غزة ـ فلسطين اليوم
صباحاً في تمام الساعة الثامنة والنصف يفتح "بنك فلسطين" فرع الرمال في منطقة "الجندي المجهول" بمدينة غزة أبوابه لاستقبال الزائرين من الموظفين والمتعاملين وأصحاب الأعمال الخاصة، وفي تلك اللحظة تقف موظفة الأمن ريم سكر خلف مكتب الاستقبال لتتسلم حقائب السيدات الخاصة، لإيداعها في قسم الأمانات.
كان تنقل ريم سكر بين أقسام بنك فلسطين المختلفة، وتنظيمها لحركة العمل الخاصة بالسيدات لافتاً للانتباه، خصوصاً لدى السيدات أنفسهن، اللواتي فوجئن بوجود سيدة مختصة بشؤونهن داخل البنك. وتقول موظفة الأمن "لم أتوقع التشجيع الكثير من السيدات، لكنه منذ اليوم الأول لعملي استمعت تعليقات عديدة منهن، ومن بينها، (أنتِ سيدة مثابرة وجريئة)، فيما أخبرتني أخريات بأنه كان من الضروري وجود موظفة أمن في البنوك خلال الفترة الماضية، نظراً لحاجتهن إلى من ينظم حركتهن داخل المؤسسات المختلفة من جنسهن". وتشير سكر إلى أن زوجها كان أول من شجعها لتعلم العلوم الأمنية، والالتحاق بشركة الأمن الخاصة، مضيفة "زوجي لم يعارض على الإطلاق عملي كموظفة أمن داخل البنك، فهو يقدر مدى حبي لهذا المجال، بالإضافة إلى أنني أوفق بين عملي وحياتي الاجتماعية، ولا أدع وظيفتي تؤثر في دوري كأم وزوجة داخل المنزل".
فتاة أمن من غزة تعاقدت معهن شركة سكيور لاند للحراسات وأمن المؤسسات، لكن ريم سكر كانت أول من وقع عليها الاختيار من بينهن، لتداوم بشكل فعلي داخل البنك، أما بقية الفريق النسوي الأمني فسيلتحقن بالعمل داخل البنوك والمؤسسات الأخرى خلال الأسابيع المقبلة.
وما إن تنتهي سكر من هذه العملية، حتى تتوجه إلى القاعة المخصصة لعملية السحب والإيداع، لتنظم صفوف السيدات المنتظرات أمام الـ"كاونترات" الخاصة بهن، فيما تراقب حركة العمل داخل القسم ضمن عملها كموظفة أمن داخل البنك.
هذه صورة مختصرة عن عمل فتاة الأمن الأولى في غزة ريم سكر 37 عاماً، فقد اقتحمت مهنة الرجال غير آبهة بكل الانتقادات والتعليقات التي تعترضها من قبل سكان المجتمع المحافظ على نحو متزايد.
وتعمل ريم سكر وهي أم لثلاثة أطفال موظفة أمن منذ بداية شهر أبريل الماضي، ضمن شركة سكيور لاند للحراسات الشخصية وأمن المؤسسات، لتحول بعزيمتها القوية الدروس العلمية التي اكتسبتها خلال دراستها الجامعية للعلوم الأمنية، إلى مهنة عملية.
وتقول سكر التي ترتدي زياً رمادي اللون، خاصاً بعملها، وتحمل بيدها هاتفاً لاسلكياً للتواصل مع طاقم الأمن من الرجال داخل البنك، "التحاقي بالعمل في مجال الأمن هو بداية حلم بالنسبة لي، فمنذ سنوات بدأ شغفي بهذا المجال، الأمر الذي دفعني لدراسة العلوم الأمنية والحصول على شهادة جامعية، وقد شعرت بالسعادة لأنني حققت أمنيتي، وأصبحت أول فتاة تقتحم مهنة كانت حكراً على الرجال". وتضيف "بعد الحصول على الشهادة الجامعية رغبت في تطوير قدراتي بشكل أكبر، واكتساب الكثير من الخبرات، فالتحقت بالعمل في شركة سكيور لاند لأحقق حلمي وأصبح فتاة الأمن الأولى في غزة"، وتوضح سكر أن ملاحظتها الشخصية لعمل بعض المؤسسات في غزة وحاجتها لوجود سيدة أمن، هي ما دفعها للعمل في هذا المجال.
وعن ذلك تقول موظفة الأمن الأولى "شاهدت الكثير من المواقف كان يقف فيها موظف الأمن عاجزاً عن التدخل أمام ظرف أو حدث يستدعي تدخل السيدات، ومنها خلافات تنشب بين السيدات داخل طوابير الانتظار في المؤسسات، لا يقدر الرجل على حلها، لأنها تحتاج إلى سيدة". وتضيف "من بين المهام التي تحتاج إلى سيدة أمن هي مهمة تسلّم حقائب السيدات وإيداعها في قسم الأمانات، لأن الكثير منهن يرفضن قيام الرجل بذلك، نظراً لخصوصية الأشياء داخل الحقيبة". وتبين سكر أنها تعمل داخل البنك موظفة أمن لمراقبة حركة العمل بصفة عامة، بالإضافة إلى تنظيم حركة السيدات، والحفاظ على أمن وسلامة البنك والسيدات، والحرص على عدم حدوث خلافات داخل طوابير الانتظار. وتضيف أن "المشكلات الفعلية بين السيدات داخل البنك لم أواجهها حتى اللحظة، حيث لم أضطر إلى استخدام القوة أو التدخل البدني لحل أي خلاف، لكنني في الوقت ذاته مؤهلة لذلك إذا استدعت الضرورة وفشلت الأساليب الدبلوماسية في إنهاء الخلافات".