تنظيم القاعدة

طرد مسلحو تنظيم القاعدة الاربعاء القوات الموالية للحكومة من بلدة في جنوب اليمن، في استعراض جديد للقوة من الجهاديين الذين يستغلون الاضطرابات القائمة في البلاد لتوسيع سيطرتهم على الاراضي.

ويعيش اليمن، الذي تعتبره الولايات معقلا لأخطر فروع تنظيم القاعدة، تحت وطأة نزاع دام منذ استيلاء المتمردين الحوثيين على العاصمة صنعاء في ايلول/سبتمبر من العام الماضي.

يتمركز "تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" منذ سنوات في جنوب شرق اليمن، لكنه احتل مناطق جديدة خصوصا في حزيران/يونيو حيث سيطر على المكلا كبرى مدن محافظة حضرموت.

والاربعاء، احتل مسلحون من تنظيم القاعدة لفترة وجيزة مدينة جعار في جنوب اليمن في هجوم قتلوا خلاله قائدا عسكريا.

واوقعت المعارك في المدينة التي تسيطر عليها القوات الموالية لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي 15 قتيلا.

وقال مصدر عسكري ان السيطرة على هذه المدينة الواقعة في محافظة ابين من شانها تأمين خط امداد بين مدينتي المكلا الواقعة تحت سيطرة القاعدة وعدن.

وجعار الواقعة في جنوب محافظة ابين هي معقل قوات "المقاومة الشعبية" المكونة من عسكريين سابقين ورجال قبائل سنية وانفصاليين جنوبيين يساعدون القوات الحكومية على طرد الحوثيين من المناطق الشاسعة التي احتلوها منذ 2014.

وذكر شهود عيان ان الجهاديين قاموا عند دخولهم المدينة بتفجير المقر الرئيسي "للمقاومة الشعبية" وطاردوا المقاتلين الموالين للحكومة الذين فر معظمهم من المدينة.

وقال محلل عسكري في عدن طالبا عدم الكشف عن اسمه ان هذا الهجوم هو محاولة "ارسال تهديد" الى حكومة هادي.

-"امارة جعار"-

ذكر شهود عيان في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان قياديا محليا في القاعدة اعلن عبر مكبر للصوت من الجامع الكبير في المدينة ان تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية سيطر بالكامل على "امارة جعار"، مؤكدا ان السكان "آمنون" الآن والحياة يمكن ان تستمر "بشكل طبيعي".

لكن بعد ساعات قليلة، اختفى مقاتلو القاعدة من الشوارع وثماني عربات مصفحة تابعة لهم، بحسب شهود.

وبحسب مسؤول حكومي محلي فان مسلحي القاعدة دخلوا جعار لتنفيذ عملية قتل فيها القيادي علي السيد من "المقاومة الشعبية" مع عشرة من عناصره.

واشار المصدر نفسه الى مقتل اربعة من مسلحي تنظيم القاعدة.

وينشط تنظيم القاعدة في جزيرة العرب تقليديا في جنوب شرق اليمن الذي يمزقه منذ آذار/مارس 2015 نزاع بين السلطة المدعومة من تحالف عربي تقوده السعودية والمتمردين الحوثيين وحلفائهم.

ومازالت الامم المتحدة تكثف جهودها لجمع اطراف النزاع اليمني على طاولة الحوار لبحث سبل التوصل الى حل.

وفي هذا الاطار، اعلن السفير البريطاني لدى الامم المتحدة ماثيو رايكروفت الاربعاء انه من المتوقع عقد جولة جديدة من محادثات السلام حول اليمن منتصف كانون الاول/ديسمبر في جنيف.

وللدلالة على هشاشة الوضع الامني في البلاد، اختطف موظفان من الصليب الاحمر الثلاثاء في صنعاء من قبل مجهولين، وافرج في وقت لاحق عن واحد منهما وهو يمني الجنسية، فيما لا تزال زميلته التونسية "محتجزة".

وقال المدير العام للجنة الدولية للصليب الاحمر ايف داكور لوكالة فرانس برس في جنيف ان "الوضع في اليمن دقيق للغاية بالنسبة الى منظمة كاللجنة الدولية للصليب الاحمر والهلال الاحمر الدولي".

وفي السياق نفسه، نقل موقع سبأ نيوز التابع للمتمردين عن مصدر في المجلس الاعلى الذي يسيطر عليه الحوثيون ان اجهزة الامن في صنعاء "كثفت الجهود(...) للعثور على الخاطفين واعتقالهم".

وتنظيم القاعدة الذي يسيطر منذ اشهر على المكلا، عاصمة محافظة حضرموت في جنوب شرق اليمن، سيطر ايضا مطلع الشهر الحالي على مركز الادارة المحلية في زنجبار عاصمة محافظة ابين، والتي تبعد 12 كيلومترا جنوب جعار.

واعتبرت مصادر يمنية ان القاعدة بطردها للقوات الموالية لهادي من جعار، أمنت موقعها في زنجبار.

وهذه الخطوة تمكن التنظيم من تعزيز تواجده في عدن، وارسال تعزيزات من المكلا على طول الساحل شرقا.

ووصف المحلل العسكري الخطوة بأنها "استعراض للقوة" من قبل تنظيم القاعدة، محذرا من انه "ما لم يكن هناك رد حاسم من قبل قوات التحالف والقوات الموالية للحكومة، فإن المسلحين سينفذون عمليات أكبر".

وشنت الولايات المتحدة لفترة طويلة غارات بطائرات من دون طيار ضد مسلحي القاعدة في جزيرة العرب، ما أسفر عن مقتل العديد من قادتهم.

لكن في المقابل، فإن التحالف الذي تقوده الرياض لم يستهدف التنظيم، وركز ضرباته بدلا من ذلك على المتمردين.

واعتبر المحلل ان "على التحالف الا يغض الطرف عن مخاطر أخرى"، متهما الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، حليف الحوثيين الذي أجبر على الاستقالة في العام 2012، باستغلال الجهاديين كـ"أداة" ضد الموالين للحكومة.

خلال الانتفاضة ضد حكم صالح في العام 2011، استولى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على زنجبار ومناطق أخرى من محافظة أبين. لكن مقاتليه منيوا بالهزيمة بعد عام على يد ميليشيات محلية مدعومة من الجيش.

وتتأثر السعودية بشكل كبير من النزاع اليمني، اذ اعلنت وكالة الدفاع المدني السعودي مساء الثلاثاء مقتل ثمانية مدنيين بينهم طفلان في قصف عبر الحدود مصدره اليمن.

ومنذ بدء التحالف غاراته ضد الحوثيين، قتل اكثر من ثمانين شخصا غالبيتهم من الجنود السعوديين في سقوط قذائف وتبادل اطلاق نار عبر الحدود.

وبحسب ارقام الامم المتحدة، ادى النزاع في اليمن الى مقتل اكثر من 5700 شخص وجرح قرابة 27 الفا منذ آذار/مارس، منهم قرابة 2700 قتيل واكثر من 5300 جريح من المدنيين.