القاهرة -شيماء مكاوي
اكتشف الطبيب المصري الدكتور مجدي بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، و استشاري الأطفال و زميل كلية الدراسات العليا للطفولة في جامعة عين شمس طبية حديثة، عن طريقة مبتكرة لعلاج مرض التوحد عند الأطفال ، حيث وجد أن للموسيقى والرياضات تأثير فعال في علاج هذا النوع من المرض .
وتحدث الدكتور مجدي بدران إلى " العرب اليوم " عن تلك الدراسة وقال " بعد إجراء العديد من الدراسات المتعلقة بتأثير الموسيقى على الكائنات الحية وجد أن الأبقار تشعر بالاسترخاء بشكل مثير للدهشة عند الاستماع إلى الموسيقى الهادئة ، و تنتج المزيد من الحليب، ووجد أيضًا أن الموسيقى تزيد من إنتاجية العاملين، و إبداعاتهم حيث إن العاملين الذين استمعوا إلى الموسيقى أنجزوا مهامهم بسرعة أكبر ، وخرجوا بأفكار أفضل من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك، لأن الموسيقى حسنت أمزجتهم، لافتًا أن الموسيقى تهدئ من روع المرضى وتحسن المزاج و تريح العقل وترخي الجسد، و هناك مستشفيات تحضر المرضى للعمليات الجراحية بالموسيقى وتصبح الموسيقى أول ما يستقبل المرضى بعد الإفاقة من التخدير، و العلاج بالموسيقى يفيد في علاج وتأهيل الأطفال من أمراض التخاطب ، و التأخر العقلي ، و نقص الانتباه ، و ضعف التركيز ،و المشاكل السلوكية ، و الاكتئاب ".
و تابع " الموسيقى أيضًا تحسن فقدان القدرة على الكلام ، و هناك أدلة متزايدة حديثة على أن العلاج بالموسيقى يحسن مهارات الاتصال في مختلف الاضطرابات العصبية و تحفيز مناطق المخ المشاركة في المعالجة العاطفية و التحكم في الحركات, وتحسين فقدان القدرة على الكلام خاصة في الأفراد المتضررين من السكتة الدماغية ، و الاستماع للموسيقى المحببة يحسن أداء القلب ويزداد الأثر بالرياضة، و الموسيقى الهادئة تقلل من عدد ضربات القلب الزائدة ، و ضغط الدم المرتفع ، و الألم خلال عمليات القسطرة و ثقب غشاء البلوري الذى يحمى الرئتين" .
وأوضح د. بدران دراسته الحديثة قائلًا " إن أطفال الأوتيزم ( التوحد ), أطفال يعانون من مشاكل في اللغة والتخاطب ، و لا يميلون لمشاركة الأطفال الآخرين في اللعب ، و ينفعلون و يغضبون عند محاولة التدخل في خصوصياتهم , و كأنهم يعيشون مع أنفسهم فقط , لا يهتمون بمن ينظر إليهم وكأنهم لا يرونه ,و لا يستجيبون لمن يتحدث معهم وكأنهم لا يسمعونه ، حيث إن مصطلح الأوتيزم اشتق من كلمة "أوتوس" وتعني النفس أو الذات , فهم يعيشون مع أنفسهم" .
و تشتمل اضطرابات الأوتيزم مجموعة من المشاكل العصبية التنموية التي تبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة, وتتميز بانخفاض التواصل والتفاعل الاجتماعي، والتواصل اللفظي وغير اللفظي، مع أنماط سلوكية مقيدة و متكررة و يصيب الأوتيزم من 1 %- 2 % من الأطفال في العالم , و واحد من أصل 68 طفلًا الآن في الولايات المتحدة الأمريكية , و يصيب الأطفال الذكور أربع مرات ونصف أضعاف البنات .
واكتشف الدكتور "بدران" أن الجديد في علاج الأوتيزم الذي قام بتطبيقه فعليًا هو اتباع الحمية الغذائية للطفل, و البرمجة المناعية للتخلص من التحسس الغذائي لبعض الأغذية كمنتجات القمح و الألبان ، ثم وجد فوائد عديدة واضحة للموسيقى في علاج أطفال الأوتيزم خاصة المصاحبة للتمارين الرياضية ، قائلًا " يقوم الطفل بالمعالجة البدنية والذهنية للموسيقى ، حيث يتعلم الحركة و المشي في اتزان ، و ينفذ الحركات مع نغمات موسيقى محددة ، و تكرار الاستماع , و التنفيذ يمكن مخ الطفل من صياغة مسارات جديدة , و التنسيق بين الجانب الأيمن والأيسر للمخ , ومنها الاتصال بالعالم الخارجي و المحيطين ، من خلال حركات الجسم ، و روح اللعب و الحركة ، و تنعش التفاعل الاجتماعي , و بالتدريج يبدأ الطفل في التعبير عن الذات مما يمهد للتعبير اللفظي ومن ثم علاجه ، كما أن ممارسة التمارين الرياضية في جماعة يكسب الاتصال و حب الصداقات و الشعور بأن الطفل ليس وحده وأنه مع آخرين يفعلون مثل ما يفعله وفي ذات التوقيت ، و العلاج بالحركة والموسيقى يمكن أن يدعم الآباء والأمهات في تشكيل علاقات دافئة متعاطفة مع أطفالهم , و يكسب الأطفال الثقة بالنفس، و الانضباط الذاتي، والفرح بالحركة, و التوازن، والقوة، والقدرة على التحمل، والمرونة , و المثابرة , و تحسين قوة العضلات، و تنسيق الجسم، التخطيط الحركي، الانضباط، و الثقة بالنفس، و المهارات الاجتماعية " .
وحذر د. بدران من الأصوات المرتفعة الناتجة من آلات العزف الموسيقية و الميكروفونات والسماعات الصاخبة التي يستخدمونها في المدارس لأنها تسبب الإزعاج للأطفال أثناء اليوم الدراسي، وتؤثر على حاسة السمع وربما تسبب الصمم أو تعجل به ، و تسبب التوتر ، و تقلل المناعة بتنشيطها كيمياء الغضب ، مطالبًا بإعادة الاهتمام بالموسيقى في المدارس لتحفيز الأجيال على النهل من كنوز المعرفة.
و أوصى باستخدام الموسيقى في تعليم الأطفال, فهي تحد من توترهم , وتزيد من جذبهم للعمليات التعليمية , وتوسع مداركهم ، و تعزز قدرة الطالب على أداء المهارات اللازمة للقراءة بما في ذلك الاستماع، والتوقع، والتنبؤ، وتدريب الذاكرة، ومهارات استدعاء، وتقنيات التركيز ، و تساعد الطلاب على العد، والتعرف على الأشكال الهندسية، وفهم النسب .