غزة – محمد حبيب
أثار قرار القضاء الشرعي في غزة الذي اصدر تعميما قضائيا يحق بموجبه للزوج رفع قضية "التفريق للشقاق والنزاع "ضد زوجته في إطار إنصاف الرجل وإعطائه حقوقه المسلوبة استغراب المؤسسات النسوية والناشطات في مجال المرأة حول وجود رجل معنف من قبل المرأة الأمر الذي استدعى سن قرارات بينما لازلت قضايا آلاف النساء المعنفات معلقة في المحاكم بانتظار حلها.
حيث انتقد مركز حقوقي نسوي ينشط في قطاع غزة أمس الخميس صدور قرار قضائي مؤخرا يتيح للزوج المعنف تطليق زوجته، معتبرا أنه “مخالف لمبدأ المساواة وعدم التمييز″.
وقال مركز (الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة) في غزة في بيان صحفي له إن التعميم القضائي الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الذي تديره حركة “حماس″ الإسلامية بخصوص رفع دعوى الشقاق والنزاع من قبل الزوج “غير دستوري”.
وذكر المركز أن “القانون الساري المفعول في قطاع غزة أعطى الرجل الحق المطلق لتطليق زوجته متى وكيفما شاء وهو ليس بحاجة لرفع دعوى للطلاق، وأما المرأة فقط لها الحق القانوني لرفع دعوى التفريق لأسباب محددة من ضمنها الشقاق والنزاع بالنظر كونها لا تملك نفس الحق الممنوح للرجل”.
وحذر المركز من أن التعميم المذكور “سيشجع الأزواج على الادعاء بأن المرأة هي التي تتحمل عبء الشقاق والنزاع للحصول على الطلاق عبر المحكمة دون دفع الحقوق المالية المتوجبة للمرأة نتيجة الطلاق”.
وشدد على أن “صدور هذا التعميم يشكل اعتداء على حقوق المرأة المتضررة، لأن الغرض من إنصاف الرجل المتضرر في العلاقة الزوجية متحقق وفق القوانين السارية المفعول عبر تقدير لجنة تحكيم تحددها المحكمة لحجم الضرر الواقع على الرجل في دعوى الشقاق والنزاع التي ترفعها الزوجة”.
ودعا المركز إلى “إنشاء قانون أسرة جديد وموحد على قاعدة ضمان الحقوق العادلة والمساواة في الحقوق لكل من الرجال والنساء، الأمر الذي يتطلب تنحية السلطة التشريعية عن الخلافات السياسية القائمة في الساحة الفلسطينية".
وكان المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في غزة برر القرار القضائي المذكور بأنه يهدف إلى تحقيق المماثلة في حقوق وواجبات الزوجين وذلك بمنح الزوج حق رفع دعوى قضائية مثله مثل الزوجة لطلب “التفريق للضرر من الشقاق والنزاع″.
وبموجب القرار فإنه في حال إثبات الدعوى القضائية بشروطها وفقا للقانون فإنه يتم الحكم لصالح الزوج بإتمام الطلاق مع إعفائه من أي التزامات مالية تجاه الزوجة مثل النفقة والمؤخر وعفش البيت وذلك في سابقة هي الأولى من نوعها في قطاع غزة.
الباحثة القانونية زينب الغنيمي مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة تساءلت ما نسبة الأزواج المعنفين مقابل النساء المعنفات وقالت:"نحن لن ندعي انه لا يوجد رجال يتعرضون للشتم من قبل الزوجة او حتى الضرب ولكن ما نسبة هؤلاء مقارنة بالنساء المعنفات في مجتمعنا الذي يصم أذنيه عن هؤلاء"
وأشارت الغنيمي أن الرجل الذي يعترف انه تعرض للعنف من قبل زوجته سيعترف ويدعى في اللحظة التي يشعر بها انه سيخسر أمواله بسببها وبالتالي حتى لا يخسر ويدفع للمرأة كامل حقوقها التي وردت في عقد الزواج سوف يلجأ للحديث عن أي شكل من أشكال العنف ويقول "لقد تم تعنيفي".
ولفتت الغنيمي أن القرار الصادر سيزيد من الانتهاكات الواقعة ضد المرأة وستكون عرضة للطلاق في أي وقت وينتهك حقوقها ويرمي اليمين كيفما شاء ولا يدفع لها أي شي حتى لو كان لها حق مبينة أن القانون يتشدد بحقوق المرأة ولكن في حقوق الرجل يتساهل.
وأضافت:"بنسبة وتناسب الرجال هم من يعنفوا النساء أكثر وبالتالي لا نجد أيا من النساء أخذت حقوقها، نحن مع حق أي شخص ولكن عندما يتم إهمال حقوق 99% والتمسك في حقوق 1% تصبح هذه إشكالية ونظرة ذكورية للموضوع ".
وأكدت الغنيمي أنهم كمؤسسات نسوية لديهم مطالب وقرارات كثيرة تخص النساء حتى الآن لم يتم الأخذ بها أو التطرق لها مؤكدا انه حتى الآن لا يتم تسهيل إجراءات التقاضي للنساء ولم يتم الأخذ بموضوع الخلع حتى دعوى الشقاق والنزاع نفسها الخاصة بالمرأة لا يتعاملوا معها بأريحية وأضافت:". كما يخرجوا بقرارات لصالح الرجال فنحن أيضا طالبناهم بقرارات كثيرة لصالح النساء ".
أما مديرة طاقم شؤون المرأة في غزة نادية أبو نحلة أكدت أن القرار يضرب بعرض الحائط كل مقومات الحياة الاجتماعية السليمة في المجتمع الفلسطيني في ظل تزايد نسب الطلاق للنساء وانتشار ظاهرة الطلاق في المجتمع.
وشددت أبو نحلة أن المفروض اخذ قرارات أكثر لحماية النساء من كل أشكال الطلاق التعسفي وإعادة النظر في كل حقوق النساء العالقات داخل المحاكم التي تبقى قضاياهن عالقة في لعشرات السنوات.
وقالت:" عندما نتوجه لاتخاذ قرار أو قانون يجب أن يكون هناك ظواهر ومؤشرات إحصائية تقول أن هناك مؤشرات لعنف ضد المرأة أو مؤشرات أن هناك عنف ضد الرجل أو تمييز ضد وبالتالي يتم اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الرجل من التمييز أو حماية المرأة من العنف ولكن لا يوجد مؤشرات لوجود عنف ضد الرجال".
ولفتت أبو نحلة إلى تقرير الإحصاء المركزي في العام 2012 الذي أشار إلى نسبة 7% وهي نسبة محدودة حول تعرض الرجال لأشكال من العنف داخل العائلة وبالتالي هذا لا يتطلب يتم إقرار هذا القرار.
وشددت أبو نحلة أن القصد من القرار حرمان النساء من حقوقهم بادعاء أن هناك عنف ضد الرجال وهي تخريجة للمتنفذين بالقرار في المحاكم الشرعية لحرمان النساء من حقوقهم نتيجة أن هناك وعي لدى النساء نحو الطلاق للخلاص من مؤسسة الزواج الفاشلة مضيفة:" عندما يقرروا هكذا قرار وتخسر النساء حقوقها يعتقدوا أن المرأة ستتراجع عن عملية التفريق والطلاق".
ودعت أبو نحلة إلى توفير الحد الأدنى من الكرامة للنساء خاصة المطلقات أو الأرامل وذلك بالحفاظ على حقوقهن مؤكدة أن المؤخر الذي يضمنه عقد الزواج لامرأة لا تعمل أو امرأة فقيرة حماية لها من مجتمع سيكون ضدها لأنها إمرة مطلقة هذه الحقوق المالية تكون سند لها في وتوفر لها الحد الأدنى من الكرامة لأن الكرامة الحقيقة أن يكون للنساء الأرامل والمطلقات صندوق ضمان براتب وليس بـ700 شيكل كل 3 شهور.