نيويورك ـ مادلين سعادة
كانت "أنيتا داتار" (41 سنة) تؤدي عملها كعاملة إغاثة من الولايات المتحدة عندما قتلت، حيث أنقذت حياة ابن في سن المدرسة الابتدائية. وذلك بعدما هاجم جهاديون مسلحون فندق راديسون بلو ببنادق (47s)
وقنابل يدوية في العاصمة المالية باماكو. وكان المسلحون يتحدثون بالانجليزية، واختبروا معرفة ضيوف الفندق بالقرأن قبل السماح للضيوف المسلمين بالمغادرة، ونجا ثلاث بريطانيين و22 أمريكي من الجهاديين الذين قتلوا 27 شخص من بينهم 6 روسيين أثناء الهجوم.
وقال المسئولون أن أنه من المحتمل أن يكون مختار بل مختار المسلح الجزائري سيئ السمعة وذا العين الواحدة هو المسئول عن هذه المذبحة، وبحسب تصريحات الحكومة المالية فإن ثلاثة من الإرهابيين على الأقل قد هربوا من الفندق على مدار الفترة السابقة.
كتب: دارين بويل:
أعلنت السلطات الأميركية، مقتل عاملة الإغاثة أنيتا داتار (41 عامًا) على يد المسلحين الذين احتجزوا عددًا من الرهائن في فندق "راديسون" في العاصمة المالية باماكو، الجمعة الماضي، أثناء تأدية عملها كعاملة إغاثة من الولايات المتحدة.
وأوضح شقيق أنيتا، سانغيف داتار: "نحن ثكالى لموت أنيتا، ولا نستطيع أن نصدق أنها قتلت بهذه الطريقة العنيفة والإرهابية دون أي شعور، فقد كانت أنيتا واحدة من أفضل وأكرم الناس التي نعرفها، أحبت عائلتها وعملها بإخلاص، وكل شيء فعلته في حياتها كان لمساعدة الآخرين، كأم وكمتخصصة في الصحة العامة، وكابنة وأخت وصديقة".
وأضاف: " كنا غاضبين وحزانى هنا لأنها قُتلت، عرفنا أنها كانت تريد أن تعزز التعليم والرعاية الصحية وتقضي على العنف والفقر في الوطن وخارجه، ولم تكن متعصبة أبدًا".
وعملت "داتار" في البداية في أفريقيا كمبعوث للمساعدات على مدى عقدين مضوا، كعاملة للرعاية الصحية في الأرياف في السنغال، وكانت مهمتها لمدة عامين بعد تخرجها من جامعة روتغرز في عام 1995، حيث قرأت علم النفس للحصول على درجة البكالوريوس.
وفي عام 2000 عادت "داتار" للدراسة في جامعة كولومبيا في نيويورك، للحصول على درجة الماجستير في الصحة العامة، ودرجة الماجستير في الإدارة العامة.
كما أسست "TulaLens"،
لتلعب دورًا أساسيًا في تنمية العيادات الصحية في المجتمعات ضعيفة الخدمات، وقالت زميلة دراستها "تارا إلمس هندرسون": "كانت أنيتا لطيفة وودودة وشخصية محبوبة، ولا أحد ممن عرفوها يمكن أن يقول عنها أي شيء سيئ أبدًا، فقد كانت ذات شخصية خاصة".
وتلاحق قوات الأمن المالية أكثر من ثلاثة من المشكوك فيهم عقب الاعتداء الوقح يوم الجمعة، وقد استيقظ السكان المحليين على إعلان حالة الطوارئ بعد الهجوم السافر يوم الجمعة بوسط باماكو والذي كانت تطالب به جماعة متطرفة يقودها المتشدد الجزائري سيئ السمعة مختار بل مختار.
وأعلن الرئيس إبراهيم بوبكر كايتا حالة الطوارئ في البلاد لمدة 10 أيام تبدأ من منتصف الليل، كما أعلن الحداد ثلاثة أيام تبدأ يوم الاثنين بتنكيس الأعلام.
وأكدت السفارة الروسية في مالي أن 12 من الروسيين، وهم جميع موظفي شركة الطيران الشحن "فولغا دنيبر"، كانوا ضمن الرهائن المحتجزين يوم الجمعة في باماكو، ولكن أطلق سراح ستة منهم، وقام المسلحون بإطلاق النيران على الآخرين ممن لقوا حتفهم في الدقائق الأولى للهجمات المتطرفة على الفندق.
وأدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الهجوم المتطرف في مالي في خطاب وجهه في الكرملين صباح السبت، وفي رسالة إلى الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كايتا، شدد الرئيس الروسي في خطابه على "أن الجريمة الوحشية التي ارتكبت في عاصمة مالي تؤكد مرة أخرى أن الإرهاب لا يعرف الحدود، ويشكل خطرًا حقيقيًا على العالم كله، حيث أصبح المواطنون من جنسيات ومعتقدات مختلفة ضحايا لهذا التطرف، وأن توسيع نطاق التعاون الدولي فقط يمكنه أن يساعد على مواجهة هذا التهديد".
ويقول مسؤولون أنه "من المحتمل" أن يكون الناشط الجزائري الأعور وسيئ السمعة "مختار بل مختار" هو المسؤول عن المجزرة التي أعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عنها
وكانت مشاهد مرعبة في انتظار قوات الإنقاذ الذين اقتحموا الفندق في نهاية المطاف وبعد حصار دام سبع ساعات؛ حيث كانت الجثث مكدسة في برك من الدماء التي تناثرت على الجدران، وتظهر الصور التي تقشعر لها الأبدان، الجثث ملقاة بجوار المصعد، الذي كانت أبوابه مفتوحة بالقتلى، ولم يتضح ما إذا كانوا يحاولون الخروج عندما فتح المسلحون النار عليهم بلا رحمة.
وهناك ما لا يقل عن 27 شخصًا، من بينهم دبلوماسي بلجيكي وآخر أميركي، قتلوا على يد مجموعة من المتطرفين الذي عاثوا قتلًا وفسادًا يوم الجمعة، يحملون قنابل يدوية
وأسلحة رشاشة، وفي مكان واحد وقع أكثر من 100 شخص رهائن، وكانت أصوات إطلاق النيران من الأسلحة الآلية مسموعة في الطابق السابع من فندق "راديسون بلو" ذات الـ 190 غرفة فندق في باماكو، وكان يُعتقد أن قرابة 10 مسلحين تسللوا إلى المبنى للبحث عن النزلاء وطاقم عمل الفندق.
كما قتل اثنان من المتطرفين، وتم إطلاق سراح جميع الرهائن 127 في ذلك الحين، وكان العديد منهم يتدافعون للنجاة بحياتهم على طول طريق ترابي خارج الفندق، الذي يحظى بشعبية لدى الأجانب، وكان ثلاثة بريطانيين من بين الذين فروا من الفندق الفخم.
وأعلن "المرابطون" التابعين لتنظيم القاعدة، الموجودين في الصحراء شمال مالي، مسؤوليتهم عن الهجوم الذي بدأ عندما دخل المسلحون إلى الحديقة بسيارة كانت تحمل لوحات دبلوماسية.
وأفاد الشهود بأن مسلحين دخلوا من بوابات الفندق في سيارة تحمل لوحات بأرقام دبلوماسية، وذلك قبل فتح النار ورمي القنابل اليدوية داخل المبنى، ووفقًا لشهادة أحد الرهائن الذين أطلق سراحهم، فإن المسلحين كانوا يتحدثون مع الرهائن باللغة الإنجليزية، وقال: "أنا سمعتهم يتحدثون باللغة الإنجليزية قائلين عبارات مثل: "هل تحميله؟" و"دعونا نذهب"، وكشف عن أنه المغني الغيني "سيكوبا بامبينو دياباتيه" الذي أنقذته القوات الأمنية في مالي.
وأضاف دياباتيه: "لم أتمكن من رؤيتهم لصعوبة ذلك في مثل هذه المواقف، فلقد استيقظت على أصوات إطلاق النيران، وظننت أنهم مجرد رجال عصابات جاءوا إلى الفندق لطلب شيء ما، وبعد 20 أو 30 دقيقة أدركت أنهم ليسوا مجرد مجرمين عاديين".
وذكر مدير الفندق سيدو ديمبل، أن المتطرفين أطلقوا النيران على أقدام اثنين من حارسي أمن الفندق في بداية الهجوم، مضيفًا: "لقد رأينا اثنين من المهاجمين، وكان أحدهم يرتدي قناعًا، بينما كان الآخر أسود البشرة، وأجبروا الحاجز الأول، وفي غضون دقائق من الهجوم، كانت الشرطة والجنود يحاصرون الفندق، وأغلقوا الطرق المؤدية إلى الحي، وكانت هناك أنباء مؤكدة عن وفاة الدبلوماسي البلجيكي ديودون مع اثنين من مالي وآخر فرنسي الجنسية، ممن تأكدت وفاتهم بعد الحصار".
وأكد وزير الداخلية المالي أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة قامت بحصر 27 جثة على الأقل، من بينهم 12 وجدوا في الطابق السفلي، و15 آخرين في الطابق الثاني، ومن بين المتوفيين كان الدبلوماسي البلجيكي غيوفري ديودون، الذي كان متواجدًا في مالي لإعطاء سمينار للحكومة.
ويعتقد أن اثنين من العاملين في الخطوط الجوية التركية وستة من الرعايا الصينيين كانوا من بين الرهائن وهم الآن في عداد المفقودين.
وأكد المسؤولون الأتراك، إطلاق سراح اثني عشر عضوًا من طاقم خطوط "إير فرانس" الجوية من الفندق، وذلك بعد الغارة التي شنتها القوات المالية الخاصة، في حين تمكن خمسة آخرين من موظفي الخطوط الجوية التركية من الهروب من الفندق.
وأعلنت وزارة الطيران الفرنسية أن فريق العاملين في الخطوط الجوية الوطنية موجودين في مكان آمن الآن، موضحة أن هناك "اتصال دائم" مع فريقها المكون من طيارين اثنين و10 أعضاء طاقم الطائرة.
وقال وزير الداخلية الفرنسي ساليف تراوري: "إن قواتنا الخاصة حرروا الرهائن من النزلاء، وكان هناك 30 آخرون تمكنوا من الفرار معتمدين على أنفسهم".
وتابع المتحدث الرسمي للوزارة أمادو سانغو: "واصلت مجموعة من المسلحين الإسلاميين المشاركة في اقتحام أحد الفنادق الفخمة في باماكو عاصمة مالي، والعمل ضد قوات الأمن يوم الجمعة، حتى بعد إجلاء جميع المدنيين من المبنى، ولم يعد لدى المهاجمين أي رهائن في الطوابق العليا، وهم وحدهم مع القوات المالية الخاصة يحاولون إخراجهم".
ونوَّه الرئيس التنفيذي لمجموعة فنادق "ريزيدور" وولفغانغ نيومان، قائلا: "أود أن أعرب عن قلقي الشخصي الشديد تجاه جميع الضيوف والموظفين المتضررين من الأحداث الرهيبة التي حدثت اليوم في فندق راديسون بلو في مالي، وأنا أتحدث نيابةً عن مجموعة فنادق كارلسون ريزيدور بأكملها، ونعرب عن مواساتنا العميقة لأسر النزلاء وزملاء وأصدقاء العمل ممن تضرروا بأحداث اليوم".
واسترسل نيومان: "أقمنا خطوط هاتفية مخصصة لدعم الأسر من الضيوف والموظفين، فضلًا عن خط على وسائل الإعلام الحديثة تم إضافته".
وحثت السفارة الأميركية في باماكو موظفي سفارتها للحصول على غطاء من الهجوم، ونشروا تغريدة على "تويتر" لمناشدة جميع الأميركيين في مالي بأنه ينبغي عليهم "الالتزام بأماكن إيوائهم".
وقال مايكل سكابوليس، الذي تمكن من الهروب من الفندق: "نحن نعيش في المجمع بالقرب من فندق راديسون، وأذهب إلى صالة الألعاب الرياضية في فندق راديسون كل يوم من الساعة 6-8 في الصباح، وكان الجو هادئا للغاية بعد الساعة السابعة، وكان هناك شخصان داخل صالة الألعاب الرياضية، وشعرت بالقلق بعض الشيء عندما غادروا، وكانت الموسيقى تعمل طوال الوقت في الصالة الرياضية، لذلك أنا لم أسمع أي طلقات نارية".
واستأنف: "غادرت الصالة الرياضية وحاولت أن أذهب إلى البهو، وفتحت باب اللوبي ببطء، فرأيت رصاصات على الأرض، لذلك أغلقت باب الردهة بسرعة وذهبت من باب إلى باب، وعدت إلى صالة الألعاب الرياضية، ومنها غادرت الفندق، وشاهدت البوليس خارج الفندق، حيث كانت الشرطة وأفراد الطاقم العسكري الذي رافقني وأوصلوني إلى منزلي".
وتأتي الهجمات المروعة بعد أيام فقط من مذبحة "داعش" لحوالي 129 شخصًا في شوارع باريس، بعدما استهدفتهم تفجيرات انتحارية في إستاد "دو فرانس" والمقاهي والمطاعم، كما أنهم قتلوا العشرات من الرهائن أيضًا في حفل مسرح باتكلان.
ولازالت المخاوف مستمرة من أن يكون الهجوم الذي وقع في باماكو ذا صلة بهجمات باريس أو مستوحى منه، حيث تم استهداف الرعايا الفرنسيين بعد قرار الحكومة الفرنسية بتنفيذ ضربات جوية ضد "داعش".
وقال الرئيس الفرنسي فرانسواه هولاند أن فرنسا مستعدة لمساعدة مالي بكل الوسائل المطلوبة في أعقاب الهجمات على فندق العاصمة المالية باماكو، وطلب هولاند من المواطنين الفرنسيين في مالي التواصل مع السفارة الفرنسية لكي توفر لهم أقصى درجات الحماية والأمان.
وزاد هولاند في تصريح قصير: "يجب أن نؤكد مرة أخرى على مواساتنا وتضامنا مع الدولة الصديقة مالي"، وفي بلجيكا قال وزير الخارجية ديدير ريندرس، إنه كان يوجد أربعة نزلاء بلجيكيين في الفندق الذي وقعت فيه الهجمات، لكنه غير واضح ما إذا كانوا اختطفوا رهائن من قبل المسلحين أو لا.
وردًا على الهجمات المتطرفة، قطع الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كايتا رحلته إلى تشاد حيث كان يحضر اجتماعًا للزعماء الإقليميين، وقالت الرئاسة عبر تويتر: "أن الرئيس كايتا سيعود إلى باماكو في خلال الساعات المقبلة".
وتحارب دولة مالي، المستعمرة الفرنسية السابقة، عدة جماعات متطرفة، كانت توجد في شمال البلاد، وشنت القوات الخاصة الفرنسية بمساعدة الجيش المالي عمليات لمكافحة الإرهاب منذ وقت طويل ضد المتشددين من "القاعدة" في بلاد المغرب.
وتشن الجماعات الإسلامية هجمات في مالي رغم اتفاق السلام الموقع في حزيران/ يونيو بين متمردي الطوارق السابقين في شمال البلاد والجماعات المسلحة الموالية للحكومة.
ووقع شمال مالي في أيدي الجماعات المتطرفة منذ آذار/ مارس ونيسان/ أبريل 2012، وهي الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي تتركز منذ فترة طويلة في المنطقة قبل أن تطيح بهم عملية عسكرية مستمرة تقودها فرنسا كانت قد بدأتها في كانون الثاني/ يناير 2013، وعلى الرغم من اتفاق سلام، لا تزال مساحات واسعة من مالي خارجة عن سيطرة القوات الحكومية والأجنبية.