أشجار الزيتون

نعت سلطة جودة البيئة في فلسطين، أثناء مشاركتها في مؤتمر الأطراف العشرين لاتفاق الأمم المتحدة الإطاري لتغير المناخ، والمنعقد في ليما، البيرو، وزير هيئة مقاومة الاستيطان والجدار الشهيد زياد أبو عين، الذي استشهد وهو يطالب فيه قادة العالم بالتصدي بحزم وفعالية ودون إبطاء لظاهرة التغير المناخي، عبر الحفاظ على الغابات والأشجار، فكان يزرع أشجار الزيتون في الأراضي الفلسطينية المهددة بالمصادرة والاستيطان.

وأكّد مستشار سلطة جودة البيئة لشؤون تغير المناخ  الهندس نضال كاتبة، أن "الوزير أبو عين لم يكن يحمل سلاحًا، ولم يعتد على الجنود المدججين بالأسلحة بل كان يصر على الحياة والتشبث بالأرض، وزراعتها، حيث أن فلسطين تعتبر جزءًا من المجتمع الدولي، ومن المنظومة الدولية، الذي يعاني أشد المعاناة وأكثر من غيره من الشعوب من تبعات التغير المناخي، الذي لم يكن يومًا سببا فيه، بل أن مجمل الإنبعاثات السنوية لفلسطين قد لا يصل إلى مستوى إنبعاثات أحد المصانع الضخمة أو محطات التوليد العملاقة في إحدى الدول الصناعية".

وأشار إلى أنّ "أنظار شعوب العالم تتطلع لكم بكل أمل للوصول إلى اتفاق أو بروتوكول جديد ملزم وشامل وعادل، ومبني على أسس ومبادئ الإتفاق الإطاري لتغير المناخ، في العام المقبل، في باريس، أثناء انعقاد مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين، وبما يؤسس لعهد دولي أكثر إنصافًا".

وأبرز كاتبة في كلمته أنَّ "المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية حولت الأراضي الزراعية من غابات إلى مجمعات سكنية مخدومة بشبكة من الطرق الالتفافية التي التهمت مساحات شاسعة من الأراضي، وبناء جدار الضم والتوسع، الذي بلغ طوله أكثر من 800 كيلومترًا، إضافة إلى مصادرته للمياه وأخصاب الأراضي الزراعية، مخلفًا العديد من الفلسطينيين في المناطق المستهدفة دون مصدر لماء الشرب أو مصدر للرزق، ودون أرض يقيم عليها هو وعائلته"، موضحًا أنه "وصل الاستهلاك اليومي لبعض الفلسطينيين في جنوب الضفة الغربية إلى أقل من 30 لتر، أي ما يصل إلى 10% من استهلاك المستوطن، الذي يقيم على أرض الفلسطيني المسروقة منه".

وتطرق المستشار كاتبة إلى العداون الأخير على قطاع غزة، الذي دمر البنى التحتية والمنشآت العامة، والتي تم إنشاؤها بدعم مشكور من الدول المانحة، إضافة إلى تدمير النظم البيئية فيها، ومنع الفلسطينيين من حقهم في إدارة مصادرهم الطبيعية من مياه  وأراض وغابات، حتى أصبح قطاع غزة يفتقر للمياه الصالحة للشرب فضلاً عن المياه اللازمة للزراعة، وكل ذلك وغيره يحد بشدة من القدرة على التكيف مع تغير المناخ والتفاعل معه بإيجابية ومحاولة التغلب على آثاره.

وطالب كاتبة المجتمع الدولي والدول المانحة المشاركة في تمويل مشروع تحليه المياه الذي يساهم في توفير مياه الشرب الصالحة لقطاع غزة، في وقت تشير الدراسات فيه إلى أنّ ما يزيد عن 90% منها غير صالحة للشرب، وتقدر الكلفة الإجمالية للمشروع بـ500 مليون دولار.

ودعا المجتمع الدولي إلى تقديم كل مساعدة ممكنة لإعادة بناء ما تم تدميره في أقرب الآجال، مبيّنًا أنه "تشير التقديرات إلى أن عدد الشقق المدمرة بشكل كامل أو متضررة بشدة فاق العشرة آلاف وحدة سكنية، ومن الأهمية بمكان الشروع فورًا بالبناء المستدام وبما يوفر للعائلات المهجرة الحياة الكريمة".

وأعرب المستشار كاتبة عن أمله من قادة ورؤساء دول العالم إدراك أهمية دعم ومساندة دولة فلسطين في التصدي لتغير المناخ وتبعاته الخطيرة على مسيرة التنمية المستدامة، لافتًا إلى أنَّ "فلسطين أعدت، ومنذ أعوام، خطة إستراتيجية وطنية للتكيف مع تغير المناخ، وكذلك خططًا وطنية للتعامل مع التغير المناخي، إلا أن تنفيذ هذه الخطط الوطنية وكما لا يخفى عليكم يحتاج لتوفير المصادر المالية والتكنولوجية اللازمة لتنفيذها".

وأشار إلى جهود الحكومة الفلسطينية ممثلة بسلطة جودة البيئة، في تشكيل اللجنة الوطنية لتغير المناخ، التي يلقى على عاتقها مسؤولية التخطيط والإشراف على الجهود الوطنية للتعامل مع التغير المناخي، إضافة إلى إدماج البيئة وتغير المناخ في خطة التنمية الوطنية والإستراتيجيات القطاعية على المستوى الوطني .

وبيّن كاتبة أنَّ "التغير المناخي أثر على مختلف مناحي الحياة من ارتفاع درجة الحرارة وانخفاض كميات الأمطار والأحداث المناخية المتطرفة وتوالي مواسم الجفاف، التي انعكس تأثيرها على إنتاج الغذاء، ونقص المساحات الزراعية وأعداد الثروة الحيوانية، مما زاد من العبء على الحكومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية التي تواجه العديد من التحديات، أهمها محدودية مصادر التمويل، وضعف القدرة المالية والإمكانات التكنولوجية".

وأضاف "التغير المناخي في قطاع غزة أثر على ارتفاع مستوى سطح البحر ويضر بالمناطق الساحلية المحدودة، والتي تقدر بحوالي 40 كيلومترًا، كما أن تسرب مياه البحر إلى الخزان الجوفي الساحلي سيؤدي إلى تدمير الحوض المائي، وتلويثه، حتى يصل إلى درجة اللاعودة ويجعلها غير قابلة للإستخدام".

وتابع "الأمر يتطلب من جميع الدول حشد الجهود وتأكيد الدعم على المستوى الدولي بما يرقى إلى مستوى التحديات التي يواجهها السلم والأمن الدوليين وتواجهها حكومات وشعوب العالم أجمع  نتيجة للتبعات الخطيرة الناجمة عن ظاهرة التغير المناخي والتي لم تكن معظم الدول المتأثرة بها من أسبابها أو مسبباتها كما هو الوضع في حالة دولة فلسطين".