الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند

 شكري: المجتمع الدولي مطالب بإنهاء الصراع وجعل الدولة الفلسطينية واقعا على الأرض 

قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اليوم الجمعة، إن خيار السلام يخص الإسرائيليين والفلسطينيين وحدهم، وإن مبادرة فرنسا يمكن أن تساعد في توفير ضمانات لاتفاق دائم وثابت.

وأضاف خلال افتتاح المؤتمر الدولي لتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط في العاصمة الفرنسية باريس، بمشاركة اللجنة الرباعية والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى ممثلين عن الجامعة العربية ونحو 20 دولة، إن "عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين يجب أن تأخذ في الاعتبار التغييرات الكبيرة التي شهدتها مجمل المنطقة".

وذكر هولاند أن "الخيار الشجاع من أجل السلام يعود في نهاية الأمر إلى الفلسطينيين والإسرائيليين".

وتحدث عن أسباب طرح بلاده لأفكارها بشأن عملية السلام بقوله:" كان من المهم أن نكون معا في هذه المبادرة التي لها غاية واحدة، هي إحلال السلام في الشرق الاوسط، وهذه المبادرة مهمة وأصبحت ضرورية وتعد فرصة جيدة للمنطقة".

وأشار  الرئيس الفرنسي إلى أن القلق والعنف مستمران وأن الأمل يبتعد ولذلك أرادت فرنسا أن تقوم بهذه المبادرة لتجهيز مجموعة دولية لإيجاد حل وإنهاء الصراع بين الطرفين.

وأضاف: "ما نقوم به يجب أن يكون حاسما ومجديا للمنطقة وللعالم؛ لأن هذا الصراع دام طويلا وهدفنا الوحيد أن نبحث عن الأوضاع التي تؤمن السلام وليس لدينا حل آخر، ونؤكد أن فرنسا لا تسعى لكسب أي شيء لصالحها، بل تريد أن تسعى لصالح السلام ولذلك كان لابد من عقد هذا الاجتماع.

وأوضح هولاند أن بلاده لديها تاريخ خاص في الشرق الاوسط منذ بدء الصراع الإسرائيلي والفلسطيني وكانت ولاتزال تسعى إلى إحلال السلام؛ لأنها مرتبطة بصداقة مع الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني؛ ولأن فرنسا واعية جداً بمسؤوليتها في هذه المنطقة من العالم وذلك عبر التاريخ.

وتابع : "أود أن أعود إلى خطاب فرانسوا ميتران( الرئيس الفرنسي الأسبق) في الكنيست عندما قال في حينه إن فرنسا توافق على أي حوار، ولكنها تقلق من أي مبادرة منفردة تؤخر السلام، وبعد 30 سنة لايزال هذا الكلام مفيد وجدي فهناك تقدم في السنوات الأخيرة ولكن السلام لم يتحقق حتى الآن".

وقال هولاند إن لديه 3 قناعات، الأولى "أننا في إطار الوضع في المنطقة الموجود حاليا فان الفراغ سيملؤه المتطرفون، والإرهابيون سيستفيدون من ذلك، وهذا يمكن أن نلحظه في العراق وسوريا وليبيا، فعندما تتجمد الأمور يتصاعد العنف، وهناك مخاطر جدية لكي يتغذى الارهاب، إذن فهذا الجمود هو نافع فقط للمتطرفين".

ولفت إلى أن القناعة الثانية لديه "هي أن النقاش حول حل نهائي للصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين يجب أن يأخذ في الحساب كل أوضاع المنطقة".

وأردف: "الآن في 2016 مع الحرب الدائرة في سوريا والعراق ومع الإرهاب المنتشر كل هذه التهديدات فالأولويات تغيرت الآن، ومع الفوضى المستمرة في المنطقة يريد البعض أن ينفض يده من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، واعتبارها هامشية ولكن أرى الأمور بشكل مختلف، فيجب أن يكون هناك إلحاح لحل هذه الأوضاع في المنطقة، وهذا ما يفرض على المجموعة الدولية واجبات جديدة للبحث عن السلام".

وأشار إلى أن القناعة الثالثة لديه"هي أنه على الطرفين فقط أن يختاروا حل السلام وهو حل يتطلب شجاعة، مضيفا: لا يمكن أن نحل محل الطرفين في ذلك، ومبادرتنا تهدف إلى إعطائهم ضمانات في أن السلام سيكون مستديما وخاضعا لمراقبة دولية".

وقال إن فرنسا تقترح أن تعمل على مرحلتين أولا في هذا الاجتماع "حيث سنركز جميعا على أن السلام سيضم حل دولتين إسرائيل وفلسطين يتعايشان بسلام، وهذا أمر واضح ولكن يجب التفكير فيه دون أي التباس.

وأضاف هولاند: وبعد ذلك علينا إثر هذا الاجتماع أن نخلق طواقم عمل لكي نعرف ماذا يجب أن نقوم به لتسهيل المحادثات والتوصل إلى الحل في الوقت المناسب ويجب أن نجيب على كل الأسئلة: ما هي الخطوات لتخفيف التوتر وإحلال الأمان والتعاون الثنائي على الصعيد الإقليمي والمحفزات الاقتصادية للسلام.

وثمن عمل اللجنة الرباعية الدولية، مشددا على ضرورة خلق أوضاع مناسبة لاستئناف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وأعرب هولاند عن أمله في أن ينجح هذا المؤتمر وأن يصل السياق الذي سيبدأه اليوم إلى غايته وهي السلام.

من جانبه، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت بأن تنظيم المؤتمر يأتي لكون أن "الحوار المباشر بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يأتي بنتائج".

وعقب إيرولت في تصريحات صحافية على انتقادات إسرائيل لهذا الجهد بالقول: "اليوم كل شيء عالق، ونحن لا نريد أن نحل مكان الفلسطينيين والإسرائيليين بل نريد مساعدتهم".

وبدوره، استعرض وزير خارجية مصر سامح شكري في كلمته أمام المؤتمر المراحل التاريخية التي مرت بها عملية السلام وجهود المجتمع الدولي للوصول إلى تسوية حقيقية للقضية الفلسطينية.

كما تحدث عن رؤية مصر للتوصل إلى حل عادل وشامل لها والذي يرتبط بها استقرار منطقة الشرق الأوسط، بما يفضي إلى إنهاء الاحتلال وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.

وشدد على ضرورة التزام المجتمع الدولي بما قطعه من وعود لإخراج الدولة الفلسطينية من إطارها النظري والقانوني لتصبح واقعا ملموسا يعيشه الفلسطينيون ويتعايش معه الإسرائيليون بسلام، وشدد على أن تحقيق الاستقرار يتطلب الموازنة بين الشرعية وتوازن المصالح.

وأشار شكري إلى حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حول ما يمكن تحقيقه من تفاهم في المنطقة حال إيجاد حل حقيقي للقضية الفلسطينية، مؤكدا أن أفكار السيسي تحقق آمال الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وأكد ضرورة أن تتعاون واشنطن وموسكو والدول الأوروبية مع دول المنطقة لتحريك العملية السلمية باتجاه الحل، موضحا استعداد مصر لبذل كل جهد ممكن سواء فيما يتعلق بالعمل على تهيئة الأجواء الفلسطينية أو فيما يخص العمل على تفعيل مبادرة السلام العربية، متوجها بالشكر إلى الرئيس فرانسوا هولاند وللحكومة الفرنسية، معبراً عن التقدير العميق لعقد هذا الاجتماع.

وقال: إذا كانت منطقة الشرق الأوسط قد وقعت في خضم الصراعات على مدى العقود فإننا جميعاً في نهاية المطاف، عرباً وإسرائيليين، مسيحيين ويهوداً ومسلمين، ننتمي إلى جنس البشر، وقد باتت التحديات التي تمثل تهديداً وجودياً لحياتنا على سطح هذا الكوكب تفرض علينا أن ننظم علاقاتنا على النحو الذى يسمح بتعامل فعال مع تلك التحديات المشتركة، ولنتذكر أننا جميعاً في استمرار الصراع لا شك خاسرون، وأننا في تحقيق العدل والسلام بالتأكيد رابحون.

وتابع: إن "دعوتنا اليوم حول هذه الطاولة إنما يعكس إدراكاً، ليس مستغرباً على فرنسا في كل الأحوال، لأهمية، بل وحتمية، التوصل إلى تسوية حقيقية لقضية الشعب الفلسطيني، ليس فقط احتراماً لمبدأ إعادة الحقوق لأصحابها وإنما حفاظاً كذلك على الاستقرار الإقليمي والدولي".

وأكد أن "العرب يذكرون لفرنسا مواقف تاريخية مبكرة داعمة بوضوح للحقوق الفلسطينية وداعية إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، فاعتباراً من 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1974 صوتت فرنسا لصالح الاعتراف بمنظمة التحريـر الفلسطينية كمراقب في الأمم المتحدة مؤكدة على الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، كما كان الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران عام 1982 أول رئيس غربي يعلن أمام الكنيست في إسرائيل عن دعمه لهدف إنشاء دولة فلسطينية".

وأعاد شكري مطالبة المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته التاريخية إزاء استحقاقات السلام ومتطلباته، مشيرا إلى ضرورة أن ينظم المجتمع الدولي علاقاته بما يسمح بتعامل فعال مع التحديات المشتركة التي تواجهه.

من جانبها، حمّلت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني القوى العالمية مسؤولية إحياء المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين، محذّرةً من أنّ الآفاق التي فتحتها اتفاقيات أوسلو للسلام العام 1993 في خطر.

وتابعت موغيريني، في تصريحات للصحفيين في باريس على هامش المؤتمر إنّ "سياسة التوسّع الاستيطاني وعمليات الهدم، والعنف والتحريض تكشف لنا بوضوح أنّ الآفاق التي فتحتها أوسلو عرضة لأن تتلاشى بشكل خطير".

وأوضحت أن أوروبا معنية بشكل مباشر بإيجاد حل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وتسوية القضايا العالقة في منطقة الشرق الأوسط.