الحكومة اللبنانية

دخلت المشاورات الحكومية عطلة عيد الأضحى، بحيث بات الجميع يستبعد حدوث أي خرق، ولو حتى على مستوى اللقاءات السياسية قبل نهاية الأسبوع المقبل، فيما بقيت المواقف السياسية على حالها، خصوصًا تلك المتعلقة بتمسك الأطراف بمطالبها وتبادل اتهامات التعطيل، في موازاة استمرار الخلاف حول مقاربة التطبيع مع سوريا.

ورأى وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية في حكومة تصريف الأعمال بيار رفول، أن عقدة التشكيل تكمن في طلب البعض، بدفع خارجي، حصصًا مبالغًا فيها، بينما اعتبر النائب في حزب القوات، جورج عقيص أن هناك نية لكسر القوات، وإدخالها إلى الحكومة بأقل تمثيل ممكن، في وقت جدّد النائب في اللقاء الديمقراطي، وائل أبو فاعور تمسك الحزب الاشتراكي بالحصة الوزارية كاملة.

وقال رفول في حديث إذاعي إن العقدة المعترضة تشكيل الحكومة الجديدة تكمن في طلب البعض، بدفع خارجي، حصصًا مبالغًا فيها، وفي رهانه على متغيرات في المنطقة لن تصب في مصلحته حتمًا، رافضًا ربط أسباب عرقلة التأليف بإعلان الرئيس المكلف، رفض التطبيع مع سوريا.

ورفض تحميل «العهد» و«التيار الوطني الحر» مسؤولية عدم تشكيل الحكومة، منتقدًا، تجاوز أطراف سياسية المعيار المعلن للتأليف والمتمثل بحصول كل أربعة نواب على مقعد وزاري متعمدة في المقابل نفخ حجمها وتقليص حجم سائر الأفرقاء.

وأعلن أن مصلحة اللبنانيين تقتضي تطبيعًا كاملًا للعلاقات مع سورية المنتصرة شاء من شاء ذلك وأبى من أبى، مشيرًا إلى أن لبنان هو الرابح من انتصار الدولة الجارة لإتاحته إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، وتفعيل تصدير بضائعه عبر معبر نصيب إلى الخارج، والمشاركة في إعادة الإعمار، وتحسين اقتصاده المتردي.

في المقابل، اعتبر النائب في «القوات» جورج عقيص، أن هناك نية لكسر القوات، وإدخالها إلى الحكومة بأقل تمثيل ممكن لسبب من اثنين، إما الانتقام من مواقفها في حكومة تصريف الأعمال من موضوع ملف الفساد وظهورها بأنها الفريق الذي يحاول بناء دولة المؤسسات، أو لاستباق المعركة الرئاسية الذي يبدو أن البعض أراد فتحها باكرًا، معتبرًا أن ما يحصل محفوف بالمخاطر، وهو ظاهرة خطيرة جدًا في تاريخ لبنان.

وأضاف عقيص: «كلما شعرنا بأننا خرجنا من عنق الزجاجة نعود إليها سريعًا، فبعد تنازل (القوات) عن خمس وزارات وقبولها بأربع، من ضمنها وزارة سيادية، تم رفض هذا الطرح»، مشيرًا إلى أن الكرة في ملعب الفريق الآخر بعدما قدّم حزب القوات كل التنازلات الممكنة لتسهيل عملية تشكيل الحكومة، معتبرًا أن تعنّت البعض بمواقفه لا يبشّر بالخير.

وأكد عقيص "ألا مصلحة لأي فريق سياسي باستبعاد القوات اللبنانية من الحكومة لأن هذا الأمر يشكل انقلابًا واضحًا على نتائج الانتخابات وقرار الناس، إلا إذا كانت هناك أجندات خارجية لا تحتمل ما تمثله القوات في الحكم».

وتمنى عقيص، عدم وجود أسباب خارجية تؤخر تشكيل الحكومة لأن ذلك قد يُدخلنا في دوامة خطرة لن يكون لنا القدرة على الخروج منها، مشددًا على أن المطلب الأول للقوات وللرئيس الحريري، هو عدم إدخال المعطى السوري في عملية التشكيل، وهو الركيزة الأساسية لمبدأ النأي بالنفس.

وعلى خط العقدة الدرزية، جدّد النائب وائل أبو فاعور قوله إن مطلب الحزب التقدمي، المشروع والعادل والمنصف والواضح الذي لا تراجع عنه ولا حياد عنه بتمثيل الحزب التقدمي بثلاثة وزراء في الحكومة العتيدة، يختارهم الحزب التقدمي الاشتراكي دون قيد أو شرط أو تشاور مع أحد، مهما كان موقعه، ونأمل ألا يتم مراجعتنا في هذا الأمر منذ الآن وصاعدًا، هذا قرار حاسم لدى الحزب التقدمي ولدى وليد وتيمور جنبلاط، وحول التمسك بمبدأ النأي بالنفس حيال الأزمة السورية، قال أبو فاعور إن الأزمة السورية لم تنته بعد، لافتًا إلى أنها تنتهي حين يتم التوصل إلى إقرار حل سياسي يرضي جميع السوريين، وعندما نرى أن الشعب السوري عاد إلى سوريا ليتمتع بنظام ديمقراطي حر ومتنوع، وإلى أن يتحقق ذلك، نحن نصر على التمسك بمبدأ النأي بالنفس، وفي الحكومة المقبلة، سنتوافق على صيغة لفظية توافقية حول هذا الأمر»، مضيفًا: «وكل طرف في الحكومة سوف يتصرف بحسب قناعاته، وهناك أطراف تذهب إلى سوريا، ولديها علاقات مع النظام السوري، وليس هناك من يناقشها أو يحارجها، أما أخذ البلد إلى هذا الخلاف، فذلك يزيد التعقيدات بتشكيل الحكومة العتيدة، وحتى هذه اللحظة نحن نقول إن العائق السياسي أمام عدم تشكيل الحكومة هو الخلاف حول التمثيل الحقيقي والمنصف للقوى السياسية، وليس هناك من مانع سياسي إزاء تشكيل هذه الحكومة، وأن مثل هذه العناوين الخلافية قد تزيد التعقيدات وتصعب مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري فيما يسعى إلى القيام به».

وأمام كل هذه العوائق.

رأى النائب في «حزب الله» نواف الموسوي، أنه ليس من داع لتأخير تشكيل الحكومة، وعليه فإننا نقول للأصدقاء والخصوم جميعًا في لبنان، إن الحكومة هي حاجة لجميع اللبنانيين، لأنها ستكون حكومة إنمائية في الدرجة الأولى، وليس هناك من وقت لهذه الحكومة حتى تنغمس في الشؤون السياسية قبل أن تنهض بحاجات الناس على المستوى التنموي، وأكد أنه يجب أن تتأسس الحكومة على نتائج الانتخابات النيابية، فلا نستطيع اعتبار أن الانتخابات النيابية حصلت وكأن شيئًا لم يكن، بل هي أوجدت واقعًا جديدًا وعلى أساسه يجب أن تتألف.