القدس المحتلة - فلسطين اليوم
زار وزير الشؤون الخارجية العماني، يوسف بن علوي بن عبد الله، المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة، أمس، في خطوة نادرة لمسؤول عربي، وذلك بعد قليل من دعوته الدول العربية لتلبية دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لزيارة القدس.
ووصل بن علوي إلى الأقصى قادماً من رام الله، وزار المسجد القبلي وقبة الصخرة، ومناطق أخرى واسعة، مستمعاً إلى شروح وافية من المسؤولين عن المكان، شملت أوجه المعاناة اليومية في
واستقُبل الوزير العماني ومرافقوه، من قبل مدير الأوقاف الإسلامية في القدس، المسجد الأقصى.الشيخ عزام الخطيب، ومدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني، ونائب محافظ مدينة القدس عبد الله صيام.
وقال الخطيب: «هذه زيارة تاريخية لدعم أهل القدس والمسجد الأقصى».
وعبّر بن علوي عن انبهاره بهيبة المكان التاريخية والدينية، وقدم صندوق بخور عماني، هدية للأقصى.
وأخذت زيارة بن علوي اهتماماً استثنائياً بسبب وقوعها في ظل الصراع المحتدم حول القدس، بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب اعتبار المدينة عاصمة لإسرائيل.
وبن علوي هو أول مسؤول عربي يزور المسجد الأقصى بعد قرار ترمب، ودولته لا تعترف بإسرائيل ولا تقيم علاقات معها.
وسبقه إلى ذلك وزراء أردنيون وأتراك، لكنهم من دول تقيم علاقات مع إسرائيل.
وتطلب مثل هذه الزيارات بالعادة تنسيقاً مسبقاً مع إسرائيل، ويعتقد أن المملكة الأردنية بصفتها راعية المقدسات والسلطة الفلسطينية التي كان علوي في ضيافتها توليا مسألة الترتيب.
وكان بن علوي ضيفاً على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي قلّده النجمة الكبرى لوسام القدس؛ «تقديراً لجهوده الحثيثة، ومواقفه الرصينة، في خدمة قضايا أمته العربية، وفي الطليعة منها قضية فلسطين، وتثميناً لأخلاقه النبيلة، ودبلوماسيته الرفيعة والحكيمة».
وأيد بن علوي دعوة عباس لزيارة القدس، وهي الدعوة التي تثير جدلاً واسعاً في العالم العربي.
ودعا الوزير العماني الدول العربية إلى تلبية دعوة عباس لزيارة فلسطين والقدس المحتلة؛ «تأكيداً على أن الشعب الفلسطيني ليس وحده، وأن الشعوب العربية كلها تقف خلفه».
وقال وزير الخارجية العماني، في مؤتمر صحافي عقب لقائه عباس، في مقر الرئاسة: إن عُمان تقف مع فلسطين في كل وقت وزمان.
وأقر بأن قرار ترمب بشأن القدس خلق صعوبات في الأفق السياسي، وأكد رفض بلاده القرار. وشدد بن علوي على «أن قيام الدولة الفلسطينية ليست هبة، وإنما هي ضرورة تاريخية وحضارية وجغرافية». وتابع قائلاً: «إن من يريد أن يساهم في التخلص من بقايا الحروب، عليه مساندة الرئيس عباس وحكومته».
وأشار بن علوي إلى خطاب مرتقب لعباس في العشرين من الشهر الحالي «سيحدد المسار الفلسطيني»، مؤكداً «إنه مسار سلمي». وقال: «لا يمكن تحقيق الاستقرار والتطور وبناء ثقافة التسامح، إلا بقيام دولة فلسطينية بكامل أركانها، لتكون في مقدمة الركب في محاربة ما يعاني منه العالم»، مضيفاً إن «هذه الرؤية التي نعتقد أنها الطريق الصحيح لتحقيق الهدف المنشود». وطالب بوضع «استراتيجية» من أجل «قيام الدولة الفلسطينية، باعتبارها الجزء الأهم في مكافحة الإرهاب بمنطقتنا والعالم».
وقال بن علوي: إن المطلوب هو العمل الجاد من الفلسطينيين لبناء بلدهم التي كانت على مر التاريخ منارة للعلم، وتحوي الجامعات والمدارس والأساتذة والخبراء، وتمتلك ثروة بشرية هائلة، تعد بمثابة ثروة لكل الشعوب العربية.
وبعد أن التقى بن علوي عباس، التقى رئيس الوزراء رامي الحمد الله. وأكد «مواصلة سلطنة عُمان دعم القضية الفلسطينية ومساعي القيادة الفلسطينية في كافة المحافل الدولية».
كان الوزير العماني قد وضع قبل ذلك، إكليلاً من الزهور على ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات. وزار أول من أمس، كنيسة المهد في بيت لحم، واستمع إلى شرح تفصيلي حول جهود إعادة ترميم الكنيسة التاريخية، كما اختبر بنفسه الوضع المعقد في محيط المسجد الإبراهيمي في الخليل، الذي قسمه الإسرائيليون نصفين، ويسيطرون على كل مداخله.
ويرفض كثير من المسؤولين العرب زيارة الأراضي الفلسطينية والقدس، ويعتبرون ذلك «جزءاً من التطبيع» و«قبولاً بالأمر الواقع»، كما يقول مناهضو الزيارات، لكن عباس رفض هذا المنطق باعتبار أن زيارة المسجين ليست تطبيعاً.
وكانت آخر دعوة لعباس للزيارة، في مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس في مصر، حين قال: «إن الجولة الأخيرة من المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين أكدت لنا صواب دعوتنا لأبناء أمتنا العربية والإسلامية من المسلمين والمسيحيين على السواء، من أجل شد الرحال إلى المدينة المقدسة نصرةً لأهلها المرابطين فيها وفي أكنافها، ورفعاً لروحهم المعنوية وهم يواجهون أعتى المؤامرات التي تستهدف وجودهم». وتابع: «إن التواصل العربي والإسلامي مع فلسطين والفلسطينيين ومع مدينة القدس وأهلها على وجه الخصوص، هو دعم لهويتها العربية والإسلامية وليس تطبيعاً مع الاحتلال أو اعترافاً بشرعيته»، وأضاف: «إن الدعوات لعدم زيارة القدس بدعوى أنها أرض محتلة، لا تصب إلا في خدمة الاحتلال ومؤامراته الرامية إلى فرض العزلة على المدينة... فزيارة السجين ليست تطبيعاً مع السجان».
وقبل بن علوي، زار وزير الداخلية الأردني غالب الزعبي، ووزير الشباب الأردني جمال الخريشا، المسجد الأقصى، كما زاره وزير الشباب التركي في فترة قريبة.
وفي سبتمبر (أيلول) 2014، قام الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية الكويتي؛ بزيارة المسجد الأقصى والقدس. كما زار المدينة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وعلي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق.