إنشاء ميناء في قطاع غزة

عقد معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية حلقة نقاشية بعنوان " ميناء غزة.. في ميزان القبول والرفض الإسرائيلي" بحضور نخبة من المثقفين والمحللين السياسيين والمختصين بالشأن الإسرائيلي.

وأكد المجتمعون على أن الموقف المتعلق بإقامة ميناء في غزة لتخفيف الحصار والضغط على القطاع من قبل المؤسسة العسكرية هو تغير حقيقي في قناعات قيادة المؤسسة العسكرية الاسرائيلية في التعامل العسكري مع الفلسطينيين، فهذا الموقف من الجيش يمثل خطوة متقدمة بمسافة كبيرة عن القيادة السياسة التي عجزت عن تقديم حلول سياسية مقنعة للشارع الإسرائيلي وللمجتمع الدولي فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأشار الحضور إلى بعض القناعات التي تولدت لدى الجيش الاسرائيلي بعد ثلاثة حروب على قطاع غزة، ومن هذه القناعات أن الحلول العسكرية لم تعد مجديه في مواجهة الفلسطينيين، وقناعة المؤسسة العسكرية الاسرائيلية أن مسألة حسم أي حرب على غزة أصبحت من المستحيل، كذلك أن أي حرب على قطاع غزة لا تنهي حركة حماس، كذلك القناعة بتطور إمكانيات المقاومة الفلسطينية حيث أصبحت لديها القدرة على إحداث ضرر كبير في بنية قوات جيش الاحتلال خصوصاً في المواجهة المباشرة أو الاختطاف، وهذه القناعات غيرت بشكل جذري طريقة تفكير العسكر في دولة الاحتلال، والمقاومة الفلسطينية هي صاحبة الفضل الأول في هذا التغيير.

وتوقع المجتمعون سيناريوهين حول مطلب إقامة ميناء في قطاع غزة، وكان السيناريو الأول هو قبول نتنياهو ووزير جيشه يعلون مقترح بعض الوزراء والمؤسسة العسكرية بضرورة منح قطاع غزة ميناء وقدم الحضور مجموعة من العوامل التي قد تسهم في الموافقة على هذا المقترح فمنها، اعتقاد نتنياهو أن تحسين الحياة في قطاع غزة وبناء الميناء مقابل هدنة طويلة الأمد يضمن الأمن والاستقرار لإسرائيل، وسيحسِّن من الواقع الأمني بغزة وعلى حدودها بشكل كبير، كذلك هناك توقع اسرائيلي بأن اتفاق كهذا يعزز الفصل بين غزة والضفة الغربية.

بينما السيناريو الثاني تمثل في رفض نتنياهو ووزير جيشه يعلون مقترح الميناء ومن الأسباب التي شأنها أن تدعم قرار رفض مطلب الميناء وجود أطراف نافذة في أوساط صانعي القرار في الحكومة الاسرائيلية خصوصاً رجال الأعمال الذي يمثلون شركات كبرى، تجني مئات الملايين من الدولارات شهرياً جراء التصدير لقطاع غزة، وإنشاء مثل ميناء في غزة يعني أن تلك الشركات ووكلائها في غزة سيخسرون سوقاً هاماً، وهذا الموقف أيضا تدعمه وزارة المالية الإسرائيلية التي تجبي رسوم كثيرة للسماح بدخول البضائع عبر اسرائيل الى القطاع.

وعدد المجتمعون أسباب الرفض مؤكدين أن مقترح ميناء غزة قد لا يرى النور على الأقل خلال فترة رئاسة بنيامين نتنياهو للحكومة الإسرائيلية، لأن قبوله بميناء في غزة، يعني نهاية مصيره السياسي، فالاستجابة لهذا المطلب الفلسطيني سيرى فيه الاسرائيليون خضوعاً لإملاءات حماس التي قالت إنها وافقت على تطبيق وقف لإطلاق النار خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة مقابل إنشاء ميناء لغزة، ونتنياهو سيفضل بقاءه في رئاسة الحكومة على إنشاء ميناء في غزة بالطبع، وربط المختصون بين أسباب رفض مقترح الميناء وبين معارضة السلطة الفلسطينية لهذا المقترح حيث أكدت على لسان قادتها في وسائل الإعلام، إنها ستقوم بإحباط أية مبادرة من هذا النوع، وتعبر ميناءً عائماً مع قبرص التركيّة لا يعمل على حلّ المشكلة.

ويأتي تنظيم هذه الحلقة النقاشية بعدما نسبت وسائل الإعلام العبرية بين الفينة والأخرى تقديرات لقيادات بجيش الاحتلال ومخابراته، تشير إلى أنهم يطالبون رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو بالسماح بإنشاء ميناء في غزة مقابل هدنة طويلة الأمد حتى لا تتفاقم الضائقة المعيشية بفعل الحصار فيؤدي ذلك لانهيار بقايا الاقتصاد في غزة، وتفقد حماس قدرتها على منع إطلاق الصواريخ نحو التجمعات السكنية والعسكرية الإسرائيلية، أو تبادر بنفسها الى ذلك