القاهرة- شيماء مكاوي
أسباب مختلفة وراء طلب الطلاق
السيدة إلهام لاشين 45 عاما، أوضحت أنها طُلقت من زوجها بعد زواج دام 15 عاما بسبب طباعه السيئة، فهو بخيل جدا في مشاعره وفي إنفاقه على منزله وعلى أطفاله، وكنت طيلة هذه السنوات أصبر عليه بسبب أولادي إلى أن فاض بي الكيل، وشعرت بأنني لا أطيق العيش معه فقررت الانفصال عنه وأعيش حياتي بمفردي مع أولادي وأنفق عليهم من عملي الخاص، بدلا من أنفاقي عليهم وعلى أبيهم، ولهذا السبب تم الطلاق وأنا غير نادمة تماما على ذلك وحاول أن يرجع لي مرة أخرى لكنني رفضت.
وكشفت داليا محمد 25 عاما: "تزوجت سريعا وتطلقت سريعا، تم التعارف والخطبة في فترة ستة أشهر وتزوجنا وتم طلاقي بعد زواجي بشهرين والسبب هو أنه كان يريد السيطرة عليّ وهو حاد في الطباع كثيرا، فهو كان لا يريد أن أذهب إلى أهلي أو أندمج مع أصدقائي، كما أنه كان يريدني أن أخدم والدته، وشعرت وقتها أنني مجرد خادمة أحمل اسم زوجة لذا رفضت الاستمرار معه وتم الطلاق".
ويقول شريف علي 30 عاما: "تزوجتها بعد قصة حب وخطبة استمرت لأكثر من عشرة أعوام وتم الطلاق بعد شهر من الزواج والسبب أنني وجدت أمامي إنسانة أخرى تختلف كثيرا عن تلك التي تعرفت عليها، فهي كانت دائمة الصراخ وكثيرة المشاكل، وكانت تدخل أهلها كثيرا في حياتنا مما جعلني لا أطيق العيش معها وتم الطلاق بعد شهر واحد فقط".
اختلاف الطباع من أسباب الطلاق
وأرجعت أستاذ الطب النفسي الدكتورة هبة عيسوي، أسباب انتشار الطلاق إلى اختلاف الطباع بين الزوجين، فالرجل عندما يتزوج يجد أنه يتحمل مسؤولية ضخمة، وهو لم يعتد ذلك فيصدم كثيرا وبخاصة أنه يجد أنه تسرع بهذا الزواج، حيث يأتي دور الأصدقاء وبخاصة إذا كانوا غير متزوجين.
أما الفتاة التي لم تعتد فعل أي شيؤ في منزل والدها ولم تقم الأم بإلقاء بعض من مسؤوليات المنزل عليها تجد نفسها أمام مسؤولية ضخمة مثل الطهو والتنظيف وغيرها من المسؤوليات المنزلية.
لذا يبدأ الصراع في ما بينهما وبخاصة إذا اختلفت الطباع، فالزوج يعشق الهدوء والزوجة تحب الاجتماع مع أهلها وأصدقائها في المنزل وغيره من التناقضات في شخصية إحداهما والآخر، ومن هنا يحدث الصدام وبخاصة إذا تم الإنجاب مبكرا قبل توافق الطباع في ما بينهما، لأن مسؤولية الأطفال مسؤولية ضخمة لا يستطيع أحد أن يتحملها.
حالة طلاق كل ست دقائق
وكشفت المحامية والناشطة في مجال حقوق المرأة ورئيس المركز المصري لحقوق المرأة الدكتورة نهاد أبوقمصان، عن حدوث حالة طلاق كل ست دقائق، وأن هناك ما يقرب من 240 حكما بالطلاق تصدر يوميا عن محكمة الأحوال الشخصية وهو رقم غير قليل، فهناك ما يقرب من 88 ألف حالة طلاق تحدث كل عام، هذا ما يؤكده آخر إحصاء رسمي صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، وطبقا لأحدث إحصاء سكاني فإن النسبة الكبرى من حالات الطلاق تقع بين المتزوجين حديثا، حيث تصل نسبة الطلاق في العام الأول إلى 34 في المائة، بينما تقل النسبة إلى 21.5 في المائة خلال العام الثاني من الزواج.
وحسب دراسة أخرى نشرها مركز معلومات "دعم واتخاذ القرار"، التابع إلى مجلس الوزراء المصري، احتلت مصر المرتبة الأولى على مستوى العالم في معدلات الطلاق، كما أكدت الدراسة ارتفاع معدلات الطلاق خلال الخمسين عاما الماضية من 7 في المائة إلى 40 في المائة، ليصل متوسط حالات الطلاق اليومية إلى 240 حالة طلاق.
ويبلغ مجموع عدد المطلقات في مصر 2.5 مليون مطلقة ونصف هذه الحالات في السنة الأولى من الزواج، ومعظم هذه الحالات من الفئة العمرية الثلاثين.
وأشارت قمصان إلى أن معظم حالات الطلاق تحدث في بداية الزواج ويسمى هذا الطلاق بـ"الطلاق المبكر" وأن من أسباب هذا الطلاق هو اختلاف الطباع، فالعشرة بعد الزواج تختلف تماما عن فترة التعارف والخطبة فمهما اعتقد الزوجان بأنهما بإطالة فترة الخطبة أو التعرف أنهما سيتعرّفان على بعضهما بشكل أعمق فإنهما لم يتعارفا على بعضهما بشكل واضح أو كامل إلا بعد الزواج.
لذا انتشر الطلاق المبكر نظرا لأن الفتاة والشاب أصبحا ينظران للحياة بشكل سطحي للغاية ولا يعرفون ما هو معنى الزواج الصحيح وما هو حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهما.
أما الطلاق بصفة عامة فأسبابه متعددة ومقسمة بالتساوي على الزوج والزوجة، فهناك حالات طلاق يكون سببها الزوج وهناك حالات طلاق يكون سببها الزوجة، فالزوج البخيل والخائن والبصباص والهمجي لا يمكن لأي زوجة أن تتحمله، وكذلك الزوجة المهملة، والباردة، وغير المسؤولة، والخائنة، والحادة في الطباع لا يمكن لأي زوج أن يتحملها ومن هنا تنتشر الخلافات وتكثر حالات الطلاق.
التوافق الاجتماعي ضروري لتجنّب الطلاق
وتقول خبيرة التنمية البشرية وعلم الاجتماع الدكتورة زينب مهدي: "كثرت الخلافات بين الزوجين وكثرت حالات الطلاق بشكل كبير جدا مما يجعل الأمر مثيرا جدا للبحث والدراسة لمعرفة ما هي العوامل التي تجعل الطرفين بعدما اختار كل منهما الطرف الآخر يوافقان على الطلاق والانفصال بسهولة، لكن لا بد أولا أن نعرض العوامل التي تجعل الزواج مستمرا منها التوافق المهني بمعنى أن كلا من الطرفين لا بد أن يقدر مهنة الآخر وطموح كل منهما لا بد أن يقدرها الطرفان حتى يساعدا بعضا على الوصول إليها لأن نجاح أي من الطرفين في العلاقة ينم عن نجاح الطرف الآخر، وكذلك التوافق الأكاديمي ألا وهو الدراسي بمعنى أنه لا بد أن كلا من الطرفين يكون من نفس الطبقة أو المستوى الدراسي مثلا لو كان الرجل يملك مؤهلا عاليا فمن المفضل أن تكون الزوجة تملك مؤهلا عاليا هي الأخرى حتى يسهل عليهما أن كلا من الطرفين أن يفهما بعض ولكن في النهاية لكل قاعدة شواذ أيضا، ولا بد من التوافق الاجتماعي بمعنى أن كلا من الطرفين سواء الرجل أو المرأة لا بد أن يكونوا من طبقة اجتماعية واحدة لأن الطبقة الاجتماعية تعبر عن أن كل من الطرفين لهم نفس طريقة التربية ولكن خلاف هذا يولد مشكلة قاسية جدا وهي أن الأبناء يولدون في بيئة مشوشة وبالتالي يولد أمراض نفسية للأطفال، أيضا يجب التوافق في الطباع الشخصية وهي نقطة مهمة جدا لأن التوافق في الأطباع الشخصية يحذف تماما الخلافات، بينهم مثال ليس من السهل أبدا أن الرجل الانبساطي المحب للمناسبات الاجتماعية يتزوج من امرأة انطوائية كارهة لهذه المناسبات.
وتتابع: "والسؤال هنا من أين تأتي الخلافات بين الطرفين والإجابة تكمن في أن كل العوامل التي ذكرناها أي خلل في أي نقطة منهم تجعل المشاكل موجودة بين الطرفين، وهذا ما يجعلهما مقبلين على الطلاق لأن الحياة بينهما تصبح مستحيلة أما بالنسبة إلفى المرأة التي تنفصل بعد دخولها في مرحلة الشيخوخة أي ما بعد سن الأربعين هذا أمر صعب جدا لأن المرأة في مجتمعنا تعتبر مخلوق من الدرجة الثانية بمعنى أننا نعيش في مجتمع ذكوري بحت وعندما تطالب المرأة بحقها في أي ناحية من النواحي التي تضمها الحياة الزوجية من الصعب أن تنال حقها، وبالتالي لا تجد مأوى غير بيت الزوج الذي لا تقبله أبدا بل تعيش معه من أجل أولادها حتى يتربوا مع أبيهم ولكن هي تعتبر نفسها غير موجودة على قيد الحياة، وهذا ما قيل من العديد من النساء المتزوجات غير الراغبات في البقاء مع أزواجهن لأن كل أزواجهن يتميزون بالأنانية والخيانة وعدم حفظ أسرار المنزل والعديد من العيوب حيث إنه قالت امرأة تبلغ من العمر 44 عاما لم تحب زوجها من يوم ما تزوجته ولكن وافقت عليه لأن أباها كان أبا ظالما فأرادت أن تخرج من منزل أبيها لكنها لم تعلم أن بيت الزوج سوف يكون نسخة منه".
الضرب والسب والمعاملة القاسية وراء الطلاق
يقول خبير العلاقات الزوجية وأستاذ علم الاجتماع الدكتور مدحت عبدالهادي، إن الحياة الزوجية قائمة على الحب والمودة والرحمة، وهو ما أوصى به الله عز وجل، ويجب أن ترحم لترحم كما يقال، فالمعاملة السيئة يكون مردودها سيئا والمعاملة الطيبة تكون مردودها طيبا، فالزوج الذي يسب زوجته دائما فهو يتعمد إهانتها حتى تشعر بضعفها أمامه لكن هناك زوجة تصمت وتسكت وهناك زوجة لم ولن تقبل بهذا الوضع كثيرا، وفي كلتا الحالتين فالسباب أمر نهى عنه الله عز وجل كما أن الضرب كذلك أمر مهين وأحيانا يكون السباب وقعه على النفس أشد من الضرب، وبخاصة إذا كان السباب بالأم أو الأم أو بالسباب التي يتبادلها أبناء الشارع وهو أمر مهين للمرأة، فالمرأة هي كل شيء هي الأم التي تسهر وتربي وهي التي تقف لساعات طويلة من أجل إعداد أشهى الوجبات وتنظف وتغسل وكل هذا بلا مقابل مادي فبدلا من توجيه الشكر والعرفان نوجه السباب هذا لا يعقل.
الطلاق يُهز له عرش الرحمن
يقول الشيخ عبدالمنعم عوض، مأذون شرعي، إن هناك حالات طلاق يتذكرها كثيرا نظرا لأنها حدثت بسرعة كبيرة، منها حالة طلاق حدثت في نفس يوم عقد القرآن حيث تم الشجار بين الزوجين في نفس اليوم مما جعلهما يتفقان على الطلاق، وهناك حالة أخرى أتذكرها زوج تزوج على زوجته وفي نفس اليوم جاءتني الزوجة الأولى وطالبتني بإجراء الطلاق وبالفعل تم تطليقهما في نفس اليوم، وهناك حالات كثيرة من الطلاق حدثت بعد الزواج بشهر أو شهرين فأتذكرهما كثيرا لأن زواجهما لم يمضِ كثيرا، وأنا أحاول إقناع الزوجين بكل الطرق حتى يعدلا عن تلك الفكرة فالطلاق يهز له عرش الرحمن وهو أبغض الحلال لكن هناك من يقتنعون بكلامي ويعدلون عن الطلاق ولكن هناك من يصرون بشكل كبير ولم أفلح في إقناعهما.
أما الدكتورة عبلة الكحلاوي العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية، فتقول: "أنا ضد حدوث الطلاق تماما إلا في أضيق الحدود لأنه أبغض الحلال، ويهز له عرش الرحمن، فعلى كل من الزوج أو الزوجة أن يتناقشا معا في هدوء ودون تدخل من أحد في حياتهما، وبكل وضوح وصراحة حتى يصلا إلى حلول في أي مشكلة تواجهما".
وعلى الرغم من أنني أرفض أن يضرب الزوج زوجته أو يسبها أو يهينها فإنني أيضا ضد المرأة التي تطلب الطلاق وتنفصل على زوجها بسبب سبها لها أو ضربه لها، فيجب التروي والتفكير قبل الإقدام على أي خطوة قد نندم عليها في ما بعد وبخاصة في حالة وجود أطفال.