نيويورك ـ فلسطين اليوم
قال المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، إن إفلات إسرائيل من العقاب وتعنتها المستمر يبدد الآمال في التوصل إلى حل سلمي ويؤدي إلى تآكل آفاق تحقيق الحل القائم على وجود دولتين على حدود عام 1967، ويدفع أيضا نحو تدهور الأوضاع على أرض الواقع، التي تشهد المزيد من الأعمال الإجرامية التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي.
جاء ذلك في ثلاث رسائل متطابقة بعثها السفير منصور لكل من رئيس مجلس الأمن (بوليفيا) ورئيس الجمعية العامة، والأمين العام للأمم المتحدة، بشأن استمرار الإحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، واستمرار انتهاكات اسرائيل الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني دون أي محاسبة أو عقاب وأضاف منصور "أنه مما لا شك فيه أن ثقافة الإفلات من العقاب وانعدام القانون التي تصر عليها الحكومة الإسرائيلية، والفشل الدولي في مساءلة إسرائيل هو سبب رئيسي في استمرار انتهاكاتها ضد الشعب الفلسطيني لأكثر من نصف قرن".
وقال إن عددا كبيرا من البلدان ومؤسسات المجتمع المدني حول العالم قامت بالتعبير عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني لمناسبة مرور 50 عاما على احتلال أراضيه في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة منذ عام 1967 وتابع أنها ذكرى مروعة وأثرها مدمر، "حيث أن الأفق السياسي لإنهاء هذا الظلم الخطير والجسيم لا يزال غائبا لأن إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لا تظهر أي إشارة أو نية إلى وقف سياساتها وممارساتها غير القانونية، بل على النقيض من ذلك، لا تنفك إسرائيل عن ترسيخ الاحتلال واستعباد المدنيين الفلسطينيين".
وأردف أن إسرائيل مستمرة بلا هوادة في مشروعها الاستيطاني الاستعماري، سواء أعلنت عن "نواياها" لبناء أو بناء المزيد من المستوطنات الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية المحتلة، في انتهاك خطير لاتفاقية جنيف الرابعة ما يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وأكد منصور أن الدلائل صارخة وواضحة ولا تعد ولا تحصى على أن الحكومة الإسرائيلية لا تنوي على الإطلاق وقف أنشطتها الاستيطانية على الرغم من مطالبة مجلس الأمن في القرار 2334 بالوقف الكامل والفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وليس لديها أي نية لتعزيز الظروف اللازمة لفتح أي أفق سياسي لإنقاذ الحل القائم على وجود دولتين، حيث أعلن نتنياهو الأسبوع الماضي أنه سيواصل حماية المؤسسة الاستيطانية وتعزيزها.
وقال إن على إسرائيل أن تدرك أن المستوطنات لن تؤدي أبدا إلى السلام، بل على العكس من ذلك، تشكل هذه الممارسات غير المشروعة والمدمرة العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى تسوية سلمية وتشكل أكبر تهديد للحل القائم على وجود دولتين، ولا يوجد أي شيء يمكن أن يضفي الصفة القانونية على ما هو غير قانوني وغير شرعي.
كما ذكر السفير منصور، في رسائله، الانتهاكات الأخرى التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك عمليات اعتقاله واحتجازه للمدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، "حيث لا يزال المدنيون الفلسطينيون يحتجزون يوميا، ويتم استهداف الشبان بصورة روتينية ويتم احتجازهم بصورة تعسفية وإذلالهم وإساءة معاملتهم".
وفي هذا الصدد، أوضح منصور أنه من الضروري الانتباه إلى الأوضاع الصحية الصعبة لكثير من الأسرى الذين شاركوا في الإضراب عن الطعام الذي استمر 40 يوما وسلط الضوء على المحنة الحرجة التي يعيشها أكثر من 500 6 سجين فلسطيني.
وتجدر الاشارة إلى أن إسرائيل ردت على هذا الاحتجاج السلمي بتدابير عقابية قاسية، حيث لا يزال العديد من المضربين عن الطعام يعانون من عواقب صحية خطيرة، مثل تلف الدماغ ومشاكل في الرئة وطالب منصور بوضع حد لجميع أنواع الإيذاء والمعاملة اللاإنسانية للفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، كما كرر دعوته للإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
وتحدث السفير منصور، في رسائله، عن الشعب الفلسطيني الذي يعيش في قطاع غزة الذي لا يزال يعاني بشكل هائل من الأزمة الإنسانية الصعبة الناجمة عن الحصار الخانق وغير الأخلاقي الذي تفرضه إسرائيل منذ عقد من الزمن، و"هو عمل من أعمال العقاب الجماعي الجسيم".
وذكر أن قوات الاحتلال تواصل مهاجمة الفلسطينيين الذين يعيشون هناك، بما في ذلك إطلاق النار على الصيادين الفلسطينيين قبالة ساحل قطاع غزة، ما يعرض حياتهم للخطر ويضعهم في حالة من الخوف المستمر.
وصرح أن إسرائيل تواصل أيضا محاولاتها العدائية لإسكات أي شخص يكشف الحقيقة عن هذا الوضع الانساني المزري، "ومن الأمثلة الأخيرة على ذلك دعوة إسرائيل إلى الأمم المتحدة لإنهاء فترة عمل منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، روبرت بايبر، أو التهديد بإلغاء تصريح إقامته".
وقال إنه "من الواضح أن ذلك جاء ردا على قيام بايبر بواجباته بأمانة والإبلاغ بصراحة عما يشاهده على الأرض، وقد أصبح هذا النوع من السلوك المتعجرف سمة من سمات السياسة الإسرائيلية التي تتمثل في تهديد وتخويف أي شخص يجرؤ على الكلام ونقل الحقائق بشأن السياسات والممارسات غير القانونية وغير الإنسانية في احتلالها الوحشي".
وتابع السفير منصور "أنه بعد أكثر من خمسين عاما من الاحتلال وما يقرب من سبعين عاما منذ النكبة لن نكف عن دعوتنا وجهودنا من أجل تطبيق القانون الدولي والقرارات ذات الصلة التي يجب تنفيذها لتحقيق العدالة واستقلال دولة فلسطين، وعاصمتها القدس الشرقية، وتحقيق سلام شامل ودائم، وهو ما نسعى إليه منذ أمد طويل، وهو أمر ملح جدا على الصعيدين الإقليمي والوطني، والسلم والأمن الدوليين".
وأضاف أن "هذه الأهداف أصبحت أكثر إلحاحا بمرور العقود وتراكم للجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني"، داعيا "المجتمع الدولي إلى الالتزام أخيرا بوضع حد للاحتلال ولهذا الظلم" وقال: "إن إدانة خمسين عاما من المستوطنات، وخمسين سنة من جرائم الحرب، وخمسين سنة من الاحتلال لم تعد كافية، لقد آن الأوان لاتخاذ إجراءات حقيقية ومتضافرة".