخذ منها المال وقتما يشاء ولكنه لا يعلم أن المادة وحدها لا تكفي في تربية الأبناء حيث أنه الإنسان يمر بالعديد من المراحل النمائية ومن أخطرها الطفولة والمراهقة لأن هذه المراحل تؤثر في مرحلة الشباب والرشد فيما بعد وبالتالي إما يخرج من مرحلة المراهقة وهو شاب نافع ينتفع به المجتمع أو شاب سيء وفاسد يصبح عبئًا على المجتمع ويفسد في المجتمع".
وأضافت: "الأم وحدها غير قادرة على تربية الطفل وخصوصًا الولد لأن تربية الولد تختلف بشكل جذري عن تربية البنت حيث أنه البنت من السهل جدًا أن تتأثر بالأم وتسمع كل ما تقوله دون مشقه، أما الابن يحتاج من وقت إلى آخر للأب لأنه من الجنس نفسه وبالتالي يشعر الولد حتى بعدما يصل إلى مرحلة الشيخوخة أنه يعاني من نقص شديد وهو احتياجه لرمز القدوة والأبوة".
وتابعت: "السبب الآخر في فقدان الأب هو الوفاة وهذه ليست بيد إنسان بل بيد المولى سبحانه وتعالى حيث أنه في هذه الحالة لابد أن يحل العم أو الخال محل الأب ويبدأ كل منهم يعطي الحب والحنان للابن حتى لا يشعر بالنقص والحرمان من الأب الذي توفي وباقي زملاء الابن في المدرسة أبائهم معهم فهذا لابد أن يتم علاجه بمشاركة الأسرة بأكملها حتى لا يتعرض الولد للانحراف".
واستطردت: "لابد من إتباع الأسس العلاجية للحفاظ على الصحة النفسية للطفل والمراهق، فالطفل منذ بداية ميلاده لابد أن يقضي الأب معه وقتًا ولو قليلًا مثلا ساعة واحدة في اليوم حتى يبدأ الطفل في تمييز صوت الأب وشكله من بين باقي الرجال، ولابد أن يقوم الأب بفعل العديد من السلوكيات الإيجابية أمام الطفل حتى يبدأ الطفل في تخزنها في عقله وبعدما يكتمل نموه يبدأ في الاقتداء بالأب في أفعاله الإيجابية وبالتالي يشعر الابن بدور الأب في الأسرة ويشعر فيما بعد بمعنى كلمة القدوة ألا وهي الأب".
وأردفت الدكتورة: "لابد أن تعزز الأم دور الأب في نفس الطفل حتى يحترم أبيه، وفي حالة أن الأب غائب لظروف مادية لابد أن يقضي مع أسرته ولو على الأقل من شهرين إلى 5 أشهر في العام، ويحبذ أن تكون هذه المدة متقطعة وليست متصلة حتى يرى الابن أبيه أمامه من وقت لآخر، ونمنع إطلاقا انقطاع الأب المفاجئ عن أسرته فهذا سوف يجعل الطفل يشعر بالفراغ القاتل ويبدأ في البحث عن أي شيء يملأ هذا الفراغ فلا يرى أمامه إلا أصدقاء السوء ومن هنا يبدأ الولد في مرحلة الانحراف ويبدأ في الابتعاد عن الأسرة بكل أعضائها لأنه لم يجد الراحة النفسية معه وللأسف يقع في المحرمات مثل الإدمان سواء إدمان الخمور أو المخدرات بأشكالها ثم مرحلة أكثر انحرافًا وهي ممارسة الغريزة مع فتيات الليل وبهذا سوف يصل الابن إلى أقصى مراحل الانحراف التي تعجز الأم تمامًا في علاجها بمفردها ولو رجع الأب في هذه الفترة سوف يجد معاملة قاسية جدًا من الابن لأن الولد في هذه الفترة يرى أن السبب في فساد أخلاقه ومستقبله هو الأب لأنه لم يهتم به ولم يسمع مشكلاته التي تواجهه ولم يقدر مشاعره وحبه".
وأضافت: "في حده الحالة يبدأ الولد في الابتعاد عن الأسرة بأكملها ولم يعد الأب هو الشخص المؤثر في نفس الطفل وهذه المشكلة تحتاج التصاق الأب بالأسرة حتى يقوم بتغيير عادات أسرة بأكملها، ويبدأ الأب في استخدام وسائل الثواب والعقاب المحبذة حتى يعود الابن مرة أخرى إلى أحضان أسرته التي تخاف عليه وتحبه وتريد أن تراه أفضل ابن في الدنيا، فعلى كل أسرة أن تعرف أن المراهق ليس طفلًا ولكن نفسيته متذبذبة جدًا ومن يثبتها على الصواب هم أعضاء الأسرة الصالحة عن طريق الاحتواء والحب والاهتمام المناسب وليس الاهتمام الزائد حتى لا ينحرف المراهق".