أصغر طفلة فلسطينية أسيرة في العالم ملاك الخطيب

صرَّح مدير دائرة الإحصاء في هيئة شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، بأنَّ الطفلة الفلسطينية ملاك الخطيب، القابعة في زنازين الاحتلال، رغم أنَّها لم تتجاوز 14عامًا مع العمر، باتت شاهدًا بارزًا على مدى الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق أطفال فلسطين. وأوضح فروانة أنَّ "ملاك اسم لطفلة فلسطينية من قرية بيتين قضاء رام الله، لم تتجاوز الرابعة عشر من عمرها، خُطفت وهي ترتدي زيها المدرسي الأخضر وتحمل حقيبتها المدرسية عائدة إلى بيتها بعد تقديمها امتحان الفصل الأول للصف الثامن".

وأضاف "كُبلت أياديها بالسلاسل وعُصبت عيناها ومُزقت حقيبتها وزج بها في سجن "شيطان" اسمه الاحتلال الإسرائيلي. وذلك في اليوم الأخير من العام المنصرم وفي وقت يستعد فيه العالم للاحتفاء بأعياد رأس السنة الميلادية وحلول العام الجديد".

وتابع فروانة  "ملاك ببراءتها بدلًا من أن تنعم بطفولتها وتجلس على مقاعد دراستها، زُج بها في سجن الشيطان الذي يسمونه "هشارون" لتمضي ليالي سوداء في زنازين مظلمة دون أن يُسمح لوالديها أو لمحاميها بحضور التحقيق، كما لم يُسمح لأي من أفراد عائلتها بزيارتها أو الحديث معها للاطمئنان عليها وتقديم العون ويد الدعم والمساعدة لها، علاوة على ذلك منع إدخال الملابس لها مما اضطرها لارتداء ملابس الأسيرات الراشدات".

وأبرز أنَّ "ملاك نقلت مرات عدة إلى محكمة "عوفر" العسكرية عبر ما يُعرف بـ "البوسطة"، سيارة نقل كبيرة مخصصة لنقل الأسرى من وإلى المحاكم أو ما بين السجون، والرحلة فيها مؤلمة تستغرق ساعات طويلة ويتخللها معاناة قاسية ومعاملة سيئة ولا إنسانية".

واستطرد  فراونة  "لم يكتفِ قضاة المحكمة العسكرية بما أمضته "ملاك" من أيام سوداء وليالي ظلماء في سجونهم والتي قاربت على الشهر، وما عانته من مأساة من قبل جنودهم خلال اعتقالها، وما لاقته من معاملة وحشية من سجانيهم خلال احتجازها في السجن، فأصدرت المحكمة العسكرية في "عوفر" حكمها بالسجن الفعلي لمدة شهرين وغرامة مالية قدرها 6000 شيكل بحق الطفلة ملاك الخطيب، بتهمة إلقاء الحجارة، لتؤكد أنَّ القضاء الإسرائيلي لم ولن يكون يومًا قضاء نزيهًا، وإنما هو أداة من أدوات الاحتلال، ويؤتمر بأوامر الأجهزة الأمنية والسياسية".

واستأنف "ملاك لم تكن الطفلة الوحيدة التي يزج بها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولم يكن كذلك اعتقالها حادث عابر أو استثنائي، وإنما يندرج في سياق سياسة إسرائيلية غير معلنة تستهدف الطفولة الفلسطينية، وتسعى إلى تشويه واقعها وتوظف كل إمكاناتها وأجهزتها القمعية لتدمير مستقبلها، إذ يرى الاحتلال فيهم مشاريع فدائية أو "قنابل موقوتة" مؤجلة التحقق إلى حين البلوغ".

وأكمل "الأرقام في هذا الصدد مذهلة وخطيرة، والوقائع والشهادات مؤلمة وقاسية، لاسيما إذا ما علمنا بأنَّ قوات الاحتلال اعتقلت منذ احتلالها لباقي الأراضي الفلسطينية عام 1967 عشرات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين، بينهم أكثر من عشرة آلاف طفل منذ بدء انتفاضة الأقصى في أيلول/ سبتمبر2000".

وأردف فروانة "صعّدت سلطات الاحتلال من استهدافها لهم خلال الأعوام الأربعة الماضية لتعتقل خلالها نحو 3755 طفلًا بمعدل يزيد عن 930 طفلًا في كل عام".

وشدَّد على أنَّه "إذا ما علمنا أيضًا أنَّ جميع من اعتقلوا من الأطفال قد تعرّضوا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي والنفسي واحتجزوا في ظروف تفتقر للحد الأدنى من شروط الحياة الآدمية، وحرموا من أبسط الحقوق الإنسانية التي كفلتها لهم المواثيق والاتفاقيات الدولية. ليمضوا أيامًا وأشهرًا وأعوام طوال، بل ومنهم من أمضى عقودًا في غياهب السجون".

وتساءل فروانة "هل يمكن لنا أن نتوقع مدى الضرر الذي يلحق بواقع ومستقبل الأطفال جراء ذلك ؟ إنه واقع مرير وطفولة تسلبها غياهب السجون ومستقبل مهدد بالضياع، هذا هو ما ينتظره الأطفال الذين لا ذنب لهم سوى أنهم فلسطينيين ويعيشون فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة!".

وأشار إلى أنَّ "الأطفال الفلسطينيون يملؤون السجون والمعتقلات الإسرائيلية، ويُعاملون كالكبار دون مراعاة صُغر أعمارهم أو توفير أدنى حاجاتهم، كما أنَّ الاحتلال لم يترك وسيلة إلا واستعملها لقمعهم وإرهابهم وتحويل حياتهم إلى جحيم. ولقد كان جنوده المدججين بالسلاح يتصرفون مع الأطفال الفلسطينيين كالقراصنة، إذ يصطادونهم ويختطفونهم من الشارع وهم ذاهبون للمدرسة، أو وهم يلعبون في الحيّ أو من البيت وهم نيام في أحضان آبائهم وأمهاتهم".

ونوّه إلى أنَّه "لا يمكن الاقتناع بوجود أي علاقة، بين ما يحدث للأطفال الفلسطينيين، وبين ما تسميه قوات الاحتلال بـ"الضرورة الأمنية". أفليس من العار على العالم المتحضر ودعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان في القرن الحادي والعشرين، أن يقبلوا بوضع الأصفاد في أيدي طفل بريء، ما زالت حمرة الطفولة تلون وجهه!".

وأضاف "تبقى ملاك الطفلة البريئة أصغر أسيرة في العالم شاهدة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي وبطشه بحق الأطفال الفلسطينيين الذين تغيبهم السجون، وتفتح باعتقالها واستمرار احتجازها والحكم الصادر ضدها، ملف الأطفال الأسرى الذي لطالما بقيّ مغيباً، لتروي حكايتها التي تتشابك مع آلاف الحكايات المماثلة، وتوصف تجربتها المريرة مع سجون الاحتلال".

واختتم فروانة تصريحاته "لعل العالم المتحضر يفيق من سباته، ويتخلى عن صمته ويرفع صوته ويعلن رفضه بصوت جهري ويتحرك بشكل جدي لنصرة الأطفال الفلسطينيين وإنقاذهم من جحيم سجون الاحتلال وقسوة سجانيه، وتبقى ملاك الخطيب طفلة فلسطينية بريئة في سجن "شيطان" اسمه الاحتلال الإسرائيلي، فلا الاحتلال باق ولا السجون يمكن أن تُجلب له الأمن والاستقرار".