القاهرة ـ العرب اليوم
علق الكاتب والسياسي المصري محمد حسنين هيكل على تصريحات وزير الخارجية الأميريكي جون كيري التي اعترف فيها بأن مشروع واشنطن كان يخطط لتوريث حكم مصر لمدير المخابرات الراحل عمر سليمان وليس لـ "الإخوان المسلمين"، فاعتبر ان هذه التصريحات شكلت مفاجأة للجميع، ولكن رغم كل أطروحاته فإن "الإخوان" كانوا ضمن أدوات الاستحواذ في وقت من الأوقات، وهو الآن يسعى للتبرير بعد أن اكتشف ضعف قيادة الجماعة. وكشف هيكل في حوار تلفزيوني أن أمريكا بُغتت بثورة 25 كانون الثاني/يناير التي كانت بلا قيادة أو فكرة، ما أوقعهم في ورطة كبيرة، ثم أوحت لها تصرفات المجلس العسكري السابق بأن القوة المنظمة والمتماسكة في المنطقة هي جماعة الإخوان، وكان هناك أشخاص مثل وزير الدفاع السابق المشير محمد حسين طنطاوي لم يكونوا قادرين حتى على التصور أنهم سوف يسلمون البلد للإخوان. وأوضح هيكل أن ثورة 30 حزيران/يونيو كانت فارقة، ولكنها في لحظة خطر رهيبة، لافتا إلى أن المنطقة المحيطة بمصر كلها أعمدة نار تلتهب، لذا فمصر مطالبة بالوقوف على قدميها لتصنع من عام 2014 بداية طريق، مشددا على ضرورة العمل العربي المشترك. وعن دور الجماعات التكفيرية في نشر الفوضى قال هيكل:" الأفكار لا تموت بسرعة ولا حملة الأفكار يختفون ببساطة، في حين أثبت الإرهاب أنه عقيم، لكنني حزين على ما صنعناه في هذا الدين العظيم، وعلى الطريقة التي استغل فيها، فالصورة التي أعطاها الإرهاب للعالم عن الإسلام مقلقة، إذ يكفي لمن يريد أن يعبر عن الإسلام الآن، أن يضع لحية كبيرة غير منمقة مع عمّة حمراء أو سوداء مع شيء ما في جبهة الوجه." وتابع قائلا:" نحتاج إلى قوى التنوير لإزالة هذه الصورة البشعة عن الإسلام، وأعتقد أن من إيجابيات ما حدث في مصر عام 2013، عودة مصر إلى مدنيتها بشكل أو بآخر إذ لا يمكن أن تكون الدولة إلا لإدارة شؤون الدنيا."مؤكدا أن مدنية الدولة تحتاج إلى وقت طويل، وأن تصفية الحسابات المصاحبة في أوقات التغييرات الكبرى تقلقه. وعن تمويل الجماعات الإرهابية توقع هيكل استمرار الدعم المالي لها، حيث أن لا أحد يريد لهذه المنطقة أن تقف على قدميها من جديد. مبديا خوفه من اهتمام المخابرات بالداخل على حساب الخارج وضعف قدرتها على جمع المعلومات التي تمنع تنفيذ عمليات قذرة، متمنيا أن يبنى العمل في الخارج بناء على استراتيجية واضحة، خصوصا أن مخابرات الدول الغنية تستطيع شراء المرتزقة. وأضاف قائلا:"أريد رؤى حقيقية فالسعودية مثلا، تمارس دورها من خلال الأمير بندر وهو دور لا غبار عليه، لكن الدور السعودي في سوريا ليس منضبطا، والدور المخابراتي لعدد كبير من الدول العربية ليس دقيقا، وأعتقد أن دور المخابرات في عام 2014 لا بد أن يشهد عودة دور المخابرات التي تمثل قرون استشعار للدولة خارج حدودها." وأوضح أنه لم يكن بالإمكان أن يتحدث بلد عربي عن بلد عربي آخر، وحتى في العلاقات مع إسرائيل كانت هناك ثوابت أخلاقية، على الأقل كان هناك مشروع نظام وكانت الناس تراعي ذلك لكن هناك استقطاب حاد في العالم العربي. وطالب الكاتب حسنين هيكل في ختام حديثه بالمحافظة على الجامعة العربية كمشروع أمل، لأنها لو سقطت لن نستطيع إنشاء غيرها في مثل هذه الظروف، مع أنها لم تعد الإطار الذي يمكن عمل أي شيء من خلاله، لكن مصر ودول العالم العربي المليئة بالطاقات الشبابية تستطيع مواجهة العالم بالعقل.