طوباس – فلسطين اليوم
يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من أسبوع حملة هدم واسعة في الأغوار الوسطى والشمالية طالت العشرات من مساكن العائلات وخيامهم، ضمن مساعيه للتضييق على المواطنين في منطقة الفارسية، لإجبارهم على الرحيل من أرضهم، بعد هدم بيوتهم كافة ودفن حطامها في التراب.
يوم أمس، كانت خمس عائلات تقطن الفارسية، في الأغوار الشمالية شرق طوباس، على موعد جديد مع آلة الدمار والتخريب الإسرائيلية، التي استهدفت ممتلكاتهم وخيامهم ومنشآتهم دون استثناء، التي تأتي ضمن المساعي المسعورة لطرد المواطنين الأصليين من المنطقة، التي باتت محط أنظار الاحتلال ومستوطنيه.
ويعبر رئيس مجلس وادي المالح عارف دراغمة، الناشط في الدفاع عن الأراضي عن الواقع المرير "إن الهدم طال أكثر من منطقة في الأغوار الشمالية صباح أمس، وكان نصيب الأسد منها في منطقة الفارسية التي تقطنها عائلات عدة تعتمد على الزراعة وتربية المواشي".
ويضيف إن المنطقة تبقى تحت طائلة الاستهداف المتكرر للاعتداءات الإسرائيلية، لقربها من مستوطنتي "ميخولا" و"شدموت ميخولا"، فالاحتلال من خلال هذه السياسة يرمي إلى طرد السكان الأصليين من أراضيهم، لإقامة وحدات استيطانية بدلا منها.
ومن بين العائلات الخمسة التي استهدفت يوم أمس أسرة المواطن طلال أبو العايدة، الذي هدم الاحتلال جميع خيامها ومنشآتها التي تأويها، والبالغ عددها ثمانٍ، إضافة إلى حظائر الأغنام.
ويؤكد رب الأسرة أن عملية الهدم جاءت دون سابق إنذار، عدا عن أن الإخطار كان في شهر آب المنصرم، الأمر الذي تسسب في ارغام المواطنين على البقاء في العراء دون مأوى.
ويتابع أبو العايدة: إنه موجود في هذه المنطقة منذ عقود مضت، وأن الاحتلال يريد من خلال هدم البيوت طرد المواطنين من أراضيهم؛ الأمر الذي يأتي في سياق سياسة العقاب الجماعي والتهويد، والاستيلاء على أراضي المواطنين دون وجه حق.
ويوضح أنه عازمٌ على بناء الخيام والحظائر المهدمة من جديد، مضيفا، "هذه الأرض أرضنا ونحن نسكن فيها قبل احتلال إسرائيل لمنطقة الأغوار، ولو هدموا خيامنا ألف مرة سنبنيها من جديد".
وكان حال المواطن يوسف طلال مشابها، الذي شرده الاحتلال وزوجته وابنه من خيمة متوسطة المساحة، الذي يقول إن الجيش الإسرائيلي هدم خيمته دون سابق إنذار، ما جعل عائلته دون مأوى، وسنبني خيمة جديدة تفي بالغرض، مهما خربوا وهدموا.
وربما لمعاناة المواطن علان لافي الذي يقطن منطقة الفارسية منذ "45" عاما وجوه أخرى، وهو يعمل مزارعا هناك منذ عقود.
ويشير إلى أن الاحتلال هدم له يوم أمس "6" خيام ومنشآت تستخدم للمبيت ومطابخ، مؤكدا أنه في هذه الحالة سيبقى في العراء دون مأوى لحين بناءها مجددا.
ويذكر أن هذه المرة الثانية التي تتعرض خيامه ومنشآته للهدم خلال السنوات القليلة الماضية، وسوف يسعى لشراء احتياجات ومواد لبناء خيمة جديدة للمبيت فيها، على نفقته الخاصة .
وليس بعيدا عن هؤلاء، آتى العدوان الإسرائيلي على جميع خيام وصناديق النحل، التي يملكها المواطن محمد فارس الذي يعيش في منطقة الفارسية منذ سنوات طويلة ويعمل في الزراعة وتربية المواشي، وتربية النحل.
ويوصف صعوبة الحال جراء الجرائم الإسرائيلية بقوله: "سعيت جاهدا للحصول على وصل ترخيص لخيامي، لكن إسرائيل رفضت ذلك، لأنها تضع نصب أعينها هدف واحد ووحيد يتمثل في هدم المنشآت بحجة عدم الترخيص، وهذه سياسة مفضوحة، يراد منها طردنا من أرضنا، لكن نحن باقون فيها وسنبني كل خيمة تم هدمها".
وكانت تجربة المواطن زياد ضبابات مختلفة نوعا ما، إذ أنه رحل إلى شرقي الشارع الرئيسي على أمل ألا يكون عرضة ثانية للانتهاكات الإسرائيلية، لكن آلة التدمير والخراب طالته ثانية دون سابق إنذار، مستهدفة مساكنه ومنشآته في الفارسية.
ويوضح أن هذا العدوان ترك عائلته المكونة من سبعة أفراد وتعمل في مجال الزراعة البعلية وتربية المواشي دون مأوى لهم، بعد أن سوت جرافات الاحتلال الخيام بالأرض، مؤكدا أنه يفضل المبيت في العراء دون مأوى على الرحيل من أرضه.
ومع استمرار معاناة المواطنين في هذه المنطقة، تبقى أنظارهم تتجه إلى صناع القرار، والمجتمع الدولي، والمدافعين عن حقوق الإنسان، على أمل ألا تتكرر معاناتهم مستقبلا، وألا تزعجهم ثانية أصوات جنازير الجرافات الاحتلالية، التي باتت عنوانا لفصول متجددة من القهر، والظلم، والتشريد.