رئيس حكومة الوفاق فايز السراج خلال مؤتمر صحافي في طرابلس

 اثار وصول رئيس حكومة الوفاق الليبية المدعومة من الامم المتحدة فايز السراج الى طرابلس بشكل مفاجئ الاربعاء يرافقه عدد من اعضاء المجلس الرئاسي الليبي حالة من التوتر الامني فيما دعته السلطات المحلية المعارضة الى المغادرة.

وسمعت اصوات اطلاق النار والقذائف المدفعية في عدة انحاء من العاصمة الليبية في ساعات المساء الاولى، حيث عمت حالة من الهلع وخلت الطرقات التي عمد مسلحون الى اغلاق بعضها بوجه السكان الذين هرعوا للعودة الى منازلهم.

ولم يعرف على الفور مصدر وسبب اطلاق النار، في حين يثير وصول السراج المخاوف من اشتباكات مسلحة في طرابلس بين السلطات المحلية التي يساندها تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى "فجر ليبيا"، والجهات المؤيدة لحكومة الوفاق.

ويعارض حكومة الوفاق مجلس الوزراء والبرلمان المقربان من تحالف "فجر ليبيا" في طرابلس، وكذلك الحكومة الاخرى القائمة في الشرق التي تحظى بدعم البرلمان المعترف به دوليا.

وكان السراج الذي يتراس حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي الذي يضم تسعة اعضاء يمثلون مناطق ليبية مختلفة، وصل الى قاعدة طرابلس البحرية بشكل مفاجئ ظهر الاربعاء قادما على متن زورق تابع للبحرية الليبية من مدينة صفاقس التونسية.

- على متن زورق ليبي -  

وقال السراج في بيان صحافي تلاه في القاعدة البحرية امام مجموعة من الصحافيين "بحفظ الله وسلامته، وصل رئيس واعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني (...) الى عاصمتنا الحبيبة طرابلس، كانت الرحلة التي انطلقت ليل امس من ميناء صفاقس على متن احد الزوارق التابعة للبحرية الليبية".

واضاف والى جانبه ستة من اعضاء المجلس الرئاسي "اننا في هذه اللحظة التاريخية المباركة بإذن الله نعلن لأبناء شعبنا الكريم مباشرة حكومة الوفاق الوطني لمهامها من العاصمة طرابلس، وكذلك بدء مرحلة جديدة من الحوار والتواصل الداخلي".

وتابع السراج ان "حكومة الوفاق (...) تعلن وصولها الى العاصمة طرابلس بطريقة امنة، كنا حريصين على الا تراق فيها قطرة دم واحدة".

وكان في استقبال السراج واعضاء المجلس الرئاسي كبار ضباط القاعدة البحرية ومسؤولين محليين بينهم حارس الخوجا، وزير الداخلية في السلطة غير المعترف بها في طرابلس، ما يؤشر الى وجود انقسام داخل هذه السلطة.

وفرضت اجراءات امنية مشددة في محيط القاعدة البحرية الواقعة في شمال طرابلس، وقامت قوة من عناصر من الشرطة وقوات خاصة تابعة لوزارة الداخلية بحماية مدخلها ومنعت الصحافيين من الدخول حتى وقت تلاوة البيان.

وفي داخل القاعدة، انتشر مسلحون ليبيون بثياب مدنية قرب مقر تلاوة البيان عملوا على تامين الحماية للسراج ولاعضاء المجلس الرئاسي المنبثق عن اتفاق سلام وقعه برلمانيون ليبيون بصفتهم الشخصية برعاية الامم المتحدة في كانون الاول/ديسمبر.

- دعوة الى المغادرة -

وتلقت سلطات العاصمة التي حاولت منع السراج من دخول المدينة اكثر من مرة عبر تعليق الملاحة الجوية في مطارها، خبر وصول السراج بالرفض، ودعته الى المغادرة متهمة اياه بالتسلل والدخول بطريقة غير شرعية.

وقال رئيس الحكومة غير المعترف بها دوليا خليفة الغويل في بيان تلاه عبر التلفزيون "على المتسللين غير الشرعيين ان يسلموا انفسهم او ان يعودوا من حيث اتوا"، مضيفا "دخولكم غير شرعي، تتحملون نتائجه الشرعية والاخلاقية والقانونية".

بدوره قال نائب رئيس البرلمان غير المعترف به في طرابلس عوض عبد الصادق في تصريح لقناة النبأ الفضائية "نحن في حل من اي التزامات تترتب على دخول ما يسمى بالمجلس الرئاسي".

وتابع "دخلوا بطريقة غير شرعية وغير رسمية للاراضي الليبية، دخلوا خلسة بترتيب مع بعض العسكر وبعض الخونة لادخال البلاد في نفق مظلم".

في مقابل ذلك دعا مارتن كوبلر ممثل الامين  للامم المتحدة في ليبيا الى "انتقال سلمي ومنظم للسلطات" بعد وصول السراج.

وقال في تغريدة على تويتر ان "وصول المجلس الرئاسي الى طرابلس يمثل خطوة مهمة في الانتقال الديموقراطي في ليبيا والمسيرة نحو السلام والامن والازدهار".

ورحب الاتحاد الاوروبي بخطوة السراج، بينما اعتبر وزير الخارجية الاميركي جون كيري في بيان انه "بامكان الحكومة الآن ان تبدأ عملها الحاسم في التصدي للمروحة الواسعة من التحديات السياسية والامنية والاقتصادية والانسانية التي تواجه ليبيا".

ويتطلع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الى التعامل مع حكومة ليبية موحدة في مواجهة خطر تمدد تنظيم الدولة الاسلامية وتدفق اللاجئين غير الشرعيين من ليبيا الى اوروبا.

- اقتحام قناة النبأ-

وولدت حكومة الوفاق الوطني بموجب اتفاق السلام الموقع في كانون الاول/ديسمبر، واختار تشكيلتها المجلس الرئاسي الليبي.

وينص الاتفاق على ان عمل حكومة الوفاق يبدأ مع نيلها ثقة البرلمان المعترف به، لكن المجلس الرئاسي اعلن انطلاق اعمالها استنادا الى بيان تأييد وقعه مئة نائب من اصل 198 بعد فشلها في حيازة الثقة تحت قبة البرلمان.

وتلقى سكان في العاصمة التي تعاني من اوضاع اقتصادية صعبة بسبب النقص في السيولة في المصارف وارتفاع الاسعار، خبر وصول السراج والمجلس الرئاسي بالترحيب على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الطرقات عبر اطلاق ابواق سياراتهم.

غير ان سكانا اخرين يتخوفون من تبعات الوصول الى المدينة من دون اتفاق مسبق مع الجماعات المسلحة التي تتولى مسؤولية الامن فيها.

ومساء، اقتحم مسلحون مقر قناة "النبأ" الفضائية القريبة من حكومة طرابلس واجبروا العاملين فيها على مغادرتها بعدما اوقفوا بثها، بحسب ما افاد صحافيان يعملان في القناة وكالة فرانس برس.

في موازاة ذلك، اعلنت الخطوط الجوية الليبية وشركة الخطوط الافريقية على صفحتيهما في موقع فيبسوك الغاء رحلاتهما الى طرابلس نظرا "للظروف الامنية" فيها.