نيويورك ـ فلسطين اليوم
بدأ موفدون دوليون كبار الخميس التوافد الى نيويورك سعيا للحصول على دعم الامم المتحدة لخطة اميركية وروسية طموحة تهدف للتوصل الى وقف لاطلاق النار في سوريا التي تشهد حربا دامية مستمرة منذ نحو خمس سنوات.
وقد زار وزير الخارجية الاميركي جون كيري في وقت سابق هذا الاسبوع موسكو لطمأنه الحليف الرئيسي الروسي للرئيس بشار الاسد بأن واشنطن لا تسعى الى "تغيير للنظام" في سوريا.
والخميس التقى كيري بنظيره السعودي عادل الجبير في فندق في نيويورك لطمأنة خصم الاسد بأن الولايات المتحدة لا تتهاون مع الرجل القوي في سوريا.
وتهدف مساعي كيري الدبلوماسية لتحقيق توازن تهدف الى ابقاء موسكو والرياض ضمن العملية، فيما تجري المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم 17 دولة محادثات سلام.
وتريد واشنطن والموفد الدولي الى سوريا ستافان دا ميستورا ان يرسل نظام الاسد والفصائل المسلحة المعارضة موفدين الى محادثات السلام في الاول من كانون الثاني/يناير او بعد هذا التاريخ.
واذا ما تم التوصل الى وقف لاطلاق النار في الحرب الدائرة في سوريا منذ اربعة اعوام ونصف، يمكن للقوات السورية وروسيا وائتلاف بقيادة اميركية تركيز ضرباتهم على تنظيم الدولة الاسلامية الجهادي المتطرف.
وبموجب اتفاق تم التوصل اليه الشهر الماضي في فيينا، امام المفاوضين الحكوميين والمعارضين ستة أشهر لتشكيل حكومة انتقالية و18 شهرا لتنظيم انتخابات وطنية.
- شجب "الارهابيين" -
غير ان العديد من الاسئلة ما زالت تلقي بظلالها على العملية. فهل يقبل الاسد وداعمتاه روسيا وايران الجلوس مع فصائل معارضة يصفونها باستمرار "بالارهابية"؟ وهل تتحدث المعارضة وداعموها الاجانب مع نظام يتهمونه بقتل الالاف من مواطنيه بالبراميل المتفجرة والغاز السام؟
والجمعة يريد موفدون دوليون -- بينهم خصوصا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف -- ان يعرفوا من السعودية مدى تقدم جهودها لتشكيل ائتلاف للمعارضة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية جون كيربي ان الاردن سيشرح تقدم مساعيه في العملية -- ويضع لائحة بالمجموعات "الارهابية" التي ينبغي عدم اشراكها في المحادثات.
وحتى اذا كان وقف اطلاق نار ممكنا، فمن يراقبه؟ ومن يقود الحرب لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية ومجموعات اخرى مثل جبهة النصرة التي لا تشارك في عملية السلام.
ولمناقشة هذه المسائل وسواها، تلتقي المجموعة الدولية لدعم سوريا بناء على دعوة من الولايات المتحدة صباح الاربعاء في فندق في نيويورك سعيا لتضييق تلك الخلافات.
ثم يتوجه دبلوماسيون الى مبنى الامم المتحدة القريب للحصول على موافقة مجلس الامن الدولي على العملية، وهو امر سيتحقق على الارجح.
وقال كيربي الخميس "من الواضح ان النتيجة الكبيرة لجلسة بعد الظهر (الجمعة) هي هذا القرار والامين العام على ثقة بانه يمكننا التوصل الى ذلك".
ويقر الدبلوماسيون الاميركيون ان الخطة طموحة والنجاح غير مؤكد، لكنهم يأملون في ان تتمكن روسيا والسعودية من اقناع الخصم السوري حليفهم بالجلوس الى الطاولة.
ويرون ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يرغب في رؤية القوات الروسية التي ارسلها الى سوريا لدعم نظام الاسد، تغرق في مستنقع نزاع لا ينتهي.
وبموازاة ذلك فان هجمات تنظيم الدولة الاسلامية وموجات اللاجئين الهاربين من الحرب السورية التي امتدت الى الشرق الاوسط واوروبا، تثير القلق في عواصم اجنبية اخرى.
- تجنب روسيا -
لكن يبدو ان الولايات المتحدة قد قدمت تنازلاتها في بحثها عن السلام.
ففيما كانت تتجنب روسيا وفرضت عقوبات على اقتصادها لمعاقبة بوتين على تدخله في اوكرانيا، يعبر كيري الان علنا عن شكره لموسكو على دورها "البناء" في سوريا.
وفيما تصر وزارة الخارجية على انه ليس هناك تغيير في سياستها التي تؤكد ان الاسد فقد كامل الشرعية لقيادة سوريا، خففت واشنطن بشكل واضح الدعوات التي تطالبه بالرحيل.
وقال كيري الثلاثاء في الكرملين بعد محادثات مع بوتين "اكدنا اليوم ان الولايات المتحدة وشركاءها لا يسعون الى تغيير النظام، كما هو معروف، في سوريا". واضاف " ما قلناه هو اننا لا نعتقد بان الاسد نفسه لديه القدرة على قيادة مستقبل سوريا".
وتابع "لكن اليوم لم نركز على خلافاتنا (...) ركزنا على العملية السياسية التي بموجبها سيتخذ السوريون القرارات بشأن مستقبل سوريا".
ولم توافق روسيا - التي كان تتحفظ بشأن عقد اجتماع آخر لمجموعة الدعم لسوريا - على المشاركة في الاجتماع الا بعد محادثات الثلاثاء مع كيري.
وقتل اكثر من 250 الف شخص في النزاع السوري منذ اندلاعه في آذار/مارس 2011، وتشرد الملايين من منازلهم.