سأل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي عن معنى مفاهيم أساسيّة تحطمت امام مجزرة الغوطة في دمشق وما يجري يوميا في سورية  مثل حقوق الانسان والقانون الدولي والمواثيق والأعراف والاتفاقيّات، وعن أدوارٍ مفترضة لمؤسسات دوليّة غائبة تتقاذفها مصالح الدول وتجعل تطبيق المبادىء الانسانيّة المفترضة مسالة في غاية الانتقائيّة والعشوائيّة أدلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالتصريح التالي:أمام هول المشاهد الفظيعة التي بثتها شاشات التلفزة لمجزرة الغوطة في ريف دمشق، تسقط كل بيانات الاستنكار والشجب والادانة الكلاسيكية، وتنتفي الفائدة من الاجتماعات التي تُعقد هنا وهناك دون إتخاذ خطواتٍ كفيلةٍ بتغيير الواقع المظلم الذي أدخل النظام سورية فيه بتغطيةٍ من حلفاء دوليين وإقليميين وبغض نظر غربي إكتفى برسم خطوط حمراء وهميّة بعيدة عن أرض الواقع. أمام هول المشاهد الفظيعة في ريف دمشق، يحق للمرء أن يتساءل عن معنى مفاهيم أساسيّة بُنيت عليها منظوماتٍ فكريّة وسياسيّة وعناوين براقة تتحطم كل يومٍ في سورية مثل حقوق الانسان والقانون الدولي والمواثيق والأعراف والاتفاقيّات، وعن أدوارٍ مفترضة لمؤسسات دوليّة غائبة تتقاذفها مصالح الدول وتجعل تطبيق المبادىء الانسانيّة المفترضة مسالة في غاية الانتقائيّة والعشوائيّة. أمام هول المشاهد الفظيعة في ريف دمشق، سقطت كل المقاييس التي رُسمت على أساسها نظريات تنظيم الحياة البشريّة، وتحطمت كل المعايير الاخلاقيّة والانسانيّة على أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ، وسخفّت كل الأعمال الوحشيّة والبربريّة وحولتها إلى مجرّد أعمال عادية، وفق النظريّة التي قدمتها الباحثة والمفكرة السياسيّة هنة آرنت في كتابها الشهير “إيخمن في القدس” وقد شرحت فيه رؤيتها لمفهوم Banality of Evil أي اعتياديّة الشر كوظيفة مماثلة لسواها من الوظائف! أمام هول المشاهد الفظيعة في ريف دمشق، يحق للمرء أن يتساءل عن مدى مواءمة الأنظمة الديمقراطيّة التي تمارس هواية التفرّج مع بربريّة القصف الكيميائي العنيف، وكأنها بمثابة البربرية الديمقراطيّة غير المفهومة وغير المبررة على الاطلاق، ويحق أيضاً للمرء أن يتساءل عن مصير ومستقبل سورية التي حولها النظام إلى معسكر كبير يمارس فيه الاعتقال والقتل والاجرام دون أن يُحاسب. ويحق للمرء أن يتساءل بماذا يختلف هذا المعسكر عن معسكرات النازية التي مُورس فيها القتل الجماعي بدمٍ بارد وإصرار وعناد؟ أمام هول المشاهد الفظيعة في ريف دمشق، يحق للمرء أن يتساءل عن إختلاف هذه المجزرة عن المجازر الكبرى التي إرتكبتها إسرائيل في دير ياسين وقانا وغزة وسواها العشرات من المجازر التي قتلت الأبرياء والمدنيين، ويحق له أن يتساءل ما إذا كان القتل مبرراً لطرف وغير مبرر لطرف آخر. أمام هول المشاهد الفظيعة في ريف دمشق، يحق للمرء أن يتساءل عن الضمير العالمي فوق الخلافات السياسيّة والمصالح الدوليّة والاعتبارات الاقليميّة، وفوق الحسابات لهذه الدولة أو تلك؛ ويحق للمرء أن يتساءل عن سبل إنقاذ الشعب السوري، أقله من الناحية الانسانيّة بدل تركه وحيداً لقدره. لا يمكن للصوت البشري أن يصل للمسافة التي يصل إليها صوت الضمير، على حد قول غاندي، فأين الصوت البشري وأين صوت الضمير؟.