الخرطوم - فلسطين اليوم
تشهد الخرطوم فعاليات الاجتماع العاشر للجنة الوطنية الفنية الثلاثية لدول مصر والسودان وإثيوبيا، بشأن مشروع سد النهضة الإثيوبي، وتأثيراته على دولتي المصب مصر والسودان.
وقد أكد رئيس الوفد السوداني في الاجتماع الدكتور سيف الدين حمد أن الاجتماع يناقش المقترح الفني المعدل، والمقدم من الشركة الفرنسية "بي إر إل"، والذي تم تعديله ليشمل شركة "أرتيليا" الفرنسية أيضا. حيث تقوم شركة "بي إر إل" بنسبة 70%، وشركة "أرتيليا" بنسبة 30%من الدراسات الفنية لسد النهضة الإثيوبي.
وأشار الدكتور سيف الدين حمد إلى أن الدول الثلاث استلمت نسخا من المقترح المعدل، وقامت بدراستها، وأن تلك الجولة تهدف إلى التوصل لمقترح موحد يستوعب ملاحظات الدول الثلاث، إضافة إلى أن المستشار القانوني البريطاني لشركة "كوربت" سيحضر تلك الاجتماعات أيضا، لوضع الاتفاق في صورته القانونية النهائية.
من جهته، قال مستشار وزير الري الدكتور علاء ياسين إن أهم الموضوعات، التي ستتم مناقشتها في اجتماعات اللجان الفنية الوطنية الثلاثة للسد الإثيوبي، والتي ستستمر يومين، هو العرض الفني المشترك، الذي قدمته الشركتان الفرنسيتان، وملاحظات الدول الثلاث على العرض الفني بحضور الشركتين، وذلك للتوصل إلى توافق على العرض الفني النهائي لإجراء الدراسات على أساسه، والتي ستحدد تأثيرات سد النهضة سواء على التدفقات المائية أو الكهرباء المولدة من السدود، إضافة إلى النواحي الاقتصادية والاجتماعية الأخرى.
فيما أكد وزير الري المصري الدكتور حسام مغازي أن خبراء الوزارة، أعضاء اللجنة الثلاثية الوطنية لسد النهضة الإثيوبي، انتهوا من تقييم العرض الفني للمكتبين الاستشاريين الفرنسيين "بى إر إل" و"أرتيليا"، اللذين ينفذان الدراسات الفنية المطلوبة، لمعرفة الآثار السلبية للسد على دولتي المصب مصر والسودان.
وأضاف مغازي أن تمويل الدراسات سيقع على عاتق الدول الثلاث، وأن من المقرر عقد اجتماع ثلاثي في الخرطوم للمشاركة في احتفالية خاصة بتوقيع العقود إيذاناً ببدء تنفيذ الدراسات، التي ستنتهي قبل نهاية العام الحالي. مشيرا إلى أن دراسة فنية ستُجرى طبقاً للعرض الفني السابق من شركة "بي إر إل"، ومخرجات اجتماع الخرطوم الأخير، في الفترة من 8 إلى 11 شهراً، أي قبل نهاية 2016، لكي يكون لدى مصر دراسة مائية، تجيب عن كل الاستفسارات، التي تدور حول آثار سد النهضة.
وقد استغل الرئيس عبد الفتاح السيسي حضوره اجتماعات الاتحاد الإفريقي الأسبوع الماضي للقاء كل من رئيس وزراء إثيوبيا هايلي ماريام ديسالين والرئيس السوداني عمر البشير.
وقال وزير الخارجية سامح شكري إن لقاء الرئيس المصري برئيس الوزراء الإثيوبي ركز بنحو خاص على العلاقات الثنائية، وتفعيل اللجنة العليا الثنائية المشتركة، وزيادة الاستثمارات المصرية في إثيوبيا، وموضوع مياه النيل، والتزام الطرفين بالبرنامج الإطاري لإعلان الخرطوم، وتنفيذه بالكامل وبحسن نية والعمل على تخطي أي عقبات، تظهر على هذا المسار المتصل بالتعاون. شكري أضاف أن ديسالين أبدى تفاهمه الكامل لما تمثله مياه النيل للمصريين لكونه "شريان الحياة"، كما أكد الرئيس السيسي من جانبه تفهمه الكامل لحق إثيوبيا في التنمية.
وأعلن شكري عن أن "الثقة في أنفسنا وفي شركائنا، ليس بالتقليل من حجم أهمية الموضوع، وهو محل دراسة ومتابعة من كل أجهزة الدولة، ولا بالتضخيم والتشكك وافتراض سوء النية.
حديث وزير الخارجية عن أن الأزمة تحت سمع وبصر أجهزة الدولة المصرية كافة يذكِّر بالاجتماع المهم، الذي عقده الرئيس المصري، منذ نحو شهر، بحضور وزيري الري والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات، وباحتمالية مناقشة القاهرة لسيناريوهات أخرى للتعامل مع الأزمة الصعبة، والذي تَمثل بنحو 15 جلسة من المباحثات آثرت القاهرة خلالها مبدأ التفاوض.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2013، استأنفت القاهرة مفاوضاتها مع إثيوبيا والسودان حول تداعيات بناء سد النهضة، ثم عقدت في أغسطس/آب 2014 الجلسة الثانية في الخرطوم، ثم الجلسة الثالثة، التي استمرت على مدى 3 أيام، في الخرطوم أيضا بحضور الخبراء الفنيين، وتلتها جلسة رابعة استغرقت 6 ساعات في أديس أبابا في أجواء إيجابية، لتتبعها جلسة خامسة، مثلت نقطة الانطلاق الحقيقية إلى التفاوض بشأن الأزمة، التي تجسدت في الجلسة السادسة، حيث حفلت بالمناقشات الحادة حول النقاط الخلافية العالقة، الأمر الذي اضطر معه الرئيس السيسي - لحل الخلافات - إلى التدخل في الجولة السابعة، وإلى زيارة السودان وإثيوبيا، وإلى مخاطبة الشعب الإثيوبي في برلمانه.
أما في الجلسة الثامنة، فجرى تحديد مهلة للمكتبين الاستشاريين لتسليم العرض الفني؛ وبعد تعنت ومماطلة من الإثيوبيين، عقدت الجلسة التاسعة، لتعلن إثيوبيا فشل المكتبين الاستشاريين في العمل معا، ولتصل المفاوضات بين مصر وإثيوبيا إلى محطتها العاشرة اليوم (07 02 2016) دون أي تقدم يذكر.
الجولة الفنية العاشرة من المفاوضات الخامسة عشرة من التفاوض السياسي والفني معا لا تزال تحمل أملا للساسة، لكن حالة من التشاؤم والقلق لا تزال تسيطر على الشارع المصري تجاه الأزمة، التي قد تؤثر على نصيب مصر من مياه النيل.
بيد أن شكا بدأ يخامر بعض المعنيين من أن تكون إثيوبيا تستغل المفاوضات لكسب الوقت، في ظل تقارب سوداني- إثيوبي، وموقف سوداني يبدو أحيانا، وفق خبراء، أكثر تشددا من الموقف الإثيوبي.
ولا يبقى أمام المصريين سوى عام من الدراسات، يصبح بعده السد أمرا واقعا، يستعد المصريون للتعايش معه، ما لم تنقذهم إرادة السماء من قدر محتوم ربما سيواجهونه.