غزة ـ محمد حبيب
استغل صيادو غزة الإعلان عن فترة تهدئة لمدة 5 أيام مع الاحتلال الإسرائيلي، لالتقاط أرزاقهم في بحر القطاع المحاصر وسط ملاحقة مستمرة من قبل قوات البحرية الإسرائيلية التي تلاحقهم إذا تجاوزوا أمتاراً محدودة داخل عمق البحر.
حيث تستهدف الزوارق الحربية، كل من يقترب من الشواطئ وليس دخول البحر، لتتسبب في حرمان 4000 صياد فلسطيني في كسب أرزاقهم، وممارسة مهنتهم الوحيدة والتي لا يعرفون غيرها، بحسب ما يؤكد نقيب الصيادين الفلسطينيين نزار عياش.
وتوقف الصيادون، عن عملهم لأكثر من شهر بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حيث أكد الصياد محمد البردويل "تقبلنا الأنباء الواردة من مصر بكل سعادة، وهممنا إلى البحر، وتفقدنا آثار الدمار الإسرائيلي حيث وجدنا أكثر من 10 قوارب محروقة بسبب قذائف الزوارق الإسرائيلية، كذلك حرقت تلك القذائف شباك أقارب لي ولزملائي".
وأوضح البردويل، أن "رغم تلك الخسائر، لملمنا خسائرنا ودخلنا البحر بعزيمة قوية، والحمد لله، ربنا رزقنا بكمية قليلة من الأسماك ولكن غالية الثمن كالبوري، والطرخونة، والسردين، فثمنها يفوق ثمن البنزين الذي استخدمته، وحققته عائداً مادياً يكفي أسرتي لعدة أيام".
وبين، أن الحرمان من الصيد تسبب له بحالة ضيق كبيرة في العيش، بسبب عدم وجود أي مهنة له يعمل بها، مع استمرار إغلاق البحر، مما يعني زيادة الفقر والسؤال لهؤلاء الصيادين الذين لا يعرفون غير مهنة الصيد.
بينما استغل الصياد خليل قنن هو الآخر أيام التهدئة ودخل البحر مصاحبًا شباكه، في محاولة منه لتعويض أيام العدوان التي أغلق خلالها الاحتلال البحر.
وأشار قنن إلى، أنّ "دخلت البحر ولكن كنت خائفًا من بوارج الاحتلال، فلم يتوقف الجنود المتواجدون فوقها من إطلاق النار العنيف علينا طيلة الليلة، والماء يتطاير من حولنا، ولكن أمضينا ليلة كاملة وعدنا بأسماك قليلة".
ولفت قنن إلى أن، العودة إلى الصيد أفضل من الجلوس في البيت، فالصيد يوفر مصروف الأسرة، ويغطي نفقات المركب، وثمن الشباك، متمنيًا أن تنجح المقاومة في توسيع مساحة الصيد لكي يتمكن الصيادون من صيد أسماك بكميات كبيرة.
وأكد نقيب الصيادين نزار عياش، أن العدوان الإسرائيلي على غزة تسبب بخسائر فادحة لقطاع الصيد، بلغ تسعة ملايين دولار، مشيرًا إلى أنّ قرابة 4000 طنًا من الأسماك كانت تصطاد في بحر غزة قبل العدوان الحالي لكن انخفضت الكمية إلى 1500 طنًا فقط في الوقت الحالي.
وبين عياش، أن العدوان الإسرائيلي تسبب في تدمير 36 مبنى خاصاً بالصيادين و55 مركباً، إضافة إلى حرق جزء كبير من ممتلكات ومعدات الصيادين.
هذا ويشهد بحر غزة تلوثاً كبيراً بسبب المياه العادمة بعد أن تسببت الضربات الإسرائيلية الكثيفة في وقف عمل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة والتي كانت تمد محطات معالجة المياه العادمة بالكهرباء، وبعد إغلاق هذه المحطات، ارتفعت معدلات مياه الصرف الصحي التي تصب في البحر ما يعني صيدًا قليلاً، بالإضافة إلى خطر الإصابة بالأمراض.
وشرح الصياد أحمد سمير، الذي حمل سلة فيها 14 سمكة صغيرة نجح في اصطيادها، "المجاري في البحر اليوم تؤثر على الناس والأسماك التي يأكلونها".
وقبل 8 من تموز/يوليو الماضي وقت اندلاع العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، كان سمير يصطاد في قاربه في ميناء غزة حيث سمح له بالصيد ضمن نطاق 3 أميال وهو الحد الذي فرضته إسرائيل، ولكنه يقوم حاليًا بقضاء ساعتين يوميًا على الشاطئ مستخدمًا شبكة صغيرة لصيد قوت عائلته.
وأوضح سمير، بأن الأسماك تختفي يومًا بعد يوم نتيجة ارتفاع منسوب المياه العادمة غير المعالجة في البحر ما يدفع بالأسماك إلى التوجه إلى داخل البحر.
وتابع، "الأسماك تغادر في حال كانت بيئتها خطرة، مثل البشر"، مبينًا أن هذه المياه سببت الأمراض الخطيرة لكثير من الناس، وأن أطفاله مرضوا بعد أن سبحوا في البحر.
وذكر عياش، أن المشكلة ازدادت سوءً بعد توقف محطات معالجة المياه عن العمل، مؤكدًا "بالطبع نعلم أن مشكلة التلوث في البحر أسوأ مما كانت عليه قبل الحرب"، مشيرًا إلى أنه حاليًا لا يوجد أي معالجة للمياه بسبب الحرب.
ومن الصعب على الصيادين في غزة والذين يقدر عددهم بأكثر من 4 آلاف صياد، التحقق من كمية مياه الصرف الصحي التي تصب في البحر.
وألمح منذر شلبك من مصلحة مياه بلديات الساحل في غزة إلى، أن كمية النفايات التي ألقيت في البحر ما زالت مماثلة لنفس الكمية قبل اندلاع الحرب، أي نحو 25 ألف متر مكعب ولكن بسبب انقطاع الكهرباء والأضرار التي لحقت بمحطة معالجة المياه فان كل شيء الآن يبقى دون معالجة.
ونوه شلبك إلى، أن الكمية التي تجمعها المدينة والتي يتم ضخها في محطة معالجة المياه العادمة لم تتضاعف، ولكنها أصبحت مياه صرف صحي خام.
بينما يقوم ياسر سلطان عند الشاطئ القريب من مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، بالتقدم نحو 200 مترًا في البحر على متن قاربه الصغير قبل إلقاء شبكته لصيد السمك.
ويعترف سلطان، الذي احترف الصيد منذ 30 عامًا بأنه يعاني أيضاً من شروط الصيد بعد بدء الحرب ويلقي باللوم على ارتفاع معدل المياه العادمة والقمامة في المياه على انخفاض معدل الأسماك التي يصطادها.
ولفت الصياد إلى، أنّ "البيئة هنا ملوثة وقذرة، نحن نصطاد هنا لان المنطقة بعيدة قليلا عن خطوط الأنابيب"، متابعًا وهو يشير إلى ميناء غزة حيث أصبحت جدران الغرف التي يحتفظ فيها الصيادون بشباكهم ومعداتهم الخاصة بالصيد، سوداء تمامًا بفعل القصف الإسرائيلي، أن مياه الصرف الصحي دفعت الغزيين إلى تجنب قضاء الوقت عند الميناء.
وأوضح أنّ، "كان من المفترض أن يكون هذا الميناء موقعًا سياحيًا ولكن بسبب مياه الصرف الصحي لا أحد يريد القدوم إلى هنا، الرائحة كريهة".
وأعرب سلطان، عن أمله بانتهاء القتال والتوصل إلى تهدئة في أسرع وقت ممكن، مؤكدًا "نريد حلاً نهائيًا، الإسرائيليون يقصفوننا كل يوم".