بيروت - فلسطين اليوم
يتزايد الحديث عن دعم المرأة في المجتمع وتعزيز دورها لتكون رائدة في عملها، وتطالب الجمعيات النسائية على مختلف توجهاتها بضرورة إعطاء المرأة حقها وضمانه في التشريعات والقوانين الواجب إصدارها، في حين تتجّه المؤسسة العسكرية اللبنانية بشكل مباشر نحو “أولوية تعزيز دور المرأة والوصول بها إلى الأدوار القتالية مستقبلًا”، كما يؤكّد قائد الجيش العماد جوزف عون.
ولم يتأخّر تطبيق هذا القول، ليظهر “محلّقًا” في سماء لبنان عبر قيادة “المرأة” طائرة قتالية في سلاح الجو اللبناني في مشهد طال انتظاره لعقود، ما دفع بوسائل الاعلام الغربية والعربية الى تسليط الضوء على الملازم الأول شانتال كالاس، والملازم الأول ريتا زاهر اللتين انضَمّتا في الفترة الاخيرة الى سلاح الجو اللبناني. التجربة النسائية الجوية سبقتها تجارب كثيرة لجنديات تطوّعن في المؤسسة العسكرية.
ويؤكّد مصدر عسكري أنّ حوالى 4000 هو عديد الجنديات في السلك العسكري، إنخرط منهّن حوالى 3000 مع تولّي العماد عون منصبه كقائد للجيش اللبناني، وفتحت معه أبواب التطويع أمام العنصر النسائي من حملة الشهادات، والاجازات الجامعية، وحتى شهادات الماجستير..
وبحسب إحصاءات المصدر العسكري فقد ناهز عدد الضبّاط الإناث في الجيش اللبناني الـ57، بينهن 17 عقيدًا و8 عمداء تمت ىترقيتهم الشهر الفائت، والأرقام الى ارتفاع.
ويكشف المصدر أنّه خلافًا للفترة الماضية، لم يعد يقتصر دور المرأة في الجيش على الأعمال الادارية من طبابة ومعاهد ومدارس ووحدات لوجستية... بل تعدّاه الى الألوية المقاتلة والوحدات الخاصة، فضلًا عن وجودهنّ في الوحدات العملانية كالشرطة العسكرية وأفواج الحدود ووحدات الدعم والمساندة والطبابة، ولواء الحرس الجمهوري، المغاوير، والمغاوير البحرية، المجوقل وقسم الميكانيك حيث يعملن على صيانة الآليات العسكرية، وأجهزة القيادة، والطيران، والوحدات الخاصة.
الجيش يكافئ المرأة..
وكشفت تقارير صحافية أنّ قرار مجلس الوزراء منع التطويع في الكلية الحربية هذا العام، ضمن إطار خطة التقشف التي إتخذتها الدولة في إطار الموازنة، لم يُثن القيادة عن إتخاذ قرار جريء يقضي بإجراء دورة حربية من داخل السلك العسكري، معتبرة انه تدبير داخلي، وأضافت أنّ المرشحين من العسكر الذين يستوفون الشروط سيخضعون لعدد من الامتحانات، وعلى أساسها تحدّد إمكانية دخولهم الى الكلية الحربية من عدمها. واللافت في هذا القرار، أنّ دخول العنصر النسائي الى المدرسة الحربية في الدورات العادية لمدة 3 سنوات، على غرار الذكور، لم يكن ممكنًا في السابق لأسباب عدّة، أبرزها أنّ المدرسة الحربية لم تكن مجهزة لاستقبال الفئتين عكس ما هي عليه اليوم. وتعتبر المصادر العسكرية، في حديث لـ”الجمهورية”، أنّ هذا القرار جاء تتويجًا لمسيرة تعزيز دور المرأة في الجيش.
تطوّر المرأة في الجيش
رأت القيادة انّ رفع نسبة الإناث يعطي دعمًا اضافيًا لخطط الجيش الاستراتيجية في تحقيق أهداف قصيرة ومتوسّطة وبعيدة المدى في تطويره وتحديثه، قابلها نظرة النساء الى الجيش، حيث وجدت في المؤسسة فرصةً لإثبات أنفسهنّ ومجالًا يعكسن فيه ما اكتسبن من معارف علمية. فما هي إيجابيات هذا الواقع؟
تعتبر مصادر الجيش اللبناني في حديث لـ “الجمهورية”، أنّ لهذا الخيار مفاعيل ايجابية على واقع الجيش، فإشراك المرأة يساهم في الانصهار الوطني وفي تعزيز حقوق الانسان وتعادل الفرص، كما أنه يحقق توازنًا اجتماعيًا ويعزز الطبقة الوسطى ويساهم في تقوية الحس الوطني والشعور بالانتماء والولاء، ويحوّل المرأة الى منتجة.
ويرى المصدر، أنّ مفاعيله الايجابية على مستوى الجيش، هي عديدة، بدءًا من التوازن الاجتماعي والفئوي، وتحسين الاداء الوظيفي، وتغيّر مظهر الجيش وتقوية الحس الوطني والولاء، وزيادة مهارات خاصة غير موجودة لدى الرجال، اضافة الى التنوّع الفكري وتجديد صنع القرار، وصولا الى خلق صورة ايجابية للجيش لدى الشعب. ولن تعود صورة البزّة المرقّطة حكرًا على الرجل، ولن يعود شعار شرف تضحية وفاء حكرًا على الرجال فقط.
ورأى المصدر، أنّ “الأنثى هي قيمة مضافة للجيش. تتمتّع شخصيتها بخصائص مميزة ومكتسبات عقلية مختلفة عن الرجل، كالدقة في العمل، فعلى مستوى التنظيم تظهر أعلى، والالتزام العاطفي أقوى، والصبر والولاء أقوى، أخلاقيًا مشاكلها أقل، ومن ميزاتها أيضًا التضحية حتى في موضوع الالتزام والتفاني والاستشهاد..
بين العوائق والتحدّيات.. القيادة حاضرة!
لا يخفي المصدر العسكري في حديثه لـ “الجمهورية”، أنّ عوائق عدّة لا تزال تواجه المرأة في الجيش، واحدى هذه العوائق تأمين متطلبات النساء اللوجستية، وتحديدًا في الثكنات والمراكز العسكرية، لأنّ غالبيتها غير مؤهّلة لاستقبال المرأة وتأمين المنامة لها. لكنّ المصدر يشدّد على أنّ العمل جار من أجل تحقيق كل هذه المتطلبات التي تندرج ضمن الخطة المذكورة.
وهناك تحد آخر يواجه المرأة في حياتها العسكرية، ألا وهو “الأمومة”، الاّ أنّ الجيش يراعي هذه الخصوصية. وبحسب افادة عدد من العسكريات الأمّهات، فالحياة العسكرية لم تؤثّر على حياتهنّ العائلية.
وتؤمن قيادة الجيش بأن العلم والثقافة يوسّعان أفق العسكري ويساعدانه على انضاج رؤيته العسكرية ومعرفة اتّخاذ القرارات، من هنا تولي القيادة إهتمامًا واسعًا بالجانب العلمي والثقافي وتشجيع عسكرييها، سواء أكانوا ضباطا أم رتباء ام أفرادًا، لمتابعة تحصيلهم العلمي، لأنّها تؤمن انطلاقًا من ذلك، بأن العديد من العسكريين الإناث تابعن تحصيلهنّ العلمي وتقدّمن في الرتب والوظائف، كما أنّ الحديثات منهنّ في الخدمة واللواتي لا يزلن يتابعن الدراسة فإنّ القيادة، وخلافًا للتعليمات التي تجيز للعسكري متابعة تحصيله العلمي بعد عام من الالتحاق في الجيش، سمحت لهنّ باستئنافه حاليًا.
في المحصّلة، حوالى 5% من عديد الجيش اللبناني من الإناث، لكنّ المفارقة أنّ القيادة تولي ثقة كبيرة بالعنصر الأنثوي، ومن المتوقّع، مع إعادة فتح أبواب التوظيف في السنوات المقبلة، ان يرتفع عدد العناصر الأنثوية، ناهيك عن تسليم عدد من الضباط الإناث مراكز إدارية مهمّة.
قد يهمك أيضًا
"فيلم توثيقي" يستعرض انتهاكات إسرائيل بحق الصحافيات في مسيرات العودة