القدس المحتلة – وليد أبو سرحان
ما زال القائد العام لكتائب "القسام" الجناح المسلح لحركة ""حماس"" حاضرًا في الساحة الامنية والسياسية الإسرائيلية كأسطورة تقض مضاجعهم بسبب الفشل الاستخباراتي في الوصول إليه للنيل منه رغم نجاته من المحاولات المتعددة لاغتياله.
ويسود اعتقاد في "إسرائيل" بأن الضيف الذي يوصف برئيس أركان جيش "حماس"، انتصر في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة كونه نجا من محاولة اغتيال ذهبت ضحيتها زوجته وابنه.
وأكد موقع "المونيتور" الإسرائيلي، أنَّه في عملية "الجرف الصامد" العدوان الأخير على غزة 2014، أعلن فيها الطرفان عن النصر، يمكن أن يكون الفلسطينيون قد حققوا نصرًا حقيقيًا، لاسيما أنَّ رئيس أركان "حماس" محمد الضيف، المطلوب رقم 1 الذي نجا من محاولات للاغتيال عدة؛ نجا أيضًا هذه المرة.
وأوضح الموقع "لقد بات الأمر واضحًا الآن، لقد تبخرت كل علامات الاستفهام وتبدد الغموض، الضيف ما يزال حيًا يرزق، وضعه الدقيق غير واضح، ولكنه نجا من ذلك الهجوم الذي استهدفه في الـ19 من آب/ أغسطس 2014 في ذروة العملية، والتي علمت "إسرائيل" في إطارها البيت الذي يقيم فيه الضيف فأسقطت طائرة حربية فوق البيت عددًا من القنابل بالغة القوة تزن الواحدة منها طنًا.
وأضاف أنَّ المسؤولين الإسرائيليين قالوا "لا يمكن أن يخرج من هنا حيًا"؛حينها، ولكنهم أخطؤوا على ما يبدو، فقد خرج الضيف من هناك حيًا يُرزق.
وحسب ما أورده "المونيتور" الإسرائيلي،، فقد نجا الضيف من 5 محاولات محكمة للاغتيال على الأقل ما بين عامي 2001-2014، أربعة منها كانت اغتيالات محكمة من الجو استندت الى معلومات استخبارية دقيقة، أصيب للمرة الأولى وفقد إثرها عينًا وجزءًا من يده.
وأصيب إصابة خطيرة في المرة الثانية، وفقد أطرافًا أخرى، وأصبح مُقعدًا مشلولًا يحتاج مدة طويلة لينهض، وبهذا تحول الضيف الى أحد القتلة الدمويين الأكثر خطورة في التاريخ الإسرائيلي، كما استثمرت المخابرات الإسرائيلية الكثير من الجهد والوقت في محاولات تعقبه واغتياله، والمعلومات الاستخبارية كانت دقيقة، ولكنه في جميع المرات التي جرت فيها محاولات الاغتيال نجح بطريقة ما من النجاة، أصيب إصابات بالغة الخطورة ولكنه بقي حيًا، لقد اعتزل أكثر من مرة للاستشفاء لفترات طويلة ولكنه كان يعود.
وتابع الموقع "في عملية "الجرف الصامد" احتاجت "إسرائيل" بشدة الى صورة للنصر، خمسون يومًا بلياليهن و"إسرائيل" كلها تحت رحمة الصواريخ من "حماس"، تل أبيب قصفت بشكل يومي، وإن لم تتضرر بفضل القبة الحديدية، وقررت حكومة نتنياهو ألا تتوجه لاحتلال غزة حفاظًا على أرواح جنودها، والجميع فهم أنَّ حقيقة كون "حماس" ستنجو من هذه الحرب وهي واقفة أو تترنح على أقدامها معناه انتصار حمساوي واضح؛ الأمر الوحيد الذي كان يمكن أن يخل بالموازنة هو "إحضار محمد الضيف".
وحسب الموقع، أثناء "الجرف الصامد" أنّب وزير الجيش يعلون أكثر من مرة رئيس "الشاباك" يورام كوهين؛ لأن الشاباك لا يأتي بمعلومات كافية عن أماكن تواجد قادة "حماس"، ومن بينهم الضيف، ولم يمكن "إسرائيل" من تحقق لنفسها صور للانتصار، لقد ضاعف الشاباك جهوده وأحضر البضاعة في منتصف آب/ أغسطس 2014.
وأضاف "في الـ19 من آب/ أغسطس؛ أسقطت طائرة حربية قنبلة تزن طنًا على المنزل الذي كان من المفروض أن يكون الضيف بداخله في نفس اللحظة، وبعد أقل من دقيقة أسقطت على المنزل قنبلة أخرى بهدف منع وقوع خطأ، "إسرائيل" لا زالت تقسم الى الآن بأنَّ الضيف دخل الى المبنى، حيث كان من المفترض أن يلتقي إحدى زوجاته ومعها ابنيها الصغيرين، ولقد عثر بين الأنقاض على جثامين الزوجة والأولاد، ولكن لم يعثر على أي أثر للضيف.
واستطرد الموقع، "ومن حينها التزمت "إسرائيل" موقف الغموض؛ قادة الجيش تحدثوا عنه بغموض، وفي الحديث عنه قيل لكل من اهتم بأمره انه كان هنا تأكيد تام بأنَّ الضيف فعلًا دخل الى البيت، ولذلك من الصعب الافتراض أنّه خرج من هناك على قيد الحياة على ضوء كون البناية قد مسحت عن وجه الأرض.
في السابق، حسب المسؤولين الإسرائيليين، كان الضيف قد تسلل من مبنى تم تفجيره فقط لكون جيش الاحتلال قد قرر استخدام قنبلة صغيرة الحجم أكثر من 250 كغم فقط، وبعد النتائج المفزعة لاغتيال القائد الحمساوي صلاح شحادة 2002 حيث أصيب العشرات من الفلسطينيين غير المعنيين، ولحسن حظهم فإنَّ الضيف ومجموعة كبيرة من القادة الحمساويين عقدوا لقاءهم في الطابق الثاني، وليس الطابق الأول من المبنى الذي استهدف، ونجا جميعهم دون إصابة تقريبًا.
هذه المرة طبعًا قررت "إسرائيل" ألا تذر شيئًا ليد الحظ، فقد أسقطت قنبلتين شديدتي الانفجار، كان من المفترض أن تضعا حدًا للملحمة وللأسطورة التي نسجت حول الضيف.
ويختتم الموقع: وبذلك فالأسطورة ومعها الضيف ما زالا حيان يرزقان، محمد الضيف يعتبر "ابن موت" في "إسرائيل"، فهو مسؤول عن العمليات الأكثر دموية التي قتل فيها مئات المستوطنين، ويعتبر والد نظرية الأنفاق وإقامة المدى تحت الأراضي الذي كان من شأنه أن يقدم لـ"حماس" تفوقًا على الجيش الإسرائيلي المدرب والمسلح.
فهم الضيف في الأعوام الأخيرة أنَّ "حماس" ليس بمقدورها إخضاع الجيش الإسرائيلي أو مواجهته في الجو أو البحر أو البر، فلا طائرات لديها ولا سفن حربية أو دبابات أو مدرعات؛ لذلك فقد أوجد فكرة الأنفاق التي وجد جيش الاحتلال صعوبة في مواجهتها، ومقتل الضيف كان من شأنه أن يقدم للمستوى السياسي والعسكري في "إسرائيل" صورة للنصر، أما الآن فإنهم مضطرون أن يجدوا لأنفسهم صورة أخرى.