الجزائر - ربيعة خريس
سهّلت مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة، مهمّات ربات البيوت في الجزائر في عملية البحث عن آخر المستجدات في عالم الطهي واستغنت بذلك عن اقتناء الكتب التي تصدر عن أفضل الطهاة المتمرّسين في هذا العالم المليء بالأذواق وأصبحت تراوح مكانها في المكتبات والمعارض المخصّصة لبيع الكتب حيث عرفت هذه التجارة جمودًا بسبب اقتحام هواة عالم الطبخ مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت الوصفات "اللإفتراضيّة" التقليدية منها والعصرية تغزو مواقع التواصل الاجتماعي التّي أصبحت قبلة الفتيات والسيدات الجزائريات خلال الشهر المبارك، حيث لم تعد ربة البيت تجد صعوبة في البحث عن الأفكار والأطباق التّي تزين فيها مائدة الإفطار وتدخل البهجة على قلب عائلتها.
والتقى "فلسطين اليوم" وسام وفلّة وهنّ من الفتيات اللواتي صادفهما الموقع في إحدى المحلّات المخصّصة لبيع كتب الطبخ ويجدن أنفسهن محظوظات بوجود العالم الافتراضي، فهو يعتبر بالنسبة لهن مدرسة إفتراضية مفتوحة تمكّنهن من تعلم كل الوصفات سواء أكانت جزائرية أو فرنسية أو إيطالية أو سورية، حيث قالت وسام وهي شابة جزائرية في مقتبل العمر وحديثة الزواج بأنّ "الطهي كان يمثل كابوسًا حقيقيًا يطاردها فلم تكن تتّقن طهي أي شيء ولطالما سعت والدتها جاهدة لإقناعها بالدخول إلى المطبخ وتعلّم القليل من الوصفات التقليدية إلّا أنّ كل محاولاتها باءت بالفشل"، لكن وبمجرد استقرارها في بيت الزوجية لم تجد وسام من حلول أمامها سوى عالم الطبخ "الافتراضي" وبعد الممارسة الفعلية للطبخ، أصبحت وسام طاهية تتفنّن في طهي مختلف الأطباق لزوجها حتّى أنها أصبحت تعشق المطبخ وتفاصيله.
وتتعارض رؤية وسام وشقيقتها الصغرى فلة مع موقف والدتهما السيدة وردة التّي ترى أن وصفات الجدّات اللواتي أبدعن في تحضيرها قديما لا زالت سيدة موائد الجزائريين ومن الصعب جدًّا تعلّمها على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة وأنّ الطهاة يحرصون على تقديم الوصفات الحديثة، والمطبخ الجزائر يعتبر من بين المطابخ الغنية ويزخر بوصفات متعدّدة بعضها مشهورة والبعض الآخر لا يزال حبيس بعض المنازل الكائنة في المناطق النائية.
وتمكّن بعض الطهاة الجزائريين من التحليق عاليًا في سماء الطبخ ومنافسة أشهر الطهاة في العالم وحققوا شهرة واسعة بفضل مواقع التواصل الاجتماعي، أبرزهم الطاهية الجزائرية أو الملقّبة بسيدة المبطخ الجزائري أو بـ"طاطا حبيبة" حبيبة بورماد التّي أطلقت صفحتها عام 2010 وكانت تضم قرابة 20 امرأة فقط، وكان الهدف منها هو تبادل وصفات الطبخ بين السيّدات الجزائريات والعربيات، وبفضل وصفاتها المتنوّعة وتدابيرها التّي لا تبخل بها على متتبّعيها حقّقت صفحتها في وقتٍ قياسيّ نجاحًا باهرًا حتّى بلغ عدد متتبّعيها قرابة 200 ألف بين الجزائريين ومغتربين من دول كبرى كأميركا وكندا، و"طاطا حبيبة" ليست الصفحة الوحيدة التّي تمكّنت من تحقيق النجاح في الجزائر بل هناك أيضًا صفحة خاصة تسمى بـ"شيهوات أم وليد" وهي سيّدة جزائرية قرّرت تعليم مبادئ الطبخ الجزائري للسيدات والفتيات عن طريق الفضاء الأزرق لتقدّم وصفات سهلة وغير مكلفة بعرض الصور والفيديوهات عبر موقع "اليوتوب" أيضًا.