في كل يوم ينتظر سكان البلدة القديمة في مدينة الخليل مؤذن الحرم الإبراهيمي الشريف صبحي أبوصبيح أن يضيء مآذن الحرم ليعلن عن حلول وقت أذان وصلاة المغرب، ليبدأوا بعدها بتناول الإفطار، فالاحتلال الإسرائيلي يمنع ويحظر رفع أذان المغرب داخل الحرم بشكل نهائي، فيما يمنع الأذان في جميع الأوقات كل يوم سبت. وصوت الأذان في الحرم الإبراهيمي أكثر ما يؤرق الاحتلال الإسرائيلي، حيث يمنع رفع الأذان أكثر من 70 مرة شهرياً، ويصل في أوقات أعياد اليهود إلى 90 مرة شهرياً، بذريعة منع إزعاج المصلين اليهود داخل الحرم، ولدواع أمنية غير معلنة. وقسم الاحتلال الحرم الإبراهيمي بعد تسعة أشهر من المجزرة التي ارتكبها المستوطن الإسرائيلي باروخ غولدشتاين  في يوم 15 رمضان عام 1994، عندما هاجم المصلين في صلاة الفجر، وقتل فيها 29 فلسطينياً، وجرح المئات من المصلين، حيث استولت قوات الاحتلال على ما يقارب 65% من مساحته، وفرضت عليه حصاراً مشدداً، وقيدت دخول وخروج الفلسطينيين إلىه بإذن مسبق، فيما عزلت الحرم والبلدة القديمة عن محيطهما الفلسطيني. ونالت غرفة الأذان نصيبها من هذا التقسيم، حيث إنها وقعت في الجزء الذي سيطر عليه الاحتلال، ولا يسمح للفلسطينيين برفع الأذان، إلا بعد الحصول على موافقة أمنية من الاحتلال، بحسب مؤذن الحرم صبحي أبوصبيح. ويقول أبوصبيح، «في كل وقت من أوقات الصلوات ما عدا المغرب يجب أن أحصل على إذن مسبق من الاحتلال لرفع الأذان، ولا يسمح لي بالدخول إلى غرفة الأذان إلا بعد أن يحضر الضابط وتجرى الترتيبات الأمنية القاضية بدخولي، وهذا يتسبب في تأخيرات يومية لرفع الأذان، وفي بعض الأوقات يمنعوني من الدخول». ويضيف: «منذ عام 1999 يمنع الاحتلال رفع أذان المغرب ولأسباب غير مفهومة، ففي شهر رمضان وبقية الأيام نعتمد على إنارة المآذن في وقت المغرب، فقد اعتاد سكان البلدة القديمة والمجاورون للحرم هذه الطريقة لإقامة صلاة المغرب وتناول الإفطار في رمضان». ولا تقتصر معاناة المصلين وسكان مدينة الخليل والبلدة القديمة فيها على منع إقامة الصلاة، حيث يعد طريق الوصول إلى الحرم هو معاناة أخرى يواجهها السكان بشكل يومي، فالمؤذن أبوصبيح وهو من سكان المنطقة الجنوبية بالخليل يجتاز يومياً خمسة حواجز وبوابات إلكترونية حتى يصل إلى داخل الحرم، يتعرض خلالها للتفتيش الدقيق. ويقول، «إن أول حاجز أمر من خلاله هو حاجز الكونتينر، حيث أدخل داخل غرفة مغلقة وأتعرض لتفتيش أمني كامل، وبعد ذلك يسمح لي بالدخول، وبعد ذلك أمر عبر حاجزين عسكريين الأول بالقرب من المحكمة، والآخر قبل الوصول إلى بوابة الحرم بأمتار قليلة». ويضيف أن «الوصول إلى بوابة الحرم لا يعني الدخول إلىه، حيث توجد بوابتان إلكترونيتان على باب الحرم، ولا يسمح للمصلين بالدخول إلا بعد تفتيشهم، إذ يفترض بالمصلي وضع كل ما بحوزته جانباً كي يمر بسلام، وهو إجراء لا يطبق إلا على الفلسطينيين». من جهة أخرى، يقول رئيس سدنة الحرم الإبراهيمي حجازي أبوسنينة إن «شهر رمضان المبارك هو شهر العبادة، ويزداد فيه عدد المصلين في أوقات الصلاة، على الرغم من إجراءات التفتيش والموافقات الأمنية، والانتظار على الحواجز والبوابات الإلكترونية». ويضيف، أن «أي مصل أو زائر للحرم من الفلسطينيين يجب أن يمر عبر خمس بوابات إلكترونية ويتعرض خلالها للتفتيش، وهذا يتسبب في تأخير وعرقلة دخول المصلين إلى الحرم، كما يتم احتجاز بطاقات الهوية للشباب والفتيات من المصلين بذرائع أمنية». ويشير إلى أن الاحتلال يعتقل عدداً من المصلين والمواطنين عند مداخل الحرم الإبراهيمي خصوصاً الشباب.