عاشت العاصمة الأردنية عمان أجواء متوترة في وقت متقدم من ليل الاحد - الاثنين بعد أن رشق مؤيدون للحكومة بالحجارة متظاهرين عشائريين وأعضاء يتبعون جماعة "الإخوان المسلمين"، كبرى الجماعات المعارضة في البلاد، أثناء محاولتهم الوصول إلى ميدان جمال عبدالناصر (الداخلية) للاحتجاج ضد السلطات والمطالبة بإصلاحات جريئة من شأنها المس بصلاحيات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. وتعرض عدد من المتظاهرين ورجال شرطة إلى إصابات متفرقة، لكنها كانت طفيفة، حسب مصادر أمنية، فيما التزمت الشرطة الحياد ولم تتصد لمن يوصفون من جهة المعارضة بـ "البلطجية". ومنعت قوات الدرك المزودة أدوات مكافحة الشغب، المئات الوصول إلى محيط الدوار، الأكثر حساسية في البلاد، بعد أن هتفوا بشعارات صاخبة هاجمت مؤسسات سيادية، وطالبت بإسقاط شخصيات رمزية في البلاد. وسمع من الهتافات: "بطلنا نحك يعيش، إحنا نموت وهو يعيش"، في انتقاد مباشر إلى رأس الدولة. كما هاجم المتظاهرون تصريحات نسبتها مجلة "ذي أتلانتيك" الأميركية إلى الملك عبدالله تضمنت نقداً مباشراً للرئيسين المصري محمد مرسي والسوري بشار الأسد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، إضافة إلى عائلته الملكية، وجهاز الاستخبارات العامة، وزعامات العشائر، والمعارضة الإسلامية. وأعلنت السلطات خطة أمنية تضمنت إغلاق الشوارع الرئيسة داخل العاصمة، وعزل مناطق عدة في محيط "الداخلية"، ما تسبب بأزمات سير خانقة. واعتبر المتظاهرون الإعلان محاولة لـ "تقليص أعداد المشاركين في التظاهر"، لكن قيادات أمنية نفت لـ "الحياة" ذلك، وأكدت أن هدف الخطة "منع الوصول إلى المكان المحدد باعتباره منطقة محظورة، إلى جانب وقف أي احتكاكات محتملة بين المؤيدين والمعارضين". وقال معاذ الخوالدة، وهو أحد قادة الحراك العشائري والإسلامي في مدينة المفرق الشمالية: "مصرون على مواصلة التظاهر حتى تحقيق الإصلاح المنشود". وأضاف: "نريد استرداد صلاحيات الشعب التي سلبها النظام ... نريد أن ننتخب حكومتنا ونمنع الفساد المستشري في مفاصل الدولة". وقال معن الحراسيس، الناشط في مدينة الطفيلة الجنوبية، مخاطبا المتظاهرين: "باقون هنا إلى أن ننجح باختراق صفوف رجال الدرك، ونصل الى الدوار الذي قضى فيه أول شهيد للإصلاح بعصي النظام وهراوته". وقال مصدر أمني لصحيفة "الحياة" السعودية: "سنتعامل معهم خطوة بخطوة ... لدينا تعليمات صارمة بعدم الوصول إلى الداخلية ... قد نلجأ إلى استخدام القوة". وقال الناطق باسم الشرطة الأردنية محمد الخطيب: "ملتزمون حماية حق التعبير، لكن هناك مناطق يمنع التظاهر فيها". وواصل المحتجون طيلة الساعات الماضية بذل محاولات حثيثة في سبيل الوصول إلى مكان التظاهر، لكن الآلاف من عناصر الدرك حالوا دون ذلك. وكان رئيس الحكومة المكلف عبدالله النسور أكد في تصريحات أخيرة أن الأردن "نجح في أن يكون مثالاً يحتذي به العالم العربي على صعيد الديموقراطية والأمن والاستقرار"، موضحا أن بلاده "نجحنت طيلة العامين الماضيين في إنتهاج الديموقراطية والمحافظة على الأمن والاستقرار وسط بيئة إقليمية رافقتها تطورات سياسية اتسمت بالعنف أحياناً".