رام الله - ناصر الأسعد
أدانت محكمة إسرائيلية الخميس، شاعرة فلسطينية بالتحريض على الإرهاب على الإنترنت لاستخدامها قصيدة ألفتها كخلفية صوتية لمشاهد لفلسطينيين في مواجهات عنيفة مع القوات الإسرائيلية، ونشرت دارين طاطور (36 عامًا) مقطعًا مصورًا على "فيسبوك" و"يوتيوب" وهي تقرأ قصيدة "قاوم يا شعبي قاوم"، مصحوبة بلقطات لشبان فلسطينيين ملثمين يرشقون الجنود الإسرائيليين بالحجارة والقنابل الحارقة.
ونُشرت القصيدة في تشرين الأول/أكتوبر 2015 خلال موجة هجمات دامية شنها فلسطينيون على إسرائيليين في الشوارع، وألقي القبض على الشاعرة، وهي من العرب في إسرائيل، بعد ذلك بأيام قليلة، وقال ممثلو الادعاء إن تدوينتها دعوة للعنف، وقالت طاطور، التي نفت الاتهامات، إن السلطات الإسرائيلية أساءت فهم قصيدتها.
وتقول القصيدة "قاوم يا شعبي قاومهم/ قاوم سطو المستوطن/ واتبع قافلة الشهداء"، وأضافت أن القصيدة لا تحمل أي دعوة للعنف وإنما للكفاح وهو ما صوره الإسرائيليون عنفًا، بينما أدانتها قاضية إسرائيلية، وأصدرت حكما في 52 صفحة شمل تحليلًا أدبيًا مفصلًا للنص والتسجيل المصور وللكلمة العربية "شهيد".
ومن خبراء اللغة الذين وصفهم الدفاع بأنهم شهود أستاذ إسرائيلي شهير في الشعر وخبير في الترجمة العربية والعبرية، وأبلغ المترجم المحكمة بأن "شهيد" تعني أشياء مختلفة لطرفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقال يوناتان منديل، للمحكمة في آذار/مارس 2017 "الإسرائيليون يسمعون كلمة 'شهيد' ويرون معتديًا. الفلسطينيون يرون ضحية. هذا فارق كبير. واحد يرى مهاجمًا يفجر حافلة والآخر يرى طفلًا يقتله الجنود بالرصاص".
مراقبة الإنترنت
وأصبحت قضية طاطور قضية بارزة بالنسبة للمدافعين عن حرية التعبير في إسرائيل. ولفتت الانتباه إلى التكنولوجيا المتطورة التي تستخدمها أجهزة الأمن الإسرائيلية للبحث في وسائل التواصل الاجتماعي لتحديد من يشتبه بأنهم محرضون على العنف أو يخططون لهجمات واعتقالهم.
ورفضت القاضية في حكمها تفسير الدفاع لكلمات طاطور، مشيرة إلى منشور منفصل استخدمت فيه الشاعرة كلمة "شهيد" لوصف مهاجم فلسطيني كان قد طعن إسرائيليًا عمره 15 عامًا، وجاء في الحكم "المزج (بين القصيدة وصور المواجهات) لا يترك تفسيرًا لكلمة 'شهيد' سوى تفسير عنيف يحض على الإرهاب، وعلى اتباع نهج المهاجمين-الشهداء"، كما وجهت المحكمة لطاطور أيضا تهمة دعم جماعة إرهابية. وقال ممثلو الادعاء إنها عبّرت عن تأييدها لدعوة حركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية إلى انتفاضة.
وتنحدر طاطور من قرية قرب الناصرة في شمال إسرائيل. وكشف محاميها أنه من المتوقع أن تستأنف الحكم، بينما قالت طاطور في المحكمة بالناصرة "أنا كنت اتوقع ما حدث اليوم، تم إدانتي بالتهم الموجودة... أنا جاهزة لأي شي ولست نادمة على أي شيء فعلته. لأني لم اعمل أي خطأ".
وزادت حالات الاتهام بالتحريض على الإنترنت في إسرائيل إلى ثلاثة أمثالها منذ 2014. كما زاد الجيش الإسرائيلي أيضا من الملاحقات القضائية في الضفة الغربية المحتلة، وكان معظم المتهمين شبانا فلسطينيين، ومتوسط الأحكام في قضايا التحريض السجن تسعة أشهر، بيد أن الحكم الأقصى الذي قد تواجهه طاطور هو خمس سنوات.
وحددت جلسة للنطق بالعقوبة التي ستفرضها على طاطور في تاريخ 31 أيار /مايو الجاري، فيما حضر عدد من الناشطين والقيادات السياسية العربية إلى جانب عائلة طاطور جلسة المحكمة.
وزعمت النيابة أن "طاطور وعلى خلفية الأحداث التي شهدتها البلاد، بعد أحداث القدس والمسجد الأقصى المبارك، والتي رافقتها تظاهرات ومواجهات مع الشرطة في البلاد، وعلى خلفية عملية إطلاق النار على الشابة إسراء عابد من الناصرة في المحطة المركزية بالعفولة، أقدمت على نشر صور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها كانت صورة الشابة إسراء عابد في المحطة المركزية بالعفولة، وكتبت 'سأكون الشهيدة القادمة.' ونشرت عبر شبكة التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لعمليات، يسمع في خلفية مقاطع الفيديو صوتها وهي تقرأ قصيدة كتبتها "قاوم يا شعبي قاوم."
وكانت الشرطة قد اقتحمت منزل الشاعرة دارين طاطور في 11 تشرين الأول عام 2015، واعتقلتها، وقدمت ضدها لائحة اتهام، في تشرين الثاني، تشمل "التحريض على العنف ودعم تنظيم إرهابي"، وبعد شهور قضتها في المعتقل أفرج عنها، وأخضعت للحبس المنزلي، ومنعت من استخدام الإنترنت أو إجراء اتصالات. وفقط في أيار الماضي جرى تخفيف بعض القيود التي فرضت عليها، بينما تستمر محاكمتها في القضية نفسها.