كابول - فلسطين اليوم
كتب سيرغي مانوكوف على صفحات "نوفيي إزفيستيا" في تعليق على دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة المكرسة لقضية المخدرات أن معظم المحكومين بالإعدام في إيران كانوا من تجار الحشيش.
ولفت مانوكوف النظر إلى أن دورة الجمعية العامة، قد ركزت بشكل خاص على سبل مكافحة المخدرات، مشيرا في هذه المناسبة إلى استعداد الغرب لتشريع تداول بعض أنواع المخدرات، فيما تستمر دول الشرق في إعدام من يتعاطاها.
وأعاد إلى الأذهان، أن إندونيسيا كانت قد أعدمت رميا بالرصاص ثمانية مدانين بالاتجار بالمخدرات، من مواطني البرازيل وأستراليا ونيجيريا، رغم مناشدات رؤساء ومسؤولي بلدانهم إندونيسيا تخفيف الأحكام أو تسليمهم لدولهم ليصار هناك إلى محاكمتهم.
واستذكر كذلك التقرير الذي أعدته Amnesty International وأشارت فيه إلى أن معظم المحكومين بالإعدام في إيران والبالغ عددهم زهاء ألف مجرم، أدينوا بتجارة المخدرات، الأمر الذي يكشف عن تعاظم الهوة بين الموقف الغربي والشرقي حيال كيفية صد خطر المخدرات ومكافحتها في وقت تقدر فيه قيمة المخدرات المتداولة في العالم بـ380 مليار دولار سنويا.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة، وحتى الماضي القريب، كان تتخندق إلى جانب الدول المناهضة للمخدرات، إلا أنها ليّنت في السنوات القليلة الماضية وبشكل ملحوظ موقفها تجاه المخدرات ومعضلتها.
ويفسر الخبراء التبدل الحاصل في الموقف الأمريكي، بجائحة الأفيون التي تجتاح الطبقة المتوسطة وتشريع الماريجوانا في الولايات المتحدة.
وبالوقوف على خطر المخدرات وتفاقم مشاكلها في العالم، لفت مانوكوف النظر إلى استعجال الجمعية العامة للأمم المتحدة في عقد دورتها لسبل مكافحة المخدرات، إذ كان من المقرر تنظيمها سنة 2019، لا ربيع العام 2016، وذلك تلبية لطلب تقدمت به المكسيك وكولومبيا وغواتيمالا، وهي الدول الثلاث التي تستشري فيها آفة المخدرات أكثر من غيرها في العالم.
وذكّر بأن دورة الجمعية العامة السابقة لمكافحة المخدرات كانت قد عقدت سنة 1998، وأن العالم لم يتخلص من هذه الآفة طيلة 18 عاما على ما وضع من خطط لمكافحتها والحد من خطرها، بل على العكس تفاقمت في خطورتها إلى أكثر من ذي قبل.
وأشار إلى أن الحرب على المخدرات، تكلف دول العالم زهاء 100 مليار دولار سنويا، أي ما يعادل إجمالي قيمة المساعدات التي تقدمها الدول الغنية للفقيرة، فيما لا تزال أفغانستان، ورغم الاحتلال العسكري لها تنتج 90 في المئة من مجمل المخدرات في العالم.
كما بلغت حصيلة ضحايا الحرب المكسيكية على منتجي ومروجي المخدرات بين عامي 2006 و2015، حسب ما ذكر، زهاء 100 ألف مكسيكي بين شرطي وتاجر أو متعاط للمخدرات، فيما لم ترد عن السلطات المكسيكية والأمريكية حتى الآن أي بيانات رسمية تؤكد انحسار تدفق المخدرات من المكسيك وعبرها إلى الولايات المتحدة.
واعتبر مانوكوف أن محاولات السلطات العقيمة للقضاء على المخدرات بالقوة، حملت الرأي العام في الدول التي تعاني تفشي هذه الآفة على المطالبة بانتزاع تجارة المواد المخدرة من أيدي مروجيها والعناصر الإجرامية، ووضعها بيد الدولة وتحت رقابتها، فيما تعلو الأصوات المطالبة بتشريعها في بلدان أمريكا اللاتينية، أكثر من غيرها.
وتمخض عن المطالب الشعبية هذه، إقدام الأوروغواي على سبيل المثال، سنة 2013 على ترخيص تداول الماريجوانا، دون أن يكون لهذه الخطوة أي صدى ملحوظ في العالم، كما سمحت بعض الولايات الأمريكية بتداول المخدرات على أراضيها.
كما يجمع المراقبون حسب صاحب التقرير، على نية واشنطن مواصلة السير قدما على طريق تليين سياستها تجاها المخدرات وتعاطيها، حيث من المنتظر في هذا الصدد إجراء استفتاء في كاليفورنيا للبت العام بأمر هذه المعضلة.
وبالوقوف على حال المخدرات ورواجها في العالم، لفت النظر إلى أن وتيرة تداولها في بلدان شرق آسيا، لا تقل عن مثيلاتها في دول أمريكا اللاتينية، فيما أن حدة العنف الناجم عن تعاطي وترويج المخدرات هناك أقل منه بكثير قياسا بأمريكا اللاتينية، الأمر الذي لا يسوغ على ما يبدو لشرق آسيا، أن يحذو حذو أمريكا اللاتينية ويشرع المخدرات.
وبين المسوغات الأخرى لانعدام الحاجة لترخيص المخدرات في بلدان شرق آسيا، أعاد إلى الأذهان الرادع النفسي المترسخ لدى العامة في بلدان هذه المنطقة من العالم، إذ ترى في الإدمان "ضعفا في الإرادة" على خلفية ما عانته المنطقة من حروب الأفيون وما خلفته من ويلات اجتماعية.
وخلص مانوكوف في تحليله، إلى أن بلدان أوروبا تتبنى موقفا وسطيا بين شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، فيما أن الموقف الروسي تجاه سبل مكافحة المخدرات وتشريعها من عدمه أقرب منه إلى موقف الدول الآسيوية المتحفظ.