رام الله - فلسطين اليوم
شارك المستشار د. أحمد براك في مؤتمر دور المرأة في البرلمانات والذي عقد الاربعاء، في مدينة نابلس، بتنظيم من كلية القانون في جامعة النجاح الوطنية، تحت رعاية رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله.
حيث قدم النائب العام كلمة جاء فيها "على انه لمن دواعي سروري أن ألبي دعوة جامعة النجاح الوطنية بالمشاركة بمؤتمر البناء الدستوري الثاني تحت عنوان "مشاركة النساء في البرلمانات من مهمشات إلى مشاركات" لأقدم كلمتي في الجلسة الافتتاحية وإنه لمن الصعوبة إمكانية التحدث بهذا الموضوع من جميع الجوانب الدستورية بين النظرية والتطبيق ومن مفهوم جندري يعكس الدور الفعلي للمرأة الفلسطينية وتحديد المعيقات القانونية والعملية خصوصاً أن مشاركة النساء في المجلس التشريعي هو مقياس للنشاط السياسي والاجتماعي في أي دولة ولما ينعكس على آلية صنع القرار السياسي والرسمي".
وتابع "المشاركة السياسية هي المساهمة بصورة ما في العملية السياسية في المجتمع والدولة، إلا أنها لا تكون كذلك إلا إذا كانت أساسًا فعالاً ناجحًا ومنظمًا ومستمرًا، فصور المشاركة، إما أن تكون بالتصويت والترشيح للانتخابات العامة أو الفرعية، أو بالحملات الانتخابات، أو عبر النشاط الاجتماعي أو بمقابلة المسؤولين من أجل قضايا شخصية، أو بالاحتياج".
واوضح "ولكل صورة من صور المشاركة نماذجها وأساليب عملها، لذلك هل وصول النساء للتمثيل الحقيقي في البرلمانات وتغيير النهج المتبع من مهمشات إلى مشاركات في صنع القرار هو تحديٍ أم مرتبط في النظم السياسية والاجتماعية للدولة أم مرتبط بقصور الحركة النسوية الفلسطينية من خلال ممارسة حملات الضغط والمناصرة لرفع نسبة المشاركة النسوية على الصعيد السياسي؟، ولذلك فإنه لابد من الخوض بالسياق القانوني الذي يعزز المشاركة الفعلية للنساء في الحياة السياسية على الصعيد الدولي وعلى صعيد التشريعات الداخلية الفلسطينية".
واوضح براك على الصعيد الدولي كان هنالك أهمية كبيرة لتعزيز مشاركة النساء في الحياة السياسية فجاءت ضمن إطار الشرعية الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فقد كفل في مادته الثانية لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء.
وبين انه وبالإشارة إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، وعلى الرغم من أنه ينص على قواعد عامة كتلك السابق الإشارة إليها، إلا أن هذا العهد ينظم مسألة الحقوق السياسية للأفراد والمجتمع وتتضمن مواد تتعلق بمبدأ المساواة، لذلك تم تصنيفه من ضمن الاتفاقيات الخاصة، بحيث ألزمت هذه الاتفاقية بالمادة الثانية الدول الموقعة عليها كفالة الحقوق التي يأتي عليها العهد لمواطنيها بغض النظر عن لونهم أو جنسهم أو معتقدهم...، كما ألزمتها في ذات المادة بتقديم الضمانات التشريعية اللازمة لحماية تلك الحقوق. وقد ألزمت المادة الثالثة منه الدول الموقعة عليه بكفالة تساوي الرجال والنساء في الحقوق السياسية، كما كفل العهد في المادة 22 منه حق الترشح والانتخاب بدون أي تمييز.
وقال النائب العام بالنسبة للاتفاقيات الخاصة التي تركز على حقوق معينة بالذات كاتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" لسنة 1979.
فقد ألزمت المادة (7) منها جميع الدول الأطراف اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وتكفل للنساء على قدم المساواة مع الرجل الحق في:
1. التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، الأهلية للانتخابات لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام.
2. المشاركة في صياغة السياسة الحكومية وفي تنفيذ هذه السياسة، وفي شغل الوظائف العامة.
3. المشاركة في أية منظمات وجمعيات غير حكومية تهتم بالحياة العامة وسياسات البلد.
واشارت أما على صعيد التشريعات الداخلية الفلسطينية فقد أشارت وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني للعام 1988م على التأكيد على المساواة بين الرجل والمرأة والتأكيد على حقوقها بحيث نصت:- "إن دولة فلسطين هي للفلسطينيين أينما كانوا؛ فيها يطورون هويتهم الوطنية والثقافية، ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، وتصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية، في ظل نظام ديمقراطي برلماني، يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب ورعاية الأغلبية حقوق الأقلية واحترام الأقلية قرارات الأغلبية، وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو بين المرأة والرجل، في ظل دستور يؤمن سيادة القانون والقضاء المستقل وعلى أساس الوفاء الكامل لتراث فلسطين الروحي والحضاري في التسامح والتعايش السمح بين الأديان عبر القرون.
واعلنت دولة فلسطين التزامها بمبادئ الأمم المتحدة وأهدافها، وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتزامها كذلك بمبادئ عدم الانحياز وسياسته".
وانطلاقاً من ذلك فقد كفل القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2005 مساواة الفلسطينيون أمام القانون بالمادة (9) منه التي أكدت على المساواة بين الفلسطينيون بالحقوق والواجبات أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة، ووضع قاعدة عامة يحمي بها حقوق الفلسطينيين كافة.
أما الحماية الخاصة في مجال ورقتنا هذه فقد أتى بها القانون الأساسي الفلسطيني في مادته (26) ليؤكد فيها على أنه "للفلسطينيين حق المشاركة في الحياة السياسية أفراداً وجماعات ولهم على وجه الخصوص الحقوق الآتية :
1. تشكيل الأحزاب السياسية والانضمام إليها وفقاً للقانون.
2. تشكيل النقابات والجمعيات والاتحادات والروابط والأندية والمؤسسات الشعبية وفقاً للقانون.
3. التصويت والترشيح في الانتخابات لاختيار ممثلين منهم يتم انتخابهم بالاقتراع العام وفقاً للقانون.
4. تقلد المناصب والوظائف العامة على قاعدة تكافؤ الفرص.
وبهذا يكون القانون الأساسي الفلسطيني قد كفل المساواة بين جميع المواطنين فمنحهم حق المشاركة السياسية على أكمل وجه.
وجاء قانون رقم (9) لسنة 2005 بشأن الانتخابات بجدل كبير حول العديد من القضايا ومن أهم تلك القضايا موضوع "الكوتة" النسائية بحيث استدرك المشرع الفلسطيني هوة مشاركة المرأة في الانتخابات الأولى، فأقر هذا القانون نظام انتخابي مختلط يجمع فيما بين نظام الأغلبية ونظام التمثيل النسبي مناصفة.
و من الجدير بالذكر أن دولة فلسطين ومن خلال التقرير الدوري الأولي لها المقدم لدى لجنة سيداو، أشارت الى قانون الانتخابات 2005 الذي ألغى فيما بعد بموجب القرار بقانون رقم (1) لسنة 2007 بشأن الانتخابات العامة الذي أبقى على الكوتا النسائية، وكان هذا التغيير التشريعي قد انعكست آثاره في انتخابات المجلس التشريعي الأخيرة، حيث حصلت على (17) مقعداً من أًصل (132) مقعداً، ورغم أن هذه النسبة لا تزال غير من صفة للمرأة إلا أنها تعكس تغيير داعٍ للتفاؤل في أنماط السلوك الانتخابي تجاه النساء بشكل عام.
كما أشارت إلى إن القرار بقانون بشأن الانتخابات العامة يمنح الأجانب ( ما عدا حملة الجنسية الاسرائيلية ) المتزوجون من فلسطينين، سواء كانوا أزواج فلسطينيات أو زوجات فلسطينين، الحق في ممارسة حق الانتخاب في الانتخابات العامة حتى وان لم يكن هؤلاء حائزين على الهوية الفلسطينية وقت التسجيل في سجل الناخبين أو الاقتراع.
وتابع في معرض الرد على قائمة المسائل المتعلقة بالتقرير الدوري الأولي لدولة فلسطين حول اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة الصادرة عن لجنة سيداو الواردة إلى البعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى جنيف ركزت بمساءلة دولة فلسطين بالاشارة الى الفقرات (112/115/124/130)، حول السبل والوسائل المتوخاة من زيادة عدد النساء المنتخبات والمعينات في هيئات صنع القرار من أجل تحقيق تمثيل متساوٍ للمرأة في الحياة السياسية والعامة ، وما هي التدابير الخاصة المؤقتة وفقاً للفقرة (1) من المادة (4) الواجب اتخاذها لإدخال نظام حصص يهدف إلى وصول نسبة تمثيل المرأة في البرلمان بنسبة لا تقل عن 30% وما هي أهم التدابير المتخذة من دولة فلسطين لدعم المرشحات لمناصب منتخبة.
في الختام، أتمنى لمؤتمركم هذا النجاح والخروج بتوصيات ختامية للتغلب على الصعوبات والوصول للتمثيل الحقيقي للمرأة في الحياة السياسية لينتقل هذا الدور من دور المهمشات الى دور المشاركات الفعليات في صنع القرار.