كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات

قال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إن حركته تسعى مع عدة أطراف أخرى من أجل إبرام اتفاق مع إسرائيل يشمل تهدئة مقابل رفع الحصار عن غزة.
وأضاف هنية في كلمة بثت أثناء افتتاح مؤتمر دولي تضامني مع القدس في إسطنبول أمس: «نسعى اليوم مع أطراف كثيرة... من أجل التوصل إلى تفاهمات يمكن أن تقود إلى تهدئة (مع إسرائيل) في قطاع غزة، مقابل كسر الحصار عن القطاع»، مشدداً على أن «أي تهدئة يمكن أن نصل إلى تفاهمات بشأنها، هي بهدف كسر الحصار عن غزة، ولن يكون لها أي أثمان سياسية، ولن تكون جزءاً من صفقة القرن، كما أنها لن تكون على حساب التوحد بين الضفة الغربية وغزة».
ويأتي حديث هنية متحدياً السلطة الفلسطينية، التي رفضت أي محاولات للتوصل إلى تهدئة في قطاع غزة، واشترطت تحقيق مصالحة أولاً. وقد تأجج الخلاف بين السلطة وحماس إثر إصرار الحركة على إنجاز تهدئة، فيما هاجمت السلطة كل الأطراف المشاركة في مباحثات التهدئة، خصوصاً بعدما سمحت إسرائيل عبر آلية تابعة للأمم المتحدة بإدخال وقود إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري.
وهاجم مسؤولون فلسطينيون إسرائيل وقطر وكذلك حركة حماس بشكل غير مسبوق، فيما تعهدت حركة فتح بالتصدي «لكل ما يحاك في الظلام، الذي لا هدف من ورائه سوى فصل قطاع غزة عن الوطن».
في غضون ذلك، أعلنت السلطة بشكل علني أن مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف غير مرغوب به. إذ قال مسؤول فلسطيني إن القيادة الفلسطينية «لن تعمل بعد الآن مع مبعوث الأمم المتحدة للسلام»، متّهماً إيّاه بتخطّي دوره عبر السعي إلى إبرام صفقة بين إسرائيل وحركة حماس.
من جهته، أكد أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير الفلسطينية، أنه قد تم إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنّ المبعوث الخاص نيكولاي ميلادينوف «لم يعد مقبولاً» لدى السلطة الفلسطينية. واتهمه «بتجاوز دوره» عبر السعي إلى عقد اتفاقات بين إسرائيل و«حماس»، التي تسيطر على غزة، مضيفاً أن الدور الذي يؤدّيه «يمسّ الأمن القومي الفلسطيني ووحدة الشعب الفلسطيني».
وبينما لم يعلق ميلادينوف على هذا الاتهام، هاجم داني دانون، سفير إسرائيلي لدى الأمم المتحدة، السلطة الفلسطينية، قائلاً: «بعد أن قالوا لا لإسرائيل، لا للولايات المتحدة، يقول الفلسطينيون الآن (لا) للأمم المتحدة». وأضاف: «بهذا القرار، يتواصل جرّ السُلطة الفلسطينيّة إلى عزلة دوليّة، ما سيضرّ في نهاية المطاف بالفلسطينيين».
وكان الرئيس الفلسطيني سابقاً هو الوحيد الذي يرفض لقاء ميلادينوف، قبل أن يتخذ قراراً بمقاطعته بشكل كامل.
وجاء الهجوم على ميلادينوف بعد يوم من الهجوم على قطر، وذلك بعد إدخال وقود ضمن اتفاقات لم تشترك السلطة فيها. ويتوقع أن تتخذ السلطة في وقت قريب قرارات بوقف تمويل غزة بشكل كامل، وذلك رداً على إصرار «حماس» على توقيع تهدئة في القطاع على حساب المصالحة.
وترى السلطة أن توقيع تهدئة في غزة يساعد في فصل القطاع، ويدعم التوجه الأميركي بتحويل القضية إلى إنسانية. وفي هذا السياق، قال الدكتور صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير: «أريد إجابة... لماذا ترفض حركة حماس التنفيذ الشمولي والدقيق وغير المجتزأ والتدريجي لاتفاق القاهرة 2017؟»، مضيفاً: «هل قرأتم رسالة الشكر والتقدير التي أرسلها جيسون غرينبلات حول الحل الإنساني لغزة؟ حدث هذا بعد أن قطعت أميركا مبلغ 304 ملايين دولار من التزاماتها لوكالة الغوث، التي كانت تقدم خدمات لأكثر من 70 في المائة من سكان قطاع غزة. المخطط في صفقة القرن يرتكز إلى فصل قطاع غزة عن الضفة والقدس، وهذا ما بدأ به شارون فيما سماه فك الارتباط، تراجعاً عن التزام إسرائيل بأن الضفة والقطاع تشكل وحدة جغرافية واحدة، كما جاء في اتفاق أوسلو».
وحذر عريقات من أن استراتيجية نتنياهو وترمب تستند إلى فصل قطاع غزة عن الضفة والقدس، والتعامل مع القطاع من نافذة القضايا الإنسانية. وقال بهذا الخصوص: «عبر التاريخ كان هناك من يحاول كتابة التاريخ على طريقته ولخدمة مصالحه. لكن في نهاية المطاف سيأتي بعدنا من يدرس ويبحث ليضع الحقائق كما هي. فلا يصح إلا الصحيح. نحن أمام مخطط أميركي - إسرائيلي رهيب بتدمير وتصفية المشروع الوطني الفلسطيني. فلماذا نساعدهم تحت يافطة المساعدات الإنسانية، ومشاريع بقيمة عدة ملايين تحت يافطة الإغاثة الإنسانية. هم يعتبرون ذلك انتصاراً».
وتابع: «مرة أخرى... لماذا يتم رفض الرزمانة الشاملة بتنفيذ دقيق وأمين وكامل وتدريجي لاتفاق القاهرة دون تجزئة؟ وبما يضمن تلبية جميع احتياجات أبناء شعبنا العظيم في قطاع غزة، ويحافظ على مشروعنا الوطني، ويسقط صفقة القرن الأميركية - الإسرائيلية، الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، ويضع حجر الأساس لشراكة سياسية فلسطينية حقيقية، ترتكز كما قلنا سابقاً إلى التعددية السياسية، وليس لتعدد السلطات؟».
وختم عريقات حديثه: «هل ثمن مسيرات العودة التي سقط فيها 186 شهيداً وآلاف الجرحى من خيرة أبناء شعبنا تحول من حق العودة إلى الإغاثة الإنسانية؟».