المفاوض بيير كرينبول

وجه المفوض العام للأونروا بيير كرينبول رسالة تاريخية للاجئين الفلسطينيين مؤكدًا أن لا أحد يستطيع نزع صفة لاجئ عنهم وأن الأونروا ستواصل تقديم خدماتها بإصرار أكبر وعزيمة لا تلين، وأن واشنطن هي مانح واحد فقط رغم أنها كانت أكبر المانحين طوال عقود.

وأعرب كرينبول عن عميق أسفه وخيبة أمله من القرار الأميركي بعدم تقديم أي تمويل إضافي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) والذي يؤثر على واحدة من أقوى وأجدى الشراكات في المجالات الإنسانية والتنموية.

وأعلن كرينبول في رسالة مفتوحة وجهها للاجئي فلسطين ولموظفي "الأونروا" أمس السبت، عن رفضه وبلا تحفظ للنص الأميركي المصاحب لذلك القرار.

وقال كرينبول في رسالته: "أود أن أنقل – بثقة وبتصميم راسخ – للاجئي فلسطين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وفي غزة والأردن ولبنان وسوريا، بأن عملياتنا ستستمر، وبأن وكالتنا ستبقى".

وأضاف "في صميم مهمتنا تقبع كرامة وحقوق مجتمع شديد الضيق وغير مستقر بشكل كبير. إن قرار التمويل من دولة واحدة عضو – على الرغم من أنها تاريخيا الأكثر سخاء وثباتا – لن يقوم بتعديل أو بالتأثير على الطاقة والشغف اللذين نتعامل بهما مع دورنا ومسؤوليتنا تجاه لاجئي فلسطين. إنها لن تؤدي إلا إلى تعزيز عزيمتنا".

وتابع أؤكد لزملائي – فلسطينيين ودوليين على حد سواء – بأننا سنلزم أنفسنا بكل ذرة من الطاقة والإبداع لمواصلة تلبية احتياجات المجتمع والمحافظة على خدماتنا الحيوية. إن كل موظف سيكون على رأس عمله، وسنحافظ على منشآتنا مفتوحة وآمنة. وإنه لمن المهم جدا إظهار أقوى شعور بالوحدة والهدف.

وقال "إن تاريخ الأونروا الجدير بالملاحظة مؤلف من الملايين من أفعال بعيدة عن المصالح الذاتية، وتتسم بالشجاعة في واحدة من أكثر مناطق العالم استقطابا وأشدها شحنا للعواطف. وإنني فخور وأتشرف بقيادة هذه الوكالة الحيوية، وأود أن أقدم التحية للعشرات من الزملاء الذين فقدوا حياتهم في السنوات الأخيرة، وتحديدا في غزة وسوريا والضفة الغربية".

وأضاف "لقد تأسسنا في عام 1949 من أجل تقديم المساعدة وحماية حقوق لاجئي فلسطين، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم. لقد كان ذلك – ولا يزال راسخا – تعبيرا عن الإرادة الجماعية للمجتمع الدولي، ولطالما أشادت الجمعية العامة للأمم المتحدة وبشكل مستمر بالنتائج التي تحققها الوكالة على صعيد التنمية البشرية، وعملت على تمديد مهام ولايتها. وقد وصف البنك الدولي نظامنا التربوي بأنه "منفعة عامة عالمية".

وأشار إلى أنه في حالة لاجئي فلسطين، فإن تلك سببها التشريد القسري ونزع الملكية وفقدان البيوت وسبل المعيشة، علاوة على انعدام الدولة، والاحتلال. 

وشدد على أن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها تبقى أنه لديهم حقوقا بموجب أحكام القانون الدولي، وأنهم يمثلون مجتمعا قوامه 5.4 مليون رجل وامرأة وطفل لا يمكن ببساطة إلغاء وجودهم.

وقال كرينبول في رسالته: "إن المسؤولية حيال الطبيعة التي طال أمدها للجوء الفلسطيني، والعدد المتزايد من اللاجئين ونمو الاحتياجات تقع بشكل واضح على عاتق غياب الإرادة أو عدم القدرة المطلقة للمجتمع الدولي وللأطراف على التوصل إلى حل تفاوضي وسلمي للنزاع بين إسرائيل وفلسطين. إن محاولة جعل الأونروا إلى حد ما مسؤولة عن إدامة الأزمة، هي محاولة غير منطقية في أحسن الأحوال".

وأشار إلى أنه في كانون الثاني من عام 2018، أعلنت الولايات المتحدة بأن تبرعاتها السنوية للأونروا ستكون 60 مليون دولار. لقد أقررنا هذا التمويل الهام في ذلك الوقت، ولكننا أيضا سلطنا الضوء على حقيقة أن ذلك المبلغ يمثل تخفيضا بمقدار 300 مليون دولار في الدخل، الأمر الذي عرض منظمتنا لأزمة وجودية. ولم يتم إبلاغنا في أي وقت مضى على مدار الشهور الثمانية الماضية بالأسباب المحددة للتقليص المهول.

وقال "أود أن أشير على وجه الخصوص إلى التبرعات السخية التي وفرتها دول الخليج العربي وتحديدا كل من دولة قطر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ناهيك عن الدعم التاريخي لدولة الكويت".

وأضاف "إننا لا نزال بحاجة ماسة إلى أكثر من 200 مليون دولار من أجل النجاة من أزمة هذا العام، وندعو المانحين كافة إلى إدامة الحشد الجماعي من أجل النجاح في هذا المسعى الحاسم".

وقال "إنني مدين للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لثقته وقيادته جهود التعبئة لوكالتنا. وأود أن أعرب عن خالص شكري لجميع الدول المضيفة على جهودهم الدءوبة، مثلما هو واضح وبقوة من المملكة الأردنية الهاشمية ومن فلسطين. كما أن الالتزام الذي أبدته كل من مصر وتركيا على التوالي رؤساء متعاقبين للجنة الاستشارية للأونروا معترف به أيضا".

واستطرد "عندما بدأنا السنة الدراسية في موعدها هذا الأسبوع – وبدعم رائع من شركائنا – وعاد 526,000 صبي وفتاة إلى غرفهم الصفية في 711 مدرسة تابعة لنا في المنطقة، فقد كانت تلك اللحظة مدعاة للاحتفال والفخر والأمل.

وأضاف "أقول مرة أخرى للاجئي فلسطين: لن نخذلكم. إن شراكتنا معكم أقوى من أي وقت مضى. إن كرامتكم لا تقدر بثمن".