نموذج الزوجين القويين

رأت الكاتبة الأمريكية الشابة إليزابيث وينكلر أن نموذج الزوجين القويين بات شائعا في العلاقات الحديثة ، في ظل سعي المرأة الدائب لتبوؤ المزيد من المناصب القيادية.

واستهلت وينكلر مقالا نشرته مجلة" نيو ريبابليك" باقتباس من مسرحية "ماكبث" لـوليم شكسبير ، إذ ينادي ماكبث زوجته بقوله "يا أعزّ شريك لي في العظمة" ، وترى وينكلر أن هذه العبارة تحمل في طياتها لفتة من الطموح السياسي للوصول إلى السلطة، إلى جانب التعبير عن الإعزاز والعاطفة الجياشة وأحلام المستقبل في صحبة الزوجة.

وقالت : لا شكّ أن الزوجين ماكبث هما أشهر زوجين قويين في الأدب الإنساني؛ فـ الليدي ماكبث لن تستطيع أن تكون ملكة بدون زوجها الذي بدوره لا يستطيع أن يُتوّج بدونها .. وعلى الرغم من ممارستهما الصريحة للشرّ على نحو برّر لهما القتل وانزلق بهما إلى هوّة الجنون، إلا أن الزوجين ماكبث لا يزالان يحتفظان ببريق لا يُقاوم.

وأضافت وينكلر إن ما ينسحب على الزوجين ماكبث يمكن أن ينسحب على غيرهما ، لا سيما الأزواج في الدوائر السياسية مثل الزوجين كلينتون: بيل وهيلاري.

واقتصرت الكاتبة إمكانية أن يكون الزوجين قويين على وجودهما في عالم تستطيع فيه المرأة أن تحصل على نفس النوع من النفوذ السياسي الذي يستطيع أن يحصل عليه زوجها .. وفي خضّم سعي المرأة إلى المزيد والمزيد من المناصب القيادية، بات نموذج الزوجين القويين شائعا في الثقافة الجماهيرية كمنوذج للتفكير بشأن العلاقات الحديثة.

وتساءلت وينكلر عمّا سيكون عليه شكل العلاقة بين الزوجين كلينتون إذا ما فازت هيلاري في الانتخابات الأمريكية المزمعة العام الجاري ، وقالت إن الحميمية تُضفي جاذبية خاصة على قرارات الأزواج في الدوائر السياسية؛ حيث الأحلام الخاصة تضحي أكبر حجما وأعلى شأنا عندما يجد المرء لنفسه شريكا فيها .. لكنها في الوقت نفسه يمكن أن تمسي أكثر خطرا؛ لقد طمح الزوجان ماكبث إلى تقرير مصيرهما بنفسهما، وكانا ظامئين ليس للسلطة فحسب، وإنما لـتغيير شيء ما أكبر من حياتهما.

في الحياة الواقعية، يتسبب هذا الجو من السرية في إثارة القلق العام حول عالم مغلق لا يمكن لأحد غير الزوجين الوقوف على تفاصيله .. هذا إضافة إلى التخوف من أن الشراكة بين الزوجين السياسيين قد تتمخض عن شيء حجمه أكبر من مجموع حجمَي جُزئيها.

واعتبرت وينكلر أن القلق الناجم عن شراكة الزوجين كلينتون هو بمثابة المثال الأظهر في هذا الصدد؛ ففي حملته للرئاسة عام 1992، سلط بيل الضوء على حقيقة أن هيلاري لم تكن زوجة تقليدية لسياسي، وإنما هي قوة في حدّ ذاتها. ولم يمض وقت طويل حتى تنامى شعور الجمهور بعد الارتياح إزاء تزايد نفوذ امرأة ليست منتخبة في البيت الأبيض.

ولمّا أصبحت هيلاري وزيرة للخارجية، تعرض بيل في المقابل لانتقادات لاذعة بسبب المزايا السياسية التي حظي بها انتفاعا من منصب زوجته .. لقد استطاع الزوجان كلينتون البقاء على عهدنا بهما بسبب علاقة بيل بالبيت الأبيض ولأن زوجته تشغل منصب وزير الخارجية.

وقالت الكاتبة إن ما يثير الاستياء حقيقة هو فكرة أن الزواج، الذي هو من المفترض رباط مقدس، يمكن أن يمسي وسيلة .. لا شك أن زواج هيلاري من بيل أفادها، ومع ذلك لا يمكن القول إنها لم تكن لتجد طريقا آخر واقعيا للسلطة، وعلى كل فإن ما ينطبق عليها وعلى الزوجات القويات ينطبق أيضا على أزواجهن الأقوياء في السلطة.

وخلصت وينكلر إلى أنّ السر في شراكة الزوجين القويين يرجع إلى "التساوي" و "القوة"؛ فهو زواج بين ندّين متساويين .. لقد كان طموح الليدي ماكبث وقدرتها السياسية مساويا لطموح وقدرة زوجها.