منظمات حقوق الإنسان فلسطينية

قدمت أربع من منظمات حقوق الإنسان فلسطينية، بلاغها الموضوعي الخامس إلى المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، خلال اجتماع الدول الأعضاء في مقر الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، وذلك في بيان وزعه مركز الميزان لحقوق الإنسان، الأحد، أن منظمات: المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الحق، ومؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، إضافة إلى مركز الميزان لحقوق الإنسان، قدمت بلاغًا بشأن عجز وامتناع إسرائيل عن التحقيق الفعّال ومحاسبة من يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب.

وتأتي هذه الخطوة ضمن مساعي هذه المنظمات لمنع إسرائيل من التنصل من مسؤوليتها بإجراء تحقيقات فعالة، وضمن الجهود الرامية لتعزيز العدالة، والتي بدورها توجب الآن على المدعية العام للمحكمة الجنائية الدولية التحرك لفتح تحقيق بشأن الجرائم الدولية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال هجومها على غزة في يوليو/ تموز وأغسطس/ آب 2014، فيما أسمته عملية الجرف الصامد.

ويتألف البلاغ السري، وفق البيان، من شرح لنظام التحقيق الإسرائيلي في ضوء ما ورد في متطلبات التكامل والتي نصت عليها المادة رقم 17 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وقد تم بناء هذا الشرح على الخبرة المباشرة لكل من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة.

 ويشير البلاغ إلى أن هذه المنظمات قدّمت 369 شكوى جنائية لمكتب المدعي العام العسكري الإسرائيلي بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي في العام 2014. وبينما لم يتم فتح تحقيق في الغالبية العظمى من هذه الشكاوى، فإن تلك التي تم التحقيق فيها تمت بعد تأخر غير مبرر. وبعد ثلاثة أعوام على عملية “الجرف الصامد”، لم تصدر أي تهمة فيما يتعلق بالشكاوى التي تم تقديمها.

ويتعرض البلاغ إلى شرح لما تضعه إسرائيل من محددات تقصر مهمة نظام التحقيق لديها ليكون مختصًا فقط في الحالات الاستثنائية، الأمر الذي لا يسمح بالتحقيق في قرارات المستويات السياسية والسياسات، كما يمنع ملاحقة كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين ممن كانت أفعالهم وإهمالهم خلف ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبت بحق المدنيين في قطاع غزة.

وقال مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان راجي الصوراني، “هناك تجنب منظم لإطلاق عملية تحقيق وملاحقة جنائية حقيقية حول هذه الشكاوى، وإنه طالما بقي الأمر كذلك، فإن المساءلة القانونية والعدالة سوف يبقيان في غياب عن معظم الضحايا والناجين، كما كان الحال خلال العمليتين العسكريتين السابقتين لإسرائيل في غزة”.

وخلصت هذه المنظمات إلى أن بنية نظام التحقيق الإسرائيلي تعيق فتح تحقيقات نزيهة ومستقلة وفعالة، وهو بذلك يخالف متطلبات وأعراف القانون الدولي وما ورد في متطلبات التكامل والتي نصت عليها المادة رقم 17 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

 بدوره، أشار مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس، إلى أن الطريقة التي يعمل بها نظام التحقيق الإسرائيلي وما نتج عن هذه العملية يثبتان علل هذا النظام، مؤكدًا أن النظام يعمل بطريقة تحصن صناع السياسة والقرارات وكبار المسؤولين العسكريين والمدنيين من أي تحقيق قد يتعرضون له، وهو بذلك يعزز من استمرار إسرائيل في ممارساتها وسياساتها غير القانونية.

ويأتي هذا البلاغ الخامس، ليعزز المعلومات التي سبق وتقدمت بها هذه المنظمات للمدعية العام في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، حيث تضمنت البلاغات الأربعة السابقة إثباتات على وقوع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبها مسؤولون إسرائيليون كبار، عسكريون ومدنيون، في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، منذ سريان ولاية المحكمة الجنائية الدولية واختصاصها بمثل هذه الجرائم الذي أعقب انضمام فلسطين إليها في 13 يونيو/ حزيران 2014.

وجاء في البيان: "في ظل الحصانة المستمرة ضد الاتهامات بارتكاب انتهاكات فاضحة وواسعة النطاق للقانون الجنائي الدولي، وواجب الحد من ارتكاب أي جرائم دولية ممكنة في المستقبل، فإن منظمات حقوق الإنسان توصي المدعية العام بالتحرك الرسمي من المعاينة الأولية إلى فتح تحقيق كامل".

ولفت مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين، إلى ضرورة الأخذ بوجهة نظر الضحايا الفلسطينيين لما فيه من مصلحة لتحقيق العدالة، وإلى ضرورة أن تتم التعويضات بشكل كامل. وأكد أن تحقيق العدالة للضحايا الفلسطينيين هو أساس لإحلال سلام حقيقي ودائم.