الشاب المصاب احمد السوافيري

"رُبّ همّة أحيت أمة" شعارٌ سطره الطالب المقعد أحمد السوافيري في مخيلته راسماً به طريق مستقبل يتحدى به إصابته ، وباعثاً رسالة أمل لمن كتب لهم القدر بأن يفقدوا طرفاً من أطرافهم .
فقدان 3 أطراف ركائزية في بنية الجسم لطالما أطاحت بأناسٍ كثيرين لم يقدروا على مواصلة مشقة الحياة واستسلموا لها بالكسل والخذلان ، إلا أن أحمد أراد أن يصنع لنفسه قدوةً يسيروا عليها  من هم على شاكلته .
على كرسيه المتحرك يسير أحمد  بين أزقة الطرق المتعرجة في شوارع غزة ، بدون أن يحتاج لمساعدة أحد ، متوجهاً إلى مدرسة صفد التي يتدرب بها كمدرس للتربية الإسلامية ، يتنقل بكرسيه المتحرك داخل حجرة الفصل ، يعلم طلابه معنى الإرادة والعزيمة وتحدي الصعاب وحمد الله دوماً في السراء و الضراء.
لم يكن يعلم أحمد قبل تاريخ 20/4/2008 ماذا سيحل به من ابتلاء ، فكان يعيش بين أفراد أسرته تحت رضا والديه ، وطالباً في الثانوية العامة ، إلا أن ذاك التاريخ لم يرحم أحمد نتيجة غارة من طائرة استطلاع إسرائيلية ألقت صاروخ تسببت ببتر رجليه الاثنتين ويده اليسرى ، بالإضافة للأصبع الأول والخامس من اليد اليمنى.
طريق أحمد في مسيرة الحياة لم يتوقف على ما هو عليه ، فمنذ لحظة الإصابة وهو يرقد داخل المستشفى وعد نفسه بأن يتحدى الإصابة ، فاستمر في تعليمه، وقرر أن يتقدم لامتحانات الثانوية العامة التي لم يتبقى لها سوى شهرين في ذلك الحين ، فاجتهد وثابر ونجح وحصل على  شهادة الثانوية العامة .
يرى أن من حقه العيش بحياة كريمة مستقلة شأنه شأن أي إنسانٍ سليم، فقرر أن يبني أسرة له فتزوج وأنجب طفلين رسما الإبتسامة على شفتيه وعوضاه ما أصابه من ألم .
ولم تتوقف عجلة طموحه بل استمر في طريقه وقرر أن يواصل مسيرة التعليم ، فحصل على شهادة الدبلوم من الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية عام 2012 ، وأكمل دراسته في جامعة الأمة ، والآن لم يتبقى له سوى فصل دراسي واحد ليأخذ شهادة البكالوريوس، متمنياً مواصلة مسيرته لأخذ درجة الماجستير.
يواجه أحمد بعض الصعوبات تتعلق بسكنه بالإيجار في الطابق الأول في أحد أبراج مدينة غزة ، حيث يشق عليه الخروج والعودة من وإلى منزله ، إلا أن من حوله من جيرانه وأصحابه  يقدمون له الدعم المناسب في كل موقف ، ويتفاعل مع الجميع من خلال تبادل الآراء والأفكار واصفاً نظرة المجتمع له بشكل عام بالإيجابية .
ويبعث السوافيري رسالة أملٍ  لكل من فقد عضواً من جسده بأن يواصل حياته بشكل طبيعي ، وأن لاتعيقه اصابته عن شي ،  وأن يتعامل مع الواقع  بكل ايجابية ونفس رضية ، متمنياً من القيادة الفلسطينية أن تهتم بقضية الجرحى المهمشة قائلاً : "الشهيد والأسير والجريح هم أضلاع مثلث المقاومة ، فهم وقود التحرير والانتصار" .