البطريرك غريغوريوس الثالث لحام

شجب البطريرك غريغوريوس الثالث لحام بطريرك انطاكية وسائر المشرق والاسكندرية وأورشليم للروم الكاثوليك سابقا ما صدر من الرئيس ترامب عن "صفقة القرن" وبعث رسالة قال فيها:"القدس ليست سلعة، وفلسطين ليست سلعة . اتابع وبإهتمام كبير، أخبار ما يسمى "صفقة القرن"، وأشعر من خلالها أن الإنسان ما عاد له قيمة، وأصبح سلعة ، والوطن أصبح سلعة والقيم ايضا اصبحت سلعة،

فالقدس سلعة ، وفلسطين سلعة . سلعة يتاجر بها من ليس له علاقة بها، ولا يملك قيراطا منها ولا شبرا من ترابها، ويتاجر بها كأنها ملكه. وتذكرني صفقة القرن، بصفقة أخرى جرت أيضا في فلسطين قبل أكثر من ألفي سنة.بطل هذه الصفقة هو يهوذا الإسخريوطي الذي خان يسوع معلمه، وقال لليهود :"ماذا تعطوني، وأنا أسلمه (يسوع)اليكم . فجعلوا (اليهود) له ثلاثين من الفضة. ومنذئذ

كان يطلب فرصة ليسلمه" ( متى26: 15-16) ( مرقس 14 :10-11) ( لوقا 22 :3-6 )الثمن بخس جدا في الصفقتين صفقة بيع يسوع وخيانته وصفقة بيع فلسطين وخيانتها. هذا ما تؤكده صلواتنا حول خيانة يهوذا ومن تآمر معه حيث نقرأ في صلوات خميس اسبوع الالام " جعل (يهوذا) الصفقة رخيصة! وبحسب عادة التجار تاجر بالمبيع ولم يدقق في تحديد الثمن! فإن من عادة اللصوص أن

يجازفوا في الاسعار. ولهذا فان الإسم ألحقيقي لما دعي صفقة القرن، هو أنها فخ القرن وكذبة القرن ومسرحية القرن ومؤامرة القرن، وستكون هذه الصفقة الضربة القاضية لكل حوار في المنطقة. ولكل عملية سلام في المنطقة! وستكون المدخل للمزيد من الحروب والصراعات في المنطقة .لا بل ان هذه الصفقة هي قمة المؤامرة على مصير الدول العربية بأسرها، وستدق إسفينا في العلاقات العربية،

وفي العيش المشترك في المنطقة ، وتجر المنطقة الى صراعات دينية، تقود الى قيام كانتونات في البلاد العربية على اساس ديني مثل الدولة اليهودية! هذه الصفقة ستكون منطلقا لمزيد من العنف والارهاب والفرق التكفيرية، وجحافل الدواعش، وتجار الحروب أصحاب القبضة التي ظهرت في الثورة اللبنانية مؤخرا . لا بل ستكون هذه الصفقة الناروالوقود لناراللا سامية

والإسلاموفوبياAntisémitisme et Islamophobie) ) في الشرق والغرب، وستؤجج الحقد والكراهية للغرب بأسره، لا بل ستتسبب في تفشي الاصولية الدينية في كل مكان، وفي علاقات الدول والشعوب ! وأقول متوجها الى ضميرالعالم بأسره:"هل تعقلون وهل تتصورون أن يقبل الفلسطينيون بصفقة القرن؟ هل يقبلون بها بعد تشريدهم في العالم أجمع؟ بعد آلاف وآلاف من الشهداء

والأسرى؟ بعد الدماء التي سالت في كل شبر في فلسطين وخارجها؟ هل يقبل الفلسطيني بأن لا يكون له وطن؟ ولا حقوق ولا استقلال؟ هل يقبل الفلسطيني ان يكون تحت حماية ورحمة وادارة دولة أخرى، هي تقرر في الامور الأساسية، الادارية والسياسية والاقتصادية والدولية والثقافية، التي تنظم حياته وسياسته وعلاقاته محليا وعالميا؟..ان بنود صفقة القرن هي نوع جديد من التمييز

العنصري، ومن الاستعباد، ومن الاحتلال، ومن نظام العبيد الذي كان قائما على سنوات طويلة في بعض ولايات اميركا.لا يمكن لأي فلسطيني الا ان يرفض هذه الصفقة جملة وتفصيلا وبطريقة قطعية ونهائية.هذه الصفقة المشؤومة تكرس شريعة الغاب والتمييز العنصري كما كان سابقا في اميركا بوجود الهنود الحمر وفي افريقيا، والظلم الدولي، وغياب العدالة والحقوق المشروعة للشعوب

....وتضرب عرض الحائط بكل قرارات الامم المتحدة والمجتمع الدولي والقانون الدولي . وكأن أميركا هي الحكم الوحيد في هذه القضية العالمية التي كانت سبب حروب وأزمات أغرقت وتغرق الشرق العربي بالدماء. هذه الإعتبارات هي ثمرة خبرتي في فلسطين وفي القدس بالذات على مدى ست وعشرين سنة. وفيها حاولت أن أكون دائما قريبا من الجميع من المسيحي والمسلم واليهودي . وكنت

داعية سلام وحوار. لكي أجنّب المنطقة المزيد من الحقد والكراهية ، لا سيما لدى الشباب. وهذا ما عبّرت عنه في مواقفي وخطاباتي ومحاضراتي في ظروف الإنتفاضة الاولى في فلسطين. وهذه سطور من خطاب عام 1982:حضارة المحبة، وأقول في الختام لكل ابناء هذه الديار المقدسة، من كل قومية ودين واتجاه سياسي وقومي، رافعين صوتنا بالصلاة لأجل كل شهيد وقتيل، وجريح

وسجين ومعتقل ومقعد ومتألم، رافعين صوتنا بالصلاة لاجل العدل والسلام والمصالحة، قائلين:لماذا الحرب يا إخوان؟ لماذا العنف؟ لماذا الكراهية؟ لماذا البندقية؟ لماذا الحجر؟، فلنرم بكل هذا جانبا، ولنجمع حجارة الوطن، وتراب الوطن، وطاقات الوطن، طاقات هذه الارض المقدسة، بقداسة كتبها وانبيائها وأوليائها، ولنبن بها كلها وكلنا، حضارة المحبة والسلام، في أرض المحبة والسلام. اليوم

أوجه هذا النداء الى العرب، ملوكا وامراء ورؤساء وحكام ورجال دولة وأعمال...قفوا صفا واحدا في وجه هذه الصفقة التي ستجلب الويلات ومزيدا من الحروب والخلافات في عالمنا العربي. وأوجه النداء نفسه الى حكام العالم بأسره لا سيما الولايات المتحدة الاميريكية وروسيا وأوروبا الغربية والشرقية... قفوا صفا صفا واحدا في وجه صفقة القرن. وضموا جهودكم لأجل الحل الوحيد المشرّف

الإنساني، ألا وهو دولتان متساويتان في الحقوق والواجبات. وسعي مشترك محلياَ وفي العالم في الشرق والغرب، لأجل سلام عادل شامل ثابت، عربي، فلسطيني، إسرائيلي، مسيحي إسلامي، محلي وعالمي.وهكذا تكون الارض المقدسة التي هي مهد الديانات الابراهمية اليهودية والمسيحية والاسلامية، وانطلاق الايمان المقدس الى العالم بأسره، وبشارة السلام، وفيها أنشد ملائكة بيت ساحور

وبيت لحم نشيد الميلاد، نشيد السلام، "المجد لله في العلى، وعلى الارض السلام" ...هذه الارض تكون أيضا اليوم منطلق السلام العالمي. هذا هو ندائي الإنساني والوجداني، والروحي والديني. هذا هو ندائي كمطران للقدس على مدى 26 سنة، خدمت فيها الانسان كل انسان . واحببت الانسان كل إنسان، وكنت رسول سلام الارض المقدسة في كل مكان والى كل إنسان. إيماننا المقدس، وأقول تعليم

الانجيل المقدس يدعونا دائما الى رؤية جديدة في العلاقات بين الناس، بين الامم، بين الشعوب، بين البشر، بين الدول. هذا التعليم المقدس هو أساس ندائي هذا امام هذه الاخطار المميتة المدمرة التي تجابه فلسطين، والقضية الفلسطينية، ومسيرة السلام في المنطقة وفي العالم بأسره. ومع السيد المسيح اخاطب الجميع قائلا: "طوبى لصانعي السلام فإنهم ابناء الله يدعون".

قد يهمك أيضا : 

  مخزومي يؤكد ان ما هو معروض في صفقة القرن إهانة للقوانين الدولية

  بطريرك أنطاكية يشدد على تحقيق السلام في الأراضي المقدسة