الهلال الاحمر الفلسطينى

أنا مصابة بمرض السرطان وجئتُ من غزة لمستشفى المطلع في القدس كي أبدأ رحلتي العلاجية، توقعتُ أن حاجز إيريز هو الوحيد الذي سأضطر لاجتيازه، لكن يبدو أنه أفضل من الحواجز داخل القدس'.

هكذا وصفت أم منيب الحواجز العسكرية التي اضطرت لاجتيازها للوصول إلى مستشفى المطلع بالقدس المحتلة، إذ نصبت سلطات الاحتلال حاجزا عسكريا جديدا يبعد عن المستشفى خمسين مترا فقط، وتضيف 'مكثت على الحاجز قرب المستشفى ساعة ونصف، وشعرت بالرعب الشديد عندما جاء دورنا للتفتيش، فيكفي مريض السرطان حالته النفسية وما يمر به، ولا ينقصه المزيد من الألم والتنغيص'.

معاناة ورعب
وتضطر المريضة بسرطان الثدي عائشة الخطيب للمرور عبر ثلاثة حواجز من رام الله وصولا للمستشفى بالقدس، وتقول 'أتوجه لمستشفى المطلع منذ فبراير/شباط الماضي لتلقي العلاج الإشعاعي، لكن مع بداية الأحداث الحالية، أصبحت الرحلة عبر الحواجز أصعب من العلاج ذاته، أعود لمنزلي بساعات المساء وهذا يؤثر على واجباتي نحو أطفالي وزوجي'.

ولا تقتصر معاناة الوصول لست مستشفيات بالقدس الشرقية على عائشة وأم منيب، بل على آلاف المرضى والطواقم الطبية الذين يتوجهون لهذه المستشفيات بشكل يومي.

وأقدمت سلطات الاحتلال قبل أيام على نصب الحواجز الإسمنتية والعسكرية في عدد من الشوارع المؤدية للمستشفيات، فوضعت حاجزا بالقرب من المستشفى الفرنسي ومستشفى العيون، فيما نصبت حاجزا عسكريا دقيق التفتيش بين مستشفى المقاصد والأميرة بسمة من جهة ومستشفى المطلع من جهة أخرى.

أيمن الجعبري المُعالج بوحدة الإشعاع بالمستشفى يتوجه لعمله يوميا من مدينة رام الله، وعن الإجراءات الجديدة يقول 'كانت الطريق تستغرق حوالي ساعة قبل نصب الحاجز قرب المستشفى، أما الآن فتستغرق ساعتين ونصف، أصلُ منهكا لعملي وأشعر بضغط نفسي كبير'.

عذاب المرضى
بدوره قال مدير مركز الأورام في مستشفى المطلع يوسف حمامرة، إن تأجيل العلاج الإشعاعي أو الكيميائي يؤثر بشكل كبير على مريض السرطان 'عندما نضع بروتوكولا يُحتّم على المريض التوجه للمستشفى كل أسبوعين لتلقي العلاج، فيجب الالتزام به لأنه في حال التأخر عن الموعد تنشط الخلايا السرطانية ويصبح لديها مناعة للعلاج، وبالتالي بدأنا نخسر مرضى منذ نصب الحاجز وعدم تمكن كثيرين من حضور جلسة علاجهم'.

وعقدت شبكة مستشفيات القدس الشرقية مؤتمرا صحفيا بشأن الحواجز الجديدة، وتلا خلاله مدير مستشفى المقاصد الإسلامية رفيق الحسيني بيانا، ناشد من خلاله المؤسسات الدولية وممثلي الدول بالضغط على الحكومة الإسرائيلية، لإزالة الحواجز الإسمنتية الموضوعة حول مستشفيات القدس الشرقية، والتي تؤدي بشكل مباشر لتعطيل العمل الطبي والإنساني فيها.

كما طالبت بتسهيل وصول المرضى ومرافقيهم والطواقم الطبية لأماكن عملهم دون إعاقة، والتوقف عن الاقتحامات العشوائية للمستشفيات وتفجير قنابل الغاز السام ورش المياه العادمة في محيطها.

صعوبة الوصول
من جانبه قال مدير مستشفى المطلع وليد نمور إن المستشفى يخدم حوالي أربعة ملايين نسمة، ويستقبل يوميا تسعين مريضا بالسرطان ليقدم لهم العلاج الإشعاعي، 60% منهم لا يستطيعون الوصول لتلقي العلاج بعد نصب الحاجز العسكري الجديد، مشيرا إلى أن 40% من مرضى المستشفى من قطاع غزة.

وأضاف نمّور للجزيرة نت 'استأجرنا فندقا قريبا من المستشفى ليمكث به مرضى غزة، لكن 80% منهم الآن لا يستطيعون الوصول، إذ يرفض جنود الاحتلال السماح لهم باجتياز الحاجز'.

وتابع 'نستقبل أيضا ثمانين مريضا يوميا للعلاج الكيميائي، 80% منهم لم يستطيعوا الوصول اليوم، وكذلك الحال بالنسبة لمرضى الكلى حيث لم يتمكن 60% منهم من الوصول فالوضع مأساوي جدا'.

وأشار نمّور إلى أن عدد الطاقم العامل بمستشفى المطلع يصل إلى 360 موظفا، منهم 150 ممرضا وممرضة، يتأخرون حوالي أربع ساعات عن عملهم يوميا بسبب الحواجز المختلفة التي نُصبت مؤخرا.