الجزائر - فلسطين اليوم
أعلنت الجزائر وموريتانيا أن اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين البلدين ستنعقد بالجزائر العاصمة قبل نهاية العام الجاري.
وقال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في لقاء مع نظيره الموريتاني إسلكو ولد أحمد إزيد بيه إن اجتماع الدورة الثامنة عشرة للجنة الكبرى للتعاون سيشكل فرصة لتعزيز العلاقات بين الدولتين المغاربيتين الجارتين.
عودة الدفء
وجاءت هذه التصريحات على هامش زيارة لوزير الخارجية الموريتاني إسلكو ولد أحمد إزيد بيه إلى الجزائر، في إطار التحضيرات الجارية لاستضافة موريتانيا للقمة العربية، والاستعدادات لعقد الدورة الجديدة للجنة التعاون المشتركة.
والزيارة هي الأولى بعد التوتر الذي شاب العلاقات بين الجزائر ونواكشوط، وكاد أن يتحول إلى أزمة دبلوماسية، عندما أعلنت الجزائر تعليق التعاون العسكري مع موريتانيا.
وقد أكد الجانبان ضرورة تجاوز الخلافات البينية لمصلحة التنسيق الأمني، من أجل مواجهة الإرهاب، والجريمة المنظمة التي تنشط بشكل كبير على حدودهما المشتركة.
وحرصت نواكشوط على إرسال وزيرها للشؤون الخارجية إلى الجزائر، فيما بدا أنها رغبة واضحة في وضح حد للقطيعة التي دامت عدة أشهر، ومسعى لإعادة إحياء محور نواكشوط-الجزائر، الذي وصفه ولد أحمد إزيد بيه بالثابت والتاريخي.
وخلال الزيارة، سلم الوزير الموريتاني دعوة إلى الرئيس بوتفليقة لحضور القمة العربية في نواكشوط، التي ستعقد في نواكشوط شهر يوليو/تموز المقبل، والتي رحبت الجزائر بعقدها في موريتانيا بوصفها بلدا مغاربيا.
لكن حضور الجزائر قمة نواكشوط قد يضع موريتانيا في حرج كبير؛ إذ يعتقد مراقبون أن موريتانيا قد تجد نفسها مجبرة على التعاطي مع الخلافات العربية خلال القمة بطريقة قد لا تتلاءم مع مصالح بعض الدول، خاصة أن الخلاف الخليجي-الجزائري بدأ يظهر بقوة حول الملفات الحساسة في العالم العربي.
بين الجارين
عودة العلاقات إلى طبيعتها بين الجزائر وموريتانيا، وصفته وسائل إعلام جزائرية بأنه سيعيد إصلاح ما أفسده التأزم الذي أعقب تبادل طرد الدبلوماسيين بين البلدين؛ حين اتهمت موريتانيا المستشار الأول بالسفارة الجزائرية في نواكشوط بلقاسم الشرواطي بنشر مقال في أحد المواقع الإلكترونية المحلية يسيء فيه إلى العلاقات بين المغرب وموريتانيا قبل أن تبلغه الخارجية الموريتانية بأنه شخص غير مرغوب فيه.
وردت الخارجية الجزائرية بالمثل؛ حيث قامت بطرد المستشار الأول بالسفارة الموريتانية في الجزائر محمد ولد عبد الله، لتدخل العلاقات بين البلدين في نفق مظلم.
هذا، وتواجه نواكشوط صعوبات بالغة في إدارة علاقاتها بكل من الرباط والجزائر؛ حيث تشوش الحساسيات الجيوسياسية بين المغرب والجزائر على علاقاتهما بموريتانيا. وقد بدأ هذا التشعب خلال سبعينيات القرن الماضي، عندما شاركت موريتانيا إلى جانب المغرب في حرب الصحراء.
ومنذ وصول الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى الحكم بانقلاب عسكري عام 2008، شهدت العلاقات مع الجارتين تأرجحا بين التقارب والفتور: فبينما عارضت الجزائر انقلاب ولد عبد العزيز في البداية بسبب إقصائه لحليف الجزائر السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله؛ رحب بالانقلاب للسبب نفسه المغرب، الذي يراقب الآن عن كثب عودة العلاقات بين نواكشوط والجزائر، والمسار الذي ستسلكه خلال المرحلة القادمة؛ خاصة في ظل التطورات الأخيرة في ملف الصحراء الغربية.
وكانت الجزائر، بعد القطيعة السياسية بينها وموريتانيا، قد أعلنت عن توقيف تعاونها العسكري مع موريتانيا، على خلفية توجه الأخيرة لإقامة حلف أمني في منطقة الساحل (مجموعة الخمس في الساحل) مع جوارها الإفريقي، وتسيير دوريات أمنية من دون إشراك الجزائر.
ورأت الجزائر أن موريتانيا تسعى عبر هذه الخطوة لتنفيذ أجندات فرنسا، التي تريد خلق توازنات جديدة في المنطقة تضع الجزائر خارج اللعبة.
ومهما يكن، فإن استقرار العلاقات بين موريتانيا والجزائر رهين بطريقة تعاطي موريتانيا مع ملف الصحراء وعلاقتها بالمغرب من ناحية؛ ومن ناحية أخرى، بالحرص على إشراك الجزائر في أنشطة مجموعة دول الساحل الإفريقي، التي وصف الرئيس الموريتاني التنسيق بينها بأنه نابع من انسجام ثقافي واجتماعي، يحتم عليها مواجهة التحديات في سياقها الخاص.