موسكو - فلسطين اليوم
فجّرت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا "قنبلة" مدويّة عندما أقرت بالتعرض إلى التحرش في مجال عملها.
وأكدت أن "تحديد خط أحمر" ومعالجة مواضيع التعرض إلى التحرش أو الإهانة على أساس الجندر مباشرة، ساعدها في أكثر من مرة في وضع حدٍ لزملاء أو أشخاص قابلتهم في عملها.
وقالت الدبلوماسية الحسناء التي رقصت منذ عامين للصحافيين، على هامش منتدى سوتشي، على ألحان أغنية شعبية وفاء لوعد قطعته على نفسها، إنها تعرضت منذ سنوات إلى تحرش من أحد الزملاء الشباب في وزارة الخارجية، مؤكدة أن الأمر في الأوساط الدبلوماسية لا يختلف كثيرًا عن الأوساط الأخرى في هذا الصدد.
وكشفت أن زميلها الشاب "اعتاد وضع يده على خاصرة الفتيات اللواتي يتحدث إليهن، وربما إلى أعلى الخصر أو تحته"، وقالت إنه في إحدى المرات اقترب منها وحاول وضع يده، ولكن "نهرتُه مرة وثانية"، وعندما لم ينفع هذا الأسلوب "صرَختُ بصوت عال أمام مجموعة من الزملاء، وحذّرته من أنه في حال تكرار ذلك، توجد إجراءات أخرى". وختمت زاخاروفا قصتها بالقول إن زميلها لم يكرر ذلك علنًا أو في الأماكن المغلقة، وأنهما أصبحا صديقين.
واخترقت أربع صحافيات روسيات حاجز الصمت في مجتمع يصفه كثيرون بأنه ذكوري ويلتزم القيم المحافظة مقارنة بأوروبا، ووجهن اتهامات إلى رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الدوما (البرلمان) الروسي ليونيد سوليتسكي بالتحرش بهن وابتزازهن أثناء عملهن في تغطية أخبار البرلمان.
وعلى رغم رفض زاخاروفا تأخر طرح مواضيع التحرش مباشرة، وإلقاء اللوم على الفتيات المتحرش بهن بسبب ملابسهن أو سلوكهن، إلا أنها تجنبت توجيه انتقادات مباشرة لسوليتسكي، على رغم كشفها التعرض إلى موقف غير مريح معه قبل خمس سنوات.
وأوضحت في لقاءين منفصلين أن سوليتسكي دخل إلى قاعة مطعم عندما كانت تتحدث مع نحو 25 شخصًا من المدعوين في منتدى سان بطرسبورغ قبل نحو 5 سنوات، وبدأ يتحدث بصوت عالٍ بكلمات غير مفهومة وغير مستساغة لي".
وزادت أنها اعترضت مباشرة على تصرفه الذي توقف مباشرة، وبعدها لم يسمح لنفسه بتكرار ذلك أو أي أمور مشينة في الاجتماعات العامة أو الخاصة بحكم العمل، مشددة على أن "تحديد خط أحمر يمكن أن يوفر إمكانات لوقف مثل هذه الأمور والانتقال إلى مستوى آخر من العلاقات".
وتشكك زاخاروفا، حال معظم المسؤولين الروس، في جدوى الحملات ضد التحرش على أهميتها، وتفضّل التصرف الذاتي وفي حين استطاعت الدبلوماسية الروسية بحنكتها وقوة شخصيتها وقف من يحاول التحرش بها عند "الخط الأحمر"، فإن كثيرات من الجنس اللطيف تفاجأن بدفاع مسؤولين برلمانيين وشخصيات عامة مهمة عن سوليتسكي، بدلًا من الدفاع عن حقوقهن.
وهنأ رئيس مجلس الدوما (البرلمان) الروسي الصحافيات لمناسبة عيد المرأة، وقال لإحداهن ناصحًا "إذا كان العمل في الدوما خطيرًا، يجب أن تبحثي عن عمل آخر".
ونصحت رئيسة لجنة الأسرة والمرأة والأطفال تامارا بليتنيفا في البرلمان التي أثنت على رأي رئيسها، الصحافيات في حوار إذاعي، بأن يحتشمن في ملابسهن وألا يظهرن بمؤخرات عارية في البرلمان. وصدر أغرب ردود الفعل من الصحافي الشيوعي العتيق والقومي الحالي ألكسندر براخانوف الذي شارف على الثمانين أو يزيد، إذ قال: "رجالنا سيواصلون لمس النساء بأيديهم وضمّهن، أنا أفعل هذا وآمل بأنك يا ساشا (الصحافي) تفعل ذلك".
ويكشف تعامل النخب الروسية مع قضية التحرش عن المظالم التي تتعرض إليها المرأة في روسيا على عكس التصور السائد عربياً، فتمثيل المرأة في البرلمان لا يتجاوز 15 في المئة، وفي مجلس الاتحاد الشيوخ 4.7 في المئة، وتحكم النساء أربع مقاطعات من أصل 88 محافظة ومقاطعة في الاتحاد الروسي، وفي الحكومة لا توجد سوى وزيرتين، ونائب لرئيس الحكومة للشؤون الاجتماعية.