القدس المحتلة ـ فلسطين اليوم
حذر الاتحاد الأوروبي، امس، من تدهور الوضع مجددا في قطاع غزة، معربا عن استعداده للمشاركة في عملية إعادة إعمار القطاع ولكن بعد تلبية شروط.
واعلن مسؤولان دبلوماسيان في الاتحاد الأوروبي ان مشاركة الاتحاد في إعادة الإعمار تبقى مرتبطة بشروط على الإسرائيليين والفلسطينيين القبول بها، مثل تعزيز اتفاق وقف إطلاق النار وجعله دائما، وعودة السلطة الفلسطينية الى القطاع.
وقال جون غات روتر ممثل الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية بعد عودته من زيارة لغزة، انه لاحظ "وجود شعور كبير بالخوف من عودة العنف خلال فترة قريبة".
كما قال سفير الاتحاد الأوروبي لدى إسرائيل لارس فابورغ اندرسن، ان هناك "احتمالا كبيرا" لعودة العنف الى القطاع وربما خلال بضعة اشهر فقط.
ودعا الدبلوماسيان في مؤتمر صحافي عقداه في القدس الى "ضرورة" رفع الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة للتمكن من البدء بإعادة الإعمار.
ولتحقيق ذلك اعتبر فابورغ اندرسن ان على الإسرائيليين والفلسطينيين البدء "بأسرع وقت" في المفاوضات لجعل وقف إطلاق النار دائما.
واعتبر ان بإمكان المصريين دعوة الطرفين سريعا للعودة الى القاهرة.
وكانت مصر لعبت دور الوسيط بين الطرفين خلال النزاع وتم التوصل الى اتفاق وقف إطلاق النار في السادس والعشرين من آب تحت إشرافها.
ويشترط الاتحاد الأوروبي حصول تقدم في المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في القاهرة لإنجاح المؤتمر الدولي للمانحين المقرر عقده في الثاني عشر من تشرين الأول للبحث في سبل اعادة إعمار قطاع غزة، بحسب ما اعلن الدبلوماسيان.
وقال غات روتر، "هناك عدد من الشروط لا بد من تلبيتها قبل ان نبدأ بتحديد الأموال التي يمكن ان يكون لها التأثير الفعلي في عملية اعادة الاعمار"، مضيفا، ان هناك دولا مانحة سبق ان دفعت أموالا لإعادة اعمار غزة التي شهدت ثلاث حروب خلال ست سنوات، ولا تريد ان تدفع أموالا اضافية على مشاريع قد تتعرض للدمار في اي لحظة.
وقال مسؤولون، ان التوترات بين حركتي فتح وحماس وهما اكبر الفصائل الفلسطينية تقترب من نقطة الانهيار بسبب عدم دفع المرتبات لموظفي القطاع العام في غزة ما يثير خطر تجدد الصراع في قطاع غزة الذي تسيطر عليه "حماس".
وتضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي ابرم الشهر الماضي لإنهاء حرب إسرائيل مع "حماس" شروطا لتولي السلطة الفلسطينية التي يقودها الرئيس محمود عباس المنتمي لحركة فتح الادارة المدنية في غزة من حركة حماس الاسلامية.
وظنت "حماس" أن ذلك سيعني أن موظفيها البالغ عددهم 40 ألفا في غزة والذين لم يتقاضوا مرتبات منذ شهور ويتزايد تململهم من الوضع سيتم الاعتناء بهم من خلال كشوف رواتب السلطة الفلسطينية التي تتكفل بالفعل بحوالي 90 الف موظف بالقطاع العام في الضفة الغربية و70 ألفا آخرين في غزة كلهم مرتبطون بحركة فتح.
ولا يقتصر الامر على أن السلطة الفلسطينية لن يمكنها تحمل دفع أجور كل هؤلاء العمال الإضافيين بل ان المانحين الدوليين الذين يدعمون ميزانية السلطة الفلسطينية ومنهم الاتحاد الاوروبي يريدون أولا مراجعة شاملة للموظفين وتخفيضات في كشوف الاجور المتضخمة التي تتكلف أكثر من ملياري دولار سنويا. وسيؤدي دفع مرتبات موظفي "حماس" الى اضافة 420 مليون دولار أخرى.
وبالمثل فحركة فتح ليست مستعدة لمنح أي دعم لـ"حماس" قبل أن تكف الحركة الاسلامية عن ادارة ما يصفه عباس بأنها "حكومة ظل" في غزة وتلتزم تماما باتفاق حكومة توافق ابرمه الجانبان في نيسان الماضي.
وقال عباس الاسبوع الماضي، اذا كانت "حماس" لا تقبل بدولة فلسطينية واحدة وسلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد فلا شراكة بيننا وبينهم.. هذه شروطنا ولا تراجع عنها.
وقال المتحدث باسم "حماس" سامي ابو زهري، انه لا توجد رغبة في العودة الى الصراع وان الجهود تبذل للقاء مسؤولي "فتح" لتسوية الخلافات.
ولا تزال الذكريات حية منذ العام 2007 حين خاضت "حماس" حربا صريحة ضد "فتح" في شوارع غزة قبل ان تحقق السيطرة الكاملة على القطاع.
وكإجراء مؤقت أعلنت وزارة المالية في القطاع الذي تسيطر عليه "حماس"، امس، انها ستسدد مدفوعات جزئية تتراوح بين ألف شيكل و4500 شيكل الى موظفي حكومة حماس يوم الخميس.
نقد في اليد
لكن الوقت يضيق. فاتفاق وقف اطلاق النار الذي وقع في القاهرة يوم 26 اب يسمح بشهر لتحقيق تقدم تجاه ارساء اسس اتفاق دائم بما في ذلك المصالحة بين "فتح" و"حماس" وخطوات من اسرائيل ومصر لتخفيف الحصار على غزة.
وقال مبعوث الاتحاد الاوروبي الى الاراضي الفلسطينية، يوجد خطر حقيقي جدا للعودة الى العنف اذا لم تحل تلك التوترات بشأن المرتبات بأسرع ما يمكن.
وقال مسؤول أوروبي آخر مشارك في المناقشات مع السلطة الفلسطينية، ان التوصل الى حل ربما لا يتحقق قبل مؤتمر للمانحين سيعقد في القاهرة يوم 12 تشرين الاول.
ويتردد الممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة لدى السلطة الفلسطينية روبرت سري بين غزة ورام الله في الضفة الغربية حيث مقر السلطة في جولات مكوكية بحثا عن حل.
وأحد الاحتمالات أن تسدد قطر - الدولة الثرية التي تدعم "حماس" بقوة - دفعات مؤقتة - وليس مرتبات - الى موظفي "حماس" حتى التوصل الى حل على مدى ابعد، وقالت قطر في محادثات مع مسؤولي "حماس" والسلطة الفلسطينية انها مستعدة لتقديم التمويل.
لكن مسؤولين يقولون ان من المرجح ان يشمل ذلك في احسن الحالات سداد مدفوعات مرتين او ثلاث مرات لمساعدة الناس وهو شيء تعتقد "حماس" أنه غير كاف. وقد لا يكون مثل هذا الحل مقبولا من "حماس" ومن نقابة عمال غزة التي تصر على أن المدفوعات يجب أن تأتي من الميزانية الرئيسية للسلطة الفلسطينية لهم كي يتم الاعتراف بهم كعمال في القطاع العام.
والادهى من ذلك أن قطر لن يمكنها تحويل الاموال الكترونيا بسبب القيود على التحويلات المصرفية لـ"حماس" التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي منظمة ارهابية.
ويقول مسؤولون، انه بدلا من ذلك قد يكون عليها أخذ الاموال الى غزة وتوزيعها يدويا. ونقل حوالي 40 مليون دولار نقدا لتوزيعها يدويا على 40 ألف شخص سيكون أمرا محفوفا بالمشاكل.
وقد أوضحت اسرائيل التي تسيطر على أغلب المعابر الى غزة انها مستعدة لقبول مثل هذا الحل المؤقت لكن ليس واضحا ما ان كانت مصر التي تسيطر على معبر رفح على الحدود مع غزة مؤيدة بنفس القدر.
وتوجد تحفظات عميقة لدى آخرين مشاركين في العملية.
وقال دبلوماسي أجنبي، ينبغي أن نكون حريصين جدا بشأن كيفية تقديم أي من تلك المدفوعات المؤقتة. واضاف، حتى اذا كان هناك نقد ستثور مسألة كيف تضخ الاموال على وجه الدقة ومن سيتعامل معها.