سجون الاحتلال الإسرائيلي

أدانت الحكومة الفلسطينية، والعديد من القوى، والفصائل، اهمال سلطات الاحتلال الإسرائيلي وإدارة مصلحة سجونها للوضع الصحي للأسير ياسر ذياب حمدوني (40 عاما)، الأمر الذي أدى إلى استشهاده، صباح اليوم الأحد، إثر سكتة دماغية، قضى على إثرها في مستشفى "سوروكا"، بعد نقله من سجن "ريمون"، محملين الاحتلال المسؤولية الكاملة.

ونعى نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، والحركة الوطنية الأسيرة، والأسرى المحررون، الأسير حمدونة ببالغ الحزن والأسى على فقدانه.

وفي وقت لاحق، أعلنت الحركة الوطنية الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، الحداد والإضراب عن الطعام لـ3 أيام، احتجاجا على استشهاد حمدوني، وقد بدأ الأسرى بالتكبير في أقسام السجون، فور الإعلان عن استشهاده.

بدوره، حمّل رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع حكومة الاحتلال ومصلحة سجونها المسؤولية الكاملة عن استشهاد الأسير ياسر حمدوني، مطالبا بلجنة تحقيق دولية، للتحقيق في هذه الجريمة "النكراء"، التي تضاف الى جرائم الاحتلال التي لا تتوقف بحق الأسرى، في السجون الإسرائيلية.

وأضاف قراقع  خلال اتصال هاتفي لـ"وفا"، "إن الهيئة ستقوم بكافة الترتيبات اللازمة لاستلام جثمان الشهيد حمدوني، وتشريحه بالتعاون مع وزارة الصحة، ووزارة العدل، والشؤون المدنية"، مشيرا إلى أن "هذه جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة جرائم الاحتلال بحق أسرانا، التي تنتهك وتخرق بها دولة الاحتلال كافة المواثيق، والأعراف القانونية، والحقوقية، والانسانية".

وقال "إن الشهيد حمدوني نقل الى مستشفى الرملة عدة مرات، جراء شعوره بأوجاع في الرأس، التي اكتفت بإعطائه مسكنات للآلام، في حين لم يخضع للفحوصات الطبية، رغم تقديم الهيئة طلبا إلى مصلحة السجون، لتوفير العلاج له، واجراء الفحوصات الطبية اللازمة".

وأشار إلى أن 55 أسيرا استشهدوا نتيجة الاهمال الطبي في السجون الإسرائيلية منذ العام 1967، موضحا "أن حالة من السخط والغضب تسود في مختلف السجون الإسرائيلية، وقد عمدت مصلحة سجون الاحتلال الى إغلاق كافة الأقسام، واستدعت قوات كبيرة من وحدات القمع".

وتابع: يتعرض الأسرى الى الخطر الشديد نتيجة سياسة الإهمال الطبي، وحقن الأسرى بأمراض مميته، وترك أجسادهم مرتعا للأوبئة والأمراض، مؤكدا أن ملف الشهداء والأسرى سيبقى حاضرا أمام محكمة الجنايات الدولية لتقديم مسؤولي الاحتلال للمحاكمة.

كما حذّر من تردي الوضع الصحي للأسير بسام السايح المصاب بسرطان في الدم، والأسيران منصور موقدة وخالد الشاويش المصابان بالشلل التام، والأسير مراد سعد المصاب بأورام سرطانية، والأسير محمد براش المصاب بإعاقات، والأسير سامي ابو دياك المصاب بأورام، مشيرا إلى أن الهيئة قدمت اوراق مطالبات بالإفراج المبكر عن الأسرى المرضى.

من جهتها، نعت حكومة الوفاق الوطني برئاسة رامي الحمد الله الأسير حمدوني، مطالبا المجتمع الدولي وكافة المؤسسات الحقوقية والانسانية العالمية بتحمل مسؤولياتهم إزاء حياة أسرى الحرية في سجون الاحتلال، والتحرك الفوري والعمل الجاد لإطلاق سرح كافة الأسرى، وفي مقدمتهم الأسرى المرضى والأطفال.

وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود، "إن الحكومة تحمّل إسرائيل، وما تسمى "مصلحة السجون" وجهازها الطبي المسؤولية الكاملة عن استشهاد الأسير حمدوني، وعن حياة بقية الأسرى في سجون الاحتلال، الذين يعانون أوضاعا صحية صعبة، وظروف اعتقال قاسية، تتعمد فيها سلطات الاحتلال تطبيق سياسة الاهمال الطبي، وسياسية القتل البطيء بحقهم".

كما حمّل المتحدث باسم حركة فتح أسامة القواسمي، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن جريمة استشهاده، وقال: "إن ما تُسمى إدارة السجون الاسرائيلية تتحمل المسؤولية المباشرة عن هذه الجريمة لكونها هي المسؤولة عن الاوضاع الصحية والنفسية والجسدية الصعبة التي يعيشها اسرانا الابطال في معتقلاتها".

وأكد القواسمي في تصريح صحفي، اليوم الأحد، أن استشهاد الأسير ياسر لن يزيدنا إلا إصرارا على العمل وعلى كافة المستويات من أجل اطلاق سراح اسرانا الأبطال من معتقلات الاحتلال، مؤكدا أن قضية الأسرى تحتل قمة سلم أولوياتنا في حركة فتح ولدى الرئيس محمود عباس.

من جانبها، حملّت الجبهة العربية الفلسطينية وجبهة النضال الشعبي حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استشهاده، واصفة إياها "بالجريمة التي يندى لها جبين الإنسانية".

وقالتا في بيانين منفصلين، "إن الاهمال الطبي المتعمد الذي تمارسه ادارة سجون الاحتلال ضد العديد من الاسرى الذي اودى بحياة بعض منهم وما زال يهدد العديد منهم، انما يشكل جريمة ضد الانسانية تستوجب محاكمة الاحتلال ومعاقبته على الجرائم المتواصلة بحق اسرانا الابطال".

ودعتا إلى التحرك العاجل لمحاسبة إسرائيل وملاحقتها في المحافل الدولية، وطرح قضية الأسرى على الهيئات الدولية ذات الاختصاص، لإلزام إسرائيل باتباع قواعد معاملة الأسرى وفقا لما وقعت عليه في اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكولات المعدلة لها.

كما حمّل مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات" مصلحة السجون، وطاقمها الطبي، وسلطات الاحتلال المسؤولية عن استشهاده، نتيجة سياسة الإهمال الطبي، والمتمثلة أساساً بعدم إجراء الفحوصات الطبية، والعمليات الجراحية الضرورية، والمماطلة في تقديم العلاج.

وقال المركز في بيان، "إن استشهاد الأسير حمدوني هو بمثابة صرخة في وجه سلطات الاحتلال وسياسة الإهمال الطبيـ وأيضاً دعوة عاجلة للمجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي والمؤسسات الحقوقية الدولية كي تتدخل بشكل عاجل لإطلاق سراح الأسرى المرضى الذين يتهددهم خطر الموتـ وتقديم العناية الطبية المناسبة لهم."

يذكر أن الأسير ياسر ذياب حمدوني 40 عاما، من بلدة يعبد غرب جنين، ومعتقل منذ 19/6/2003، وكان يقضي حكماً بالسجن المؤبد، عانى داخل السجون بسبب وضعه الصحي، كما أنه أجرى عملية قسطرة بسبب مشاكل في القلب، وصولاً إلى إصابته بسكتة دماغية أدت إلى استشهاده.

وباستشهاده يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 209، وخطر الموت يتهدد العديد من الأسرى في ظل استمرار الإهمال الطبي، والاستهتار بأوضاعهم الصحية، الأمر الذي يجب أن يتم التعامل معه بشكل جدّي ودعوة ممثلي دولة فلسطين لتفعيل حالة الضغط في ملف الأسرى عموماً والمرضى على وجه الخصوص في المحافل الدولية والأمم المتحدة وأمام محكمة الجنايات الدولية