وصلت الأزمة القانونية القائمة في دار الفتوى بين مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني من جهة والمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى المنتهية ولايته من جهة ثانية، إلى ذروتها بعد توقيع أعضاء من الهيئة الناخبة على عريضة لعزل المفتي قباني من منصبه وتتضمن طلبًا بانتخاب مفت آخر. وأوضح أمين عام المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الشيخ خلدون عريمط، الذي يخوض مواجهة عنيفة مع المفتي قباني منذ عزله من موقعه أمينًا عامًا للمجلس الشرعي الإسلامي قبل نهاية ولايته، أن "القضية ليست قضية عريضة بقدر ما هي قضية تصحيح المسار في دار الفتوى، والهيئة الناخبة التي أعطت الثقة للمفتي ليكون مفتياً للجمهورية، تداعت الآن وهي تعمل على سحب الثقة نتيجة العديد من التراكمات التي حصلت في السنتين الأخيرتين من قبل المفتي قباني"،وقال أن "من حق الهيئة الناخبة حجب الثقة ضمن القوانين المرعية الإجراء والأسباب الموجبة". وقال "هذه الهيئة الناخبة المؤلّفة من وزراء، ونوّاب، وقضاة، شرعيين حاليين، وسابقين، إضافة إلى أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى توفرّت لديها أسباب موجبة ومن حقها أن تتقدم بطلب إلى رؤساء الحكومات بصفتهم أعضاء طبيعيين في المجلس الشرعي الإسلامي، والأخير ينظر في الموضوع، ولكن أين ومتى وكيف سيُنفّذ قرار الهيئة؟. فهذا الأمر يُترك للمرجعية السياسية المتمثلة برؤساء الحكومات السابقين وأعضاء المجلس الإسلامي، بحيث يتّخذون القرار المناسب في ضوء المصلحة الإسلامية والوطنية". وأضاف، "إذا رفض الدخول في عدد الموقعين على العريضة"، قال أنها "ضمن الأطر القانونية وتجاوزت المطلوب"، ومشيراً أن "الهدف الأساسي من هذه العريضة المصلحة الإسلامية والمصلحة اللبنانية، لأن دور المسلمين كان ولا يزال وسيبقى أساسيًا في الوحدة الوطنية والعيش المشترك". وذكّر عريمط رداً على موضوع أن "مفتي الجمهورية الأسبق محمد علايلي، استقال من منصبه وانتخب بعده المفتي الشهيد حسن خالد، أما موضوع تقصير الولاية وعزل مفتي الجمهورية فيحصل للمرة الأولى الآن"، محمّلاً المفتي قباني "مسؤولية وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، لأنه لا رغبة لدى أعضاء الهيئة الناخبة بهذا التوجّه، لكن ممارسات المفتي قباني في البقاع وصيدا، والأمانة العامة للمجلس الشرعي وفي المجلس الشرعي الإسلامي، إضافة إلى القرارات التي تُشكّل خطراً على الدور الإسلامي في البلد، هذه كلّها دفعت بالهيئة الناخبة إلى التحرّك، خصوصاً أن المفتي قباني وصل إلى مرحلة رفض فيها أي تواصل أو تشاور مع احد أركان المسلمين في البلد". وختم "دار الفتوى ليست ملكاً شخصياً بل هي ملك عام تعني المسلمين واللبنانيين، وهذه العريضة التي ستُقدّمها الهيئة الناخبة هي الخطوة الأولى نحو ما يُمكن أن يُتّخذ من قرارات في شأن تصحيح المسار في دار الفتوى". وفي الجانب الأخر، قال المدير العام للأوقاف الإسلامية وخطيب مسجد محمد الأمين والموالي للمفتي قباني الشيخ هشام خليفة أن "العريضة سابقة خطيرة جداً، وسلبية، وتفتح الباب إمام إشكالات لن تستطيع لا الطائفة السنّية ولا سواها من الطوائف اللبنانية تحمل تبعاتها ونتائجها". وقال "نحن نعتبر أن موقع المفتي ومركزه هو بقوة الدستور، وبالتالي فان ما كرّسه الدستور لا يقبل عزل المفتي بعريضة من أي جهة أتت وإلا لكان لكل مجموعة لبنانية أن تعترض بهذه الطريقة فنقع في خلل دستوري وفوضى قانونية". وأضاف قائلاً "أما مقولة الجهة التي تعد العريضة أن هناك رأيًا للهيئة الناخبة، فإننا نرد أن لهذه الهيئة الحق لإبداء الرأي في مواضيع معينة، لكن ليس من حقها المطالبة بعزل أو إبقاء مفتي الجمهورية". وأوضح أن "القانون المرعي الإجراء نصّ على ثلاث حالات لعزل المفتي أو استبداله وهي: - الوفاة. - أن يكون مريضاً بمرض يتعذر معه القيام بمهماته. - أن يرتكب أمرًا خطيرا.ً وأضاف خليفة أن "الكل يشهد أن المفتي قباني لم يرتكب أي شيء خطير يوجب المباشرة في عزله أو استبداله. أما ما يتحدث عنه الطرف الآخر، فهو رأي خصم لا يعتد به، وهو يندرج في خانة التخوين الشائعة في هذه الأيام وهي إحدى آفات حياتنا السياسية". وختم "يقولون أن العريضة ستكون سابقة، ونحن نقول أنها سابقة خطيرة جدًا وسلبية وتفتح الباب إمام إشكالات لن تستطيع لا الطائفة السنّية، ولا سواها من الطوائف اللبنانية، تحمل تبعاتها ونتائجها"