هاجس أنفاق "حزب الله"

ظهر هاجس أنفاق "حزب الله" شمالاً في إسرائيل، لاسيما بين سكان مستوطناتها في شمال فلسطين، فيما جيش الاحتلال لا يؤكد ولا ينفي أن لدى الحزب "أنفاقًا هجومية" عابرة للحدود.

ويقيس الإسرائيليون أداءهم وقدراتهم ونتائج عدوانهم ، منذ بدء العدوان على قطاع غزة، على حرب لبنان السابقة والمقبلة، وأسئلة المسؤولين الإسرائيليين، وتبعاً لهم الخبراء والمحللين، لم تتوقف منذ الرصاصة الأولى في غزة "كيف يفهم حزب الله هذا؟ وكيف يفهم ذاك؟"، إلا أنَّ الأيام الأخيرة للعدوان شهدت تظهير هاجس قديم ـ جديد، ولا يقاس بما واجهه الاحتلال في القطاع مع أنفاق "حزب الله الهجومية".

وبدأت القضية تتفاعل منذ اسابيع بعد أن زاد مستوى ضغط المستوطنات على الحكومة والمؤسسة العسكرية، حيث جمع قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي اللواء يائير غولان، مسؤولي المستوطنات بهدف "تهدئة روعهم"، لاسيّما بعد توقيع أكثر من 3000 مستوطن، على عريضة تطالب الجيش بالتدخل، قائلين في عريضتهم "الوقت ليس وقت دفن الرأس في الرمال، فدمنا ودم أولادنا ليس مباحًا، وللأسف، فإن عملية (الجرف الصامد) في غزة أظهرت كم أنَّ هذه الظاهرة (الأنفاق) خطيرة ومعقدة، وعلينا أن نتعامل معها كتهديد استراتيجي لأنها قد تؤدي إلى نتائج كارثية".

وادّعى مقاول إسرائيلي أنّه عثر على علامات تشير إلى وجود بنى تحتية تحت الأرض، بعدما استدعاه مستوطنون من كيبوتس "زرعيت"، في شمال فلسطين، على الحدود مع لبنان، للتأكّد من طبيعة أصوات الحفر التي كانوا يسمعون تحت غرف نومهم لأشهر.

وتأتي أقوال المستوطنين في ضوء هاجس أنفاق المقاومة، سواء في غزة، والتي كانت بمثابة المصيدة لجيش الاحتلال في عدوانه الأخير على القطاع، أو أنفاق "حزب الله" اللّبناني، التي توصف بأنها أخطر وأكثر تجهيزًا من أنفاق المقاومة في غزة، بل قالت مصادر إسرائيلية أنَّ "أنفاق حماس لعب أطفال أمام أنفاق حزب الله".

وفي حين يتواصل الحديث في صفوف الإسرائيليين بشأن ما يوصف بـ"شبح الأنفاق"، أشار موقع "واللا" الإسرائيلي، الثلاثاء، إلى أنه "على الرغم من انتهاء الحرب الأخيرة على قطاع غزة (الجرف الصامد)، إلا أن الحديث عن خطر الأنفاق الهجومية في الجنوب، ومسألة وجودها في الشمال لا يزال قائمًا".

وأبرز الموقع أنَّ سكرتير كيبوتس "زرعيت" عوفر شمير، بعث أخيرًا رسالة حادة إلى القائد العسكري الإسرائيلي لمنطقة الشمال، يائير غولان، يعبر فيها عن مخاوف المستوطنين من وجود أنفاق هجومية تبدأ من لبنان وتدخل إلى داخل إسرائيل قرب منازلهم.

وأوضح أنّه "تمّ استدعاء مقاول خاص، وباستخدام تكنولوجيا بسيطة تم العثور على مسار نفق يسير تحت الكيبوتس، يبدأ من قرية مروحين في جنوب لبنان، ويصل إلى المخرج الجنوبي من الكيبوتس".

وطلب شمير من غولان أن "يأخذ الموضوع بمنتهى الجدية، مبيّنًا أنّه "ليس الحديث عن مجموعة من الخائفين، وإنما عن سكان الشمال المجربين، الذين يعيشون قرب السياج الحدودي على مر الأعوام".

ويجزم شمير بوجود نفق يصل إلى كيبوتس "زرعيت"، وذلك في رسالته التي بعث نسخًا منها إلى رئيس الحكومة وإلى مراقب الدولة ووزير الأمن ورئيس أركان الجيش.

ولفت موقع "واللا" إلى أنّ "العاصفة الجديدة قد ثارت قبل شهر ونصف، وذلك مع نشر شهادات مستوطنين يعيشون في البلدات الشمالية المحاذية للحدود مع لبنان تتضمن سماعهم لأصوات عمليات حفر".

ويدّعي مستوطنون كثيرون أنهم سمعوا أصوات حفر تحت غرف نومهم، كما عبروا عن استغرابهم من رؤيتهم منذ أعوام لشاحنات محملة بالأتربة وهي تدخل وتخرج تباعًا من دفيئات زراعية جديدة أقيمت في لبنان.

وكتب شمير في رسالته إنه كانت هناك تحذيرات من الأنفاق منذ العام 2009، تضمنت إشارة إلى مسارات الحفر، وذلك بناء على شهادات تم جمعها من مزارعي المستوطنات في المنطقة.

ونقل عن المقاول ساسون يحزقيئيل قوله إنه وصل إلى كيبوتس "زرعيت" لإجراء فحص بواسطة تقنيات بدائية ومعروفة يستخدمها خلال عمله الجاري لفحص البنى التحتية القائمة تحت الأرض، وزعم أنّ "الفحوصات التي أجراها تشير إلى وجود نفق يبعد 50 مترًا عن منزل مواطنة تحدثت عن سماعها أصوات الحفر تحت الأرض، وأنّ النفق يأتي من جهة جنوب لبنان".

وأعرب مستوطنون من الكيبوتس عن أنّهم "ليسوا على استعداد للمخاطرة، ويطالبون بنفي أو تأكيد الشكوك بشأن الأنفاق الهجومية".

في المقابل، كشف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنَّ "الجيش يجري عمليات أمنية في المنطقة الحدودية، مع التركيز على المركبات الدفاعية والمعلومات الاستخبارية المتنوعة، ومع الأخذ بالحسبان أن الأنفاق تعد ضمن مختلف التهديدات القائمة في المنطقة".

وأكّد أنّه "جرى فحص الادعاءات بسماع أصوات حفر في المنطقة، وأن الفحص ينفي وجود نفق"، مشيرًا إلى أنه "في أعقاب التوجهات الأخيرة، فإن محادثات ستجري مع السكان لتوضيح المسألة"، مبيّنًا أنّه "يجري العمل على تطوير تكنولوجيا جديدة للكشف عن الأنفاق الهجومية".