مختصون تربويون

أوصى مختصون تربويون بضرورة تعديل نظام الثانوية العامة أو وضع نظام جديد لديه قدرة أعلى على قياس التحصيل العلمي للطلبة وقدراتهم على أن يرتبط التعديل برؤية شمولية لعلاقة التعليم الثانوي بسوق العمل وبالجامعات.

كما أوصى المختصون بأن يشمل التعديل مستقبلي إعادة النظر في المواد الدراسية والفروع والتركيز على ضرورة تعزيز الفروع المهنية بأعداد أكبر من الطلبة.

جاء ذلك خلال مؤتمر خاص نظمه منتدى شارك الشبابي، الأحد، في مقره في رام الله للإعلان عن نتائج استطلاع آراء الشباب حول "نظام التوجيهي في فلسطين" والذي نُفذ في شباط/فبراير الماضي.

وبينت نتائج استطلاع الرأي والنقاشات المباشرة أن نظام التوجيهي يشكل عامل ضغط وقلق وتوتر عند الطلبة والأهالي؛ إذ أن ربط مصير الطالب ومستقبله بامتحان يمكن له أن يختزل التحصيل العلمي للطالب في حصيلة عام لا أكثر، وأن طريقة القبول في أغلب الجامعات تعتمد التوجيهي كمعيارٍ رئيسيٍ، مما يقلل من إمكانية وضع معايير فعلية تقيس قدرات الطلبة وتوجهاتهم ومجالات إبداعهم.

وظهرت توجهات أغلب المستطلعين والمشاركين إلى ضرورة تعديل نظام الثانوية العامة، وتدعمه خبرات أو معلومات حول أنظمة بديلة، بعضها ينظر للتوجيهي كامتحان فقط، وبعضها الآخر يتوسع في صياغة البديل ليشمل تعديل كل المسار التعليمي الثانوي، بدءًا بنوعية المناهج، وصولًا إلى الفروع الثانوية ودرجة تخصصها، وعلاقتها بالعمل والجامعة.

وأوضحت النتائج، التي أعلنها المدير التنفيذي لمنتدى شارك بدر زماعرة، أن أغلب المشاركين في الاستطلاع 92% دعوا إلى إجراء تعديلات على نظام الثانوية العامة (التوجيهي)، بينما أفاد 8% أنهم يفضلون بقاءه كما هو حاليَا، وأبدى 44% تحفظاتهم على نظام التوجيهي بأنه لا يعكس التحصيل العلمي للطلبة، وهناك 54% يعتبرونه قادرًا إلى حدٍ ما على أن يعكس التحصيل العلمي.

وأشار 59% إلى أن نظام التوجيهي لا يوفر تكافؤ في فرص التعليم ما بعد المدرسي، بينما اعتبر 38% بأنه قد يوفر التكافؤ إلى حد ما، واعتبر 66% من المشاركين أن التوجيهي ليس بإمكانه تقييم قدرات الطلبة وفقًا لتوجهاتهم، بعيدًا عن معدلهم، وبالتالي فإن هناك خيارات كثيرة تصاغ لمستقبل الطلبة وفقًا للمعدل لا للتوجهات والقدرات الفعلية.

وناقش المشاركون مسألة القدرات والتوجهات التي لا ترتبط بالضرورة بالتحصيل العلمي وتعددت الآراء في هذا الصدد، كما أكد 82% أنه من غير المعقول أن يكون نظام التوجيهي، من يقرر مصير ومستقبل الطلبة.

وبيّنت النتائج أن 64% من المشاركين اعتبروا أن التوجيهي يؤدي إلى زيادة الضغوط على الطالب من قِبل أسرته، وهناك 28% يرون أن الضغوط والتوتر بسبب التوجيهي يمس الأسرة بأكملها وليس فقط طالب التوجيهي.

واقترح المشاركون بدائل لنظام التوجيهي ولم يحظ أي منها بأغالبية، ففي حين يرى 39% من المشاركين مع تعديل نظام التوجيهي يجب أن يتم بالتزامن مع تعديل المسار التعليمي ككل بما فيه التخصصات ومحتوى المناهج، و25% منهم مع توزيع المواد الدراسية لآخر سنتين بطريقة مختلفة، تتيح للطالب اختيار المواد لكل فصل دراسي وتقديم امتحاناتها تمامًا كما يتم الأمر في الجامعة (نظام الساعات المعتمدة).

واقترح 17% منهم تعديل النظام بالترافق مع ترك الجامعة أن تضع اختبارات تتعلق بالتخصصات كمعيار آخر للقبول، إضافة للمعدل، و15% منهم مع الاكتفاء بالتقييم المدرسي لآخر سنة أو آخر سنتين، و 4% منهم مع إجراء امتحان موحد لآخر سنتين دراسيتين واحتساب المعدل وفقًا لذلك.

وأعلنت الأخصائي والمرشد النفسية ريما الكيلاني، تأييدها تغيير نظام التوجيهي، مشددة على ضرورة وجود أداة قياس وتقييم الطلبة لمعرفة اتجاهاتهم المستقبلية.

وذكر الخبير في مجال التكنولوجيا والتعليم صبري صيدم "آن الآوان لديناصورات التوجيهي أن تنقرض مثلما انقرضت ديناصورات سابقة"، مشددًا على ضرورة أن يكون التغيير شاملاً، وبضرورة إعادة النظر في المنهاج وتغييره، وبالاهتمام بالتعليم المهني والتقني وإعطاء المعلم المساحة التي تمكنه من الشعور بالعيش الكريم وربط تطوره المالي بإنجازاته التعليمية.

وشدد صيدم على ضرورة التعجيل بالخطوات والسياسات اللازمة لتعديل هذا النظام، ضمن حقبة إصلاحات شاملة في مسار التعليم المدرسي الإلزامي والعام، بما يترافق مع تعديلات في نظام التعليم الجامعي أيضًا.

بدوره، أكد مدير مدرسة الفرندز الثانوية، محمود عمرة، أنه يجب الاعتراف بالخلل الكبير في نظام القبول في الجامعات، مؤكدًا ضرورة توفر أدوات وطرق للقياس في المجالات والمراحل كافة للطلبة.

وأوضح عمرة أن المنظومة كلها بحاجة إلى إعادة النظر، لكنه حذر من عدم توافر البديل لنظام التوجيهي حال تغييره، ويتفق مع صيدم على ضرورة التقدم بالتعليم المهني وتطوير نظامه.

وأكدت المدير العام للتعليم العالي في وزارة التربية والتعليم، خلود ناصر، على موقف الوزارة من ضرورة تغيير نظام التوجيهي ولكن ليس بطرقة ميكانيكية إنما بالتطور المستمر، معربة عن تأييديها نتائج الرأي العام في الاستطلاع ولكنها شددت على أن يكون التغيير مدروسًا.