رام الله - فلسطين اليوم
قال واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إن القيادة الفلسطينية تدعم أي تحرك روسي لإحياء العملية السياسية بما يحقق إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وأضاف أبو يوسف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نثق بأي دور تلعبه روسيا ونأمل فعلاً أن يكون هناك توجه لديها جاد للبدء في مسار يفضي إلى إنهاء الاحتلال».
وتابع: «لا نقلل أبداً من حجم روسيا كدولة عظمى. وكنا طلبنا من مسؤوليها أن يضافروا جهودهم مع معظم دول العالم الوازنة من أجل محاصرة القرارات الأميركية المعادية للشعب الفلسطيني وحقوقه». ووصف أبو يوسف روسيا بدولة صديقة للفلسطينيين ولطالما دعمت في حقوق الشعب الفلسطيني وكانت في صف تطبيق قرارات الشرعية الدولية وما زالت.
وأوضح أنه «بالأساس كنا نتطلع إلى دور روسي فاعل ضمن آلية دولية تكون بديلاً لمسار التسوية السابق الذي انفردت برعايته الولايات المتحدة».
وتابع: «نتوقع من روسيا والصين ودول والاتحاد الأوروبي أن تكون جزءاً رئيسياً من الآلية الدولية. نريد دوراً أممياً في مواجهة صفقة القرن».
ورداً على سؤال عما إذا كانت القيادة الفلسطينية تقبل بدور روسي منفرد، قال أبو يوسف: «ليس لدينا أي تحفظ على أي دور روسي بالطريقة التي تراها موسكو».
وأضاف: «نتطلع إلى الثقل الروسي في المنطقة من أجل محاصرة الموقف الأميركي».
وجاء حديث أبو يوسف بعد يوم من تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن روسيا مستعدة للتوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين باعتبار أن الاستقرار في المنطقة لا يمكن الوصول إليه حتى يتم حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقال لافروف: «من المستحيل تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط بما في ذلك في ليبيا والعراق دون حل لأقدم مشكلة إقليمية وهي المشكلة الفلسطينية».
وتابع: «نحن ندعم الحاجة لاستئناف المحادثات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. نحن نؤكد مرة أخرى على عرضنا منذ عدة سنوات لاستضافة اجتماع بين القادة الإسرائيليين والفلسطينيين في روسيا من دون أي شروط مسبقة».
ولم يتضح إذا ما كان لافروف يقصد توسطاً روسياً في العملية السياسية أم مجرد محاولة لتقريب وجهات النظر وكسر الجمود. وهذه ليست أول مرة تدعو فيها روسيا القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية إلى الاجتماع في موسكو. وحاول الروس قبل ذلك جمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكن الأخير تهرب من اللقاء.
ويأمل الفلسطينيون بأن يكون التحرك الروسي مقدمة لآلية دولية متفق عليها وفق خطة الرئيس الفلسطيني. وتقوم خطة عباس على دعوة دولة كبيرة لمؤتمر سلام ينتج عنه تشكيل آلية متعددة لرعاية العملية السياسية.
وقبل أسابيع، أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، أن بلاده تدعم مبادرة الرئيس عباس للسلام، والقائمة على مؤتمر دولي للسلام. ووصف بوغدانوف مواقف عباس بالحكيمة، وقال إنها تدعم الاستقرار في المنطقة على أساس قرارات الشرعية الدولية.
وجدد بوغدانوف التأكيد على «موقف روسيا الثابت في دعم الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».
ويسعى عباس إلى إطلاق مؤتمر دولي للسلام، تنتج عنه آلية دولية تشارك فيها اللجنة الرباعية بما في ذلك الولايات المتحدة، ودول أوروبية وعربية مكونة من 5 أو 7 دول تحت مظلة الأمم المتحدة، تدخل في صلب عملية سياسية مع الفلسطينيين والإسرائيليين على غرار «5 + 1» التي وضعت اتفاق النووي الإيراني، لكن أي خطوات عملية لم تتخذ.
وحاول عباس إقناع فرنسا بهذا الأمر، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غير متشجع للأمر بخلاف سلفه فرنسوا هولاند الذي أطلق مؤتمراً على مرحلتين في 2016 و2017.
وكان عباس عمل شخصياً على إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أجل إطلاق مؤتمر دولي للسلام مستخدماً نفوذه في المنطقة. ويراهن عباس على الحضور الروسي كمنافس وحيد للولايات المتحدة في المنطقة، وعلى علاقات موسكو المتقدمة بتل أبيب بما في ذلك المصالح المشتركة والهامة بينهما.
ويبحث عباس عن دولة قادرة على التأثير على إسرائيل وكذلك على دول كبيرة، ويمكن لها معارضة الولايات المتحدة التي لم يعد يريدها وسيطاً في المفاوضات منذ إعلان القدس عاصمة إسرائيل.
وأكد السفير الفلسطيني لدى روسيا عبد الحفيظ نوفل، أن التغييرات الكبيرة التي طرأت على منطقة الشرق الأوسط، أنتجت واقعاً جديداً، ليس القرار الأوحد فيه للولايات المتحدة إنما إلى الدور الروسي الفاعل في المنطقة. وقال السفير الفلسطيني لمحطة «آي 24» الإسرائيلية، إن روسيا تستعد لاستضافة محادثات سلام دولية.
والإعلان الروسي يخدم موقف الفلسطينيين الرافضين للصفقة الأميركية المرتقبة. ويفترض أن يتم طرح الخطة الأميركية للسلام في الأشهر المقبلة. ومن المقرر أن يعقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب اجتماعاً مع كبار المستشارين هذا الأسبوع لمراجعة خطة السلام ومناقشة توقيت إطلاقها.
وكان مسؤولون أميركيون قالوا إن ترمب يريد رؤية الخطة في فبراير (شباط) المقبل، لكن مستشاريه يفضلون اتباع نهج أكثر حذراً، في ضوء الأزمة السياسية التي اجتاحت إسرائيل على مدار الأسبوع الماضي، والضعف الذي أصاب الحكومة الائتلافية.
وكانت وزيرة القضاء الإسرائيلي إيليت شاكيد، وصفت أي اقتراح أميركي الآن بأنه «مضيعة للوقت». وأضافت: «أعتقد أن الفجوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين أكبر من أن يتم سدها، أعتقد شخصياً أنها مضيعة للوقت. على الرغم من أنني أريد السلام مثل أي شخص آخر، أعتقد أنني أكثر واقعية. وأنا أعلم أنه مستحيل في المستقبل الحالي».
والتردد الإسرائيلي في التعامل مع صفقة القرن يقابله رفض فلسطيني قاطع للخطة الأميركية.
وأعلن عباس أكثر من مرة أنه حتى لن يستمع إلى الخطة بسبب إعلان الولايات المتحدة القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها إضافة إلى الموقف من قضية اللاجئين، ومجموعة قرارات أخرى اتخذتها الإدارة الأميركية ضد السلطة. لكن لا يتوقع رغم كل ذلك أن يتجاوب الإسرائيليون مع تدخل روسي مباشر، لأنهم مدينون للولايات المتحدة.
وتقول إسرائيل إن واشنطن هي الدولة الوحيدة القادرة على الإشراف على المفاوضات.
ويفترض أن يناقش وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي هذا الأمر مع لافروف، في موسكو في 21 ديسمبر (كانون الأول). وقال المالكي: «سأزور موسكو شخصياً في 21 ديسمبر بناء على دعوة لافروف. سنناقش، بالطبع، ليس فقط العلاقات الثنائية مع الاتحاد الروسي، ولكن أيضاً تحقيق اختراقات محتملة في العملية السياسية وجهود على المستوى الروسي لاستعادة العملية السياسية إلى مسارها الصحيح».
وأكد المالكي أنه يتطلع أيضاً إلى ما يمكن أن تلعبه موسكو من دور في إنهاء الانقسام الفلسطيني، وذلك وسط تجهيزات لزيارة وفد رفيع من «حماس» لموسكو قد يرأسه رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية. وأكد المالكي: «أعلم أن هناك وفداً من حماس سيزور موسكو قريباً، هذا ما سمعناه، وقد يكون هنية نفسه، وبالتالي نحن نريد أن نتابع هذا الموضوع لنرى ماذا يمكن أن يقال في موسكو مع وفد حماس، والوقوف على الدور الذي يمكن لموسكو أن تلعبه من أجل إقناع قيادات حماس بإنهاء الانقسام».