غزة - فلسطين اليوم
بدأت المحطة الجديدة لمعالجة المياه العادمة في شمالي قطاع غزة بالعمل قبل عدة أيام وستستمر لمدة أربعة أشهر تجريبية بدعم من البنك الدولي، وجاء ذلك بعد أن عانى سكان القطاع من كارثة بيئية جرَّاء التلوث الناجم عن تَعذُر معالجة مياه الصرف الصحي، وبعد أعوام من العمل لإعادة تشييد المحطة الجديدة والتي ستوفر حلًا مستدامًا لإدارة المياه العادمة لصالح نحو 400 ألف مواطن .
وبدأ العمل في محطة معالجة مياه الصرف الصحي الجديدة في الأول من مارس الجاري، بعد إجراء الاختبارات اللازمة على كافة الأعمال والمعدات في المرفق الجديد، وأكد البنك الدولي أنه سيستمر بتقديم الدعم طوال فترة التشغيل التجريبي وصولًا إلى التشغيل الكامل في نهاية شهر حزيران/يونيو من هذا العام، بناء على طلب من السلطة الفلسطينية، مالك المشروع الجديد.
وكانت بداية إنشاء المحطة في شهر آذار/مارس من العام 2007، والذي كان انعطافًا مفصليًا في معالجة الحالة الحرجة على صعيد الصرف الصحي عقب انهيار جدار حوض تجميع مياه الصرف الصحي في بيت لاهيا وتدفق مياهه باتجاه قرية أم النصر المحاذية له؛ ما أسفر عن مقتل خمسة أفراد وعدد من الإصابات ونزوح ما يقارب 2000 شخص جرَّاء الكارثة، عدا عن الخطر الوشيك المتمثل بتلوث المياه الجوفية جرَّاء عدم كفاءة وقدم نظام معالجة مياه الصرف الصحي القائم؛ الأمر الذي قد يضع كافة سكان القطاع في دائرة الخطر؛ مما ترتب عليه اتخاذ إجراء فوري لتدارك الوضع، ليأتي المشروع الممول من البنك الدولي كاستجابة طارئة للخطر المباشر على التجمعات السكانية "52 ألف نسمة" القريبة من احواض تجميع مياه الصرف الصحي.
وأكد البنك الدولي في بيان صدر عنه، أنه وعلى الرغم من التحديات المتعددة ومنها أعوام الحصار المتعاقبة، والقيود المفروضة على إدخال المواد اللازمة، والأضرار التي حلت بالبنية التحتية بسبب الحروب، وتعطل سير العمل الناجم عن الأعمال العدائية وجُملة أُخرى من المعيقات؛ إلَّا أن مشروع الـ 75 مليون دولار خرج من حيز التدخل الطارئ ليغدو حلًا بعيد الأمد، كما أن تأثير العوامل الخارجية قد كان كافيًا لإفشال المشروع، إلَّا أن تصميم قيادة سلطة المياه الفلسطينية وثبات دعم مجتمع المانحين قد أديا إلى إنجاز المشروع الطارئ لمعالجة مياه الصرف الصحي في شمال غزة.
وتمكنت سلطة المياه الفلسطينية من تخفيف حدة التهديدات البيئية والصحية الناجمة عن محطة بيت لاهيا القديمة والمحملة فوق طاقتها عبر تشييد محطة ضخ جديدة، وتسعة أحواض ترشيح، ومد خط ناقل رئيسي مضغوط لدعم نقل مياه الصرف الصحي من بيت لاهيا إلى موقع محطة المعالجة الجديدة، بالإضافة إلى ذلك فإن بناء محطة حديثة الطراز مع نظامي ترشيح للمياه المعالجة وإعادة ضخ من الحوض الجوفي سوف يحقق حلًا مستدامًا وطويل الأمد على صعيد إدارة مياه الصرف الصحي في شمالي القطاع.
وتحتاج المرافق إلى قدر كافٍ من الطاقة للعمل كما ينبغي، إلَّا أن أزمة الكهرباء التي يعاني منها القطاع تحول دون عملها بوتيرة مستمرة، وفي الواقع إن أزمة إدارة الصرف الصحي في مختلف أرجاء القطاع تتفاقم نتيجة عدم توافر الكم الكافي من الطاقة، وإن مياه الصرف الصحي غير المعالجة لا تعرف حدًا؛ إذ شقت طريقها متدفقة باتجاه المياه الجوفية ومياه البحر الأبيض المتوسط؛ الأمر الذي لم يقتصر على تلويث شاطئ قطاع غزة فحسب وإنما تعداه ليصل إلى شواطئ إسرائيلية نذكر منها على سبيل المثال عسقلان وسديروت.
وأشار البيان إلى أن مصلحة الجميع أدت إلى اتفاق بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية بشأن ترتيبات مؤقتة فيما يخص تزويد محطة شمالي قطاع غزة لمعالجة مياه الصرف الصحي بالكهرباء إلَّا أن الأمر يحتاج إلى بناء خط كهربائي يمتد من إسرائيل إلى المحطة مباشرة لكي يتسنى تحقيق استدامة في عمليات معالجة مياه الصرف الصحي على الأمد البعيد، مضيفًا أن قبول إسرائيل طلب تشييد خط الكهرباء الذي طال انتظاره، ما زال يتعين تنفيذ الخطة الموضوعة لذلك.
وأضاف البيان أنه يتعين على سلطة المياه الفلسطينية بصفتها الجهة المسؤولة عن هذا المرفق في القطاع الوصول لاتفاق مع الأطراف الفلسطينية أصحاب العلاقة لتفويض مهمة تشغيل وصيانة المحطة لمصلحة بلديات الساحل خلال الشهرين المقبلين، كما يتعين على الأطراف الفلسطينية أصحاب العلاقة الوصول لاتفاق بشأن تمويل تكاليف تشغيل المحطة الجديدة بما في ذلك استرداد التكلفة.
ويشار إلى أن المشروع المذكور قد تلقى دعمًا ماليًا وتقنيًا من الحكومات البلجيكية، والفرنسية، والسويدية، والمفوضية الأوروبية، والبنك الدولي، كما قدم كل من مكتب الرباعية الدولية والخارجية الأميركية الدعم لتنسيق إدخال البضائع والخدمات اللازمة للقطاع لأغراض تنفيذ المشروع.